حول الاصلاح الاقتصادي وتخفيض قيمة العملة الوطنية (3)

حول الاصلاح الاقتصادي وتخفيض قيمة العملة الوطنية (3)

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

مقدمة

ليسمح لي القارئ أن أذكره ببعض المفاهيم التي يكون من الأفضل توضيحها، وفض الغبار عنها.

منذ بداية العشرينيات من القرن الماضي، أصبحت الدول الكبرى تعتقد بضرورة وجود مؤسسة إستراتيجية تختص برعاية مصالح الدولة في الشئون المالية والنقدية بين المقيمين بها (مؤسسات وأفراد) من جهة، وبين الدول آلأخرى ومؤسساتها في الخارج من جهة أخرى. وبالتالي وجب على كل دولة رشيدة أن تنشئ مصرفا مركزيا يقوم  برعاية إصدار النقد وتداوله بين المقيمين في البلاد من مؤسسات وأفراد، ورعاية المصارف التجارية العاملة في البلاد وفق قانون خاص تصدره الدولة بشأن إ صدار النقود والخدمات المصرفية، وآلإجراءات الضرورية التي تجعل آداء المصرف المركزي ذا كفاءة عالية.

كما يقوم المصرف المركزي بجميع الخدمات المالية والنقدية مع الدول آلأجنبية ومصارفها المركزية، لكي يحدث التوازن المطلوب في ميزان المدفوعات، أي بتجنب العجز في موازنتها بالنقد آلأجنبي، لكي لا تكون الدولة مثقلة بالمديونية للدول آلأجنبية.

ومن سمات المصرف المركزي التي حفظها له القانون هو أنه مؤسسة مستقلة تتمتع بالشخصية آلإعتبارية والذمة المالية المستقلة، وانه مصرف المصارف لأنه يقوم بخدمة المصارف التجارية وآلإشراف عليها ، كما يعتبر مصرف الحكومة ومستشارها المالي وآلإقتصادي، ليكون متعاونا معها وخدمتها في آلأعمال المصرفية وآلمالية . والوظيفة الرئيسة ألأكثر أهمية للمصرف المركزي هي المحافظة على إستقرار أسعار صرف العملة الوطنية في الداخل والخارج، وخاصة في البلاد النامية.

لذلك يلزم القانون الليبي المصرف المركزي بالمحافظة على إستقرار الدينار الليبي في الداخل والخارج، أي إستقرار القوة الشرائية في الداخل،وهذا صعب المنال في غياب التعاون مع وزارة المالية والحكومة عامة، لوضع سياسة مالية نقدية مانعة للتضخم ،واستقرار القوة الشرائية في الخارج يعني إستقرار أسعار الواردات، التي تعتمد على أسعار صرف العملات ألأجنبية،وكلاهما خارج نطاق سلطة مصرف ليبيا المركزي، لكن آلأخير ضمن ألإستقرار الملائم عندما ربط الدينار الليبي بوحدة حقوق السحب الخاصة في 18 مارس  1986، وهذه الوحدة يتم تقويمها بمتوسط متغيرات العملات الرئيسة الخمسة، وهي (الدولار ألأمريكي، اليورو ألأوروبي، الجنيه ألإسترليني، الين ألياباني، واليوان الصيني) مرجحة بإجمالي التجارة ومجموع ألإحتياطيات الدولية من النقد القابل للتحويل لكل عملة. علما أن اليوان الصيني قد أضيف إلى هذه السلة في شهر أكتوبر 2016، بسبب زيادة دوره الملموس في النشاط آلإقتصادي الدولي.

فعلى سبيل المثال تم تقدير قيمة وحدة (ح س خ) بالمقدار 1.39785 دولار أمريكي في 15\10\2018 ،ومقلوب هذا المقدار هو سعر صرف وحدة الدولار بآلمقدار (1\1.39785 = ) 0.723387 و(ح س خ)، (أ ف س –ص ن د – جوجل) وكذلك يمكن الحصول على متوسط سعر صرف الدينار بالدولار بضرب المساوي لو (ح س خ) (1.397850) بالدولار، في المساوي لوحدة الدينار من و(ح س خ )=( 0.5175 ) ،فيكون متوسط سعر صرف الدينار بالدولار يساوي (1.397850×0.5175)=0.723387 دولار، وبالتالي يكون متوسط سعر صرف الدولاريالدينار (1\0.723387)= 1.382386 دينار. ولكن في  نفس اليوم 15\10\2018 أعلن مصرف ليبيا المركزي في صفحته ألإلكترونية، بأن متوسط سعر صرف الدولار بالديناربلغ 1.3848 دينار، وبالتالي يكون سعر بيع الدولار بالمقدار(1.3848 ×1.0025)=1.388262 دينار، وسعر الشراء بالمقدار (1.3848×0.9975)=1.381338 دينار، بآعتبار رسوم بيع وشراء النقد ألأجنبي تم تحديدها عند مستوى 2.5 في ألألف على النقد ألأجنبي المباع أو المشترى، وهو ساري المفعول منذ نشأة المصرف المركزي.

إذ من آلأفضل أن يعلن سعر الصرف من ست خانات على آلأقل، لتفادي أي تحيز يمكن الشعور به مهما كان حده ألأدنى متدنيا، حيث كان سعرا البيع والشراء عند مستوى 1.3882 دينار،و1.3813 دينار على التوالي، بهما تحيز ملموس يمكن الشعور به، إذ لو قربت الخانة الخامسة في سعر البيع لكان السعر في صالح المصرف، وإذا أهمل التقريب الحسابي، كما حصل، فإنه في صالح المشتري. (في هذه الحالة يفقد المصرف ستة دنانيرمن عمولته، كلما تمت عملية بيع لمئة ألف دولار).ورغم أنه أصبج ألإختصار الجديد واسع ألإنتشار، إلا أنه يزعجني لأنه يوسع من هامش ألإنحراف، ونحن نهدف ألإنحراف ألأمثل القريب من الصفر. أما لو كان النشر للغرض ألإحصائي أو السلاسل الزمنية، فيمكن التقريب  عند أية خانة وفق الكفاءة ألإحصائية  المرجوة.

لماذا لا يروق للإقتصادي الماهر تخفيض قيمة العملة الوطنية؟

لا شك أنه توجد علاقة قوية بين سعر صرف العملة الوطنية وأسعار السلع النافعة في البلاد، إذ السعر السوقي للسلعة يحدده قانون الطلب والعرض كما يقول ألإقتصاديون، وكلما إرتفعت ألأسعار، إنخفضت قيمة العملة الوطنية، لأن قوتها الشرائية قد إنخفضت عن القوة الشرائية الرسمية التي وضعتها الدولة لها عند إصدارها.إنما هذا ألإنخفاض في قيمة العملة يحدث كل يوم عند ارتفاع ألأسعار لأي سبب من آلأسباب، ولكن تخفيض قيمة العملة الوطنية بإرادة الدولة دون هدف مصلحة الشعب إنه جرم عجاب. إذ الواجب أن تحافظ الدولة على ثبات قيمة وحدة عملتها لتحكم بين الناس بالعدل.

والمبرر الوحيد عند علماء ألإقتصاد غير المسلمين هو ترويج الصادرات لغرض إستمرار تدفق النقد ألأجنبي للبلاد والحصول على السلع الضرورية لشعبها، وليس لغرض مكافحة الفساد والتهريب لعجز الدولة على مواجهتهم وتوفير الأمن، وهل تخفيض قيمة العملة يوفر ألأمن؟! أم هل تخفيض قيمة العملة الوطنية يوفر التربية والسلوك الحسن للمفسدين!

لو كان ألأمر كذلك لجعلنا مهمة المحافظة على آستقرار النقود وثبات وحدة قياسها، عند وزارة التربية والتعليم، أو وزارة الداخلية، وليس مصرف ليبيا المركزي. علما أنني سبق أن طالبت بتخفيض قيمة الدينارفي الثمانينيات، وبداية التسعينيات، عندما خالفت وزارة الصناعة آلية التنظيم ألإقتصادي، وتجاهلت التكاليف الفعلية في الصناعة،حتى أصبح المسئول في القطاع العام يشتري الدولار بنحو ثلاثمائة درهم عند شراء مستلزمات ألإنتاج، ويبيعه بثلاثة دنانير كسلعة مصنعة محليا بتكاليف عالية جدا، ومحققا أرباحا مجزية، لكنها كانت تستنزف تراكم رأس المال الصناعي البالغ نحو 26 مليار دينار ولا يدري مسئولو الدولة أن الإقتصاد الليبي يصير إلى الهبوط بعجلة متسارعة،حتى أصبحت الحكومة تمارس الدين العام منذ عام 1973، بسبب عدم كفاءة الحكومة في ممارستها للعجزفي موازناتها، فزاد الدين العام المصرفي إلى نحو 8 مليارات دينارفي أواخر التسعينيات. وواجه ألإقتصاد الليبي الركود ألإقتصادي (إنخفاض في آلإنتاج وآرتفاع في آلأسعار) في الثمانينيات، كما واجه شحا في النقد ألأجنبي في أواخر الثمانينيات، وأوائل التسعينيات، حتى وصل صافي النقد ألأجنبي للقطاع المصرفي نحو 271.5 مليون دينار في نهاية عام 1990، وأكثر من ذلك كله أن رصيد الحساب الجاري بالنقد آلأجنبي بالمصرف المركزي الذي يستخدمه للتسوية مع الخارج أصبح هزيلا حتى وصل 11.8 و11.4 و20.8 مليون دينار في نهاية السنوات 93 و94 و95 على التوالي، (طبعا بدون غطاء العملة من النقد ألأجنبي). مما إضطر المسئول ألأول أن يغير رؤية النظام ألإقتصادي من خلال خطبة (أصبح الصبح)، ألأمر الذي أتاح الفرصة للروح أن تعود إلى ألإقتصاد الوطني، وللعقل أن يتدبر الحلول وفق الظروف القائمة.

بدأ تخفيض العملة الوطنية تدريجيا منذ أول شهر مايو 1986 ليكتمل تخفيضه المخطط بتاريخ 15\6\2003  بنحو 81.5% (0.5175 ÷2.8=0.18482 ) -1 =81.5%، أي الدينار الليبي أصبح يساوي 18.5 سنت أمريكي قديم المساوي لوحدة حقوق السحب الخاصة قبل فك إرتباط قيمة الذهب كدعم لثبات قيمة الدولار في نوفمبر 1971، مما زاد الطين بلة في ذلك الوقت، وأضطرت الحكومة ألأمريكية أن تخفض قيمة الدولار بنسبة 7.8935% في نوفمبر 1971، وبنسبة 10% في 13 فبراير 1973 ، مما جعل أمريكا تواجه صعوبات مكلفة بآستخدامها لقوة إقتصادها وتوفير الحماية الممكنة له   من جهة، وبآستخدام كل الطرق الممكنة لجلب آلإصلاح والتعاون معها ، سواء بالترغيب للدول الصديقة، أو بالهيمنة والضغط على الدول ألأخرى من جهة أخرى.

أما بالنسبة للمشهد الواقعي لتطور سعر الصرف بين الدولار آلأمريكي والدينار الليبي (دو\دي) وفق سعر الصرف السائد بلغت قيمة الدينار نحو 3.0400 دولار في نهاية 1971، ونحو 3.3778 دولار في نهاية 1973، ونحو3.186 دولار في نهاية  1986 ،ونحو 3.0769 دولاؤ في نهاية 1993، ونحو 1.8507 دولار في نهاية 2000، ونحو 0.7692  دولار في نهاية 2003، ونحو  0.7026 دولارفي نهاية 2017. (أنظر الجدول) وهنا تجدر الملاحظة أن العلاقة بين الدولار والدينار أصبحت أكثر قوة بعد ربط الدينار الليبي بوحدة حقوق السحب الخاصة في عام 1986 ،بسبب الدور الرئيس للدولار في المساهمة الفعالة في تقويم قيمة و( ح س خ ) بالتعاون مع العملات الرئيسة ألأخرى، كما توجد علاقة طردية بين سعر صرف الدولار مقابل و(ح س خ) (دو\حق)، وبين سعر صرف الدينار الليبي مقابل وحدات الدولار (دو\دي)، إذ إتسمت الفترة (2003-2010) سبع سنوات بإرتفاع قيمة الدولار مقابل و(ح س خ) بمتوسط سنوي 05.2% (5.2 في ألأف)، وفي نفس الوقت بآرتفاع قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار بنفس النسبة (05.2%)، بينما إتسمت الفترة الثانية (2010-2017) بآلإنخفاض في قيمتي العملتين (دو\حق) و(دو\دي) بمتوسط سنوي بلغ 1.69% لكل منهما ،ألأمر الذي يؤكد وجوب المحافظة على هذا ألإستقرار المرغوب،عندما يكون ألإنحراف لا يتجاوز 2%.

بينما مارس مصرف ليبيا المركزي سياسة التخفيض التدريجي إبتداء من عام 1986 بهامش 7.5%، وآنتهاء بعامي 1\1\2002 بهامش تخفيض بلغ 50.318%، و15\6\2003 بهامش تخفيض بلغ 14.885 %، أي بنسبة تخفيض تراكمية بلغت نحو 441.063%،وبما أن عدد التخفيضات كان إثنى عشر تخفيضا خلال ثمانية عشرة سنة، فيكون متوسط نسبة هامش التخفيض الجبري يساوي نحو 12.6%، ويكون متوسط نسبة التخفيض الجبري السنوي نحو 8.4%. وهما كبيران إحصائيا ،ولهما أثر كبير على زيادة التضخم في ليبيا،حتى وصل التضخم التراكمي خلال الفترة (1986-2000) إلى نحو 146% في نهاية 2000 ،ونحو 198% خلال الفترة (2003-2017)، بعد التخفيض التدريجي المذكور أعلاه، وذلك بسبب التخفيض المباشر لقيمة الدينار الليبي من جهة، وعوامل أخرى، مثل التضخم المستورد، وضعف أداء الدولة في إدارة ألأداء آلإقتصادي، من حيث مراقبة ألأسعار، ومنع ألإحتكار، وجشع التجار، وتهريب السلع ذات الدعم السخي ، إلى البلاد المجاورة من جهة أخرى.

أما بالنسبة  للدولار آلأمريكي فإنه  قد خفضت قيمته مرتين: ألأولى بنسبة 7.8935% في نوفمبر عام 1971 ،والثانية بنسبة 10% في فبراير1973، كما تعرض الدولار آلأمريكي  للإنخفاض الطبيعي بسبب التوسع في آلإئتمان والعرض النقدي، بمعدل إنخفاض بلغت نسبته التراكمية نحو 58.02%، إعتبارا من عام 1973 وحتى نهاية عام 2007، أي قبل سنة من إنفجار ألأزمة المالية بشأن التوسع في ألإئتمان العقاري غير الشرعي، مما جعل الحكومة ألأمريكية تتخذ إجراءات منشطة للإقتصاد ألأمريكي، سواء بزيادة التعاون ألإقتصادي مع الدول الصديقة من جهة،وبزيادة ألإجراءات التي تكون في صالحها مع الدول ألأخرى، حتى أن ألإنخفاض التراكمي تدرج في الهبوط ليصل إلى مستوى تراكمي نحو 35.8% في نهاية عام 2017 خلال 43 سنة، أي بمعدل سنوي بلغ 0.83%، وهو مقبول إحصائيا، إذ يمكن التخلص منه  ويرجع  مستوى الدولار كما كان في عام 1970، أو كما حصل بعد التخفيض أن أصبحت قيمة و(ح س خ) أقل بسنتين من الدولار في نهاية عام 1984، علما أن هذه الوحدة ( ح س خ ) قد أعطاها صندوق النقد الدولي قيمة مساوية للدولار ألأمريكي، كقيمة تعادلية في الصندوق ((دولار أمريكي =0.888671 غرام ذهب صافي = و( ح س خ )).

إذا من هذا التحليل للإستقرارالنسبي للدولار ألأمريكي، وآلإستقرار ألأكثر حظا للدينار الليبي، هل يوجد من يعتقد أن الخلل في آلإقتصاد الليبي، قد جاء من الخلل في هيكلبة أسعار صرف الدينار الليبي؟ لا شك أن هذا ألإعتقاد لا يحالفه الصواب مثل  إعتقاد العرب في الجاهلية قبل ألإسلام بوءد بناتهم تفاديا لجلب العار إليهم. إذ قال سبحانه وتعالى (وإذا الموءودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9)) سورة التكوير.يرى المفسرون أن آلآية 9 تقال يوم القيامة على وجه التوبيخ لقاتلها.. بينما الواجب أن يفكر ألإنسان  ويتدبرحياته ألإجتماعية بالشكل الذي يرضاه الدين والمجتمع، ولا حياة رغدة وهانئة لمن ليس له دين. ولكن من آلآية (9) يمكن إستنباط ثلاثة قواعد منها: 1- لا عقاب بدون ذنب، 2- لا يسبق العقاب الذنب، 3- يعتبر العقاب المسبق للذنب بضرر جريمة وجب العدل فيها (والله أعلم).

كذلك بالنسبة للخلل ألإقتصادي الليبي، إنه لعمري قد تراكم معظمه من ضعف ألأداء ألأمني أولا وآلأداء أٌلإقتصادي ثانيا، بسبب غياب المصلحة العامة عند رؤية المسئولين الجدد، مما جعل نسيان مقولة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والرجل المناسب عندي هو الرجل القوي ألأمين، القوي في إرادته ومواقفه، وآلأمين في ذمته ونزاهته، وآلأكثر من ذلك هو أنه إن لم يستطع القيام بواجب المسئولية المنوطة به، إستقال وتركها لغيره، دون التشبت بها وهو عاجز، لأنه آلأمين الذي لا يأكل أموال الناس بالباطل.

وخلاصة القول إن التخفيض آلأول لقيمة الدينار الليبي بنسبة التخفيض التراكمي ( نت\ تر) التي تجاوزت 441%،في 15\6\2003 ،قد أدت إلى تضخم هائج تراكمي إقترب من الخمسة  أضعاف مستواه في عام 1985، لتكون نسبة التضخم التراكمي نحو 490% في نهاية عام 2017. (0.505 -2.979 )\0.505 = -4.899) والتي أدت إلى دينار هزيل لا يشتري سوى نصف خبز مذهون بالزيت، بعد أن كان يشتري في الماضي القريب، نصف خبزمفروش بلحمة تملأُ العين عند الليبي، والعين تأكل قبل ألبطن أحيانا. إذُا لو إفترضنا تناسب إنخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، خلال الفترة  (1986-2017) التي بلعت نحو 79.2% مع تناسب نسبة التضخم الناشئ من  التخفيض لنفس الفترة (490%)، فإن نسبة التضخم التي سوف تنشأ من التخفيض الجديد سوف تكون نحو 400%، لأن نسبة التخفيض الجديد على أساس الدولار ستكون نحو 64.7%، أي ((1-2.83)\2.83 =0.64664 )).

هذا إذا بقيت جميع الظروف على حالها، لكن من المتوقع أن يكون التضخم أقل من هذا المستوى في حالة رجوع تدفق صادرات النفط من جهة ، وتحسن آداء الحكومة في ألأمن أولا، وفي آلية التنظيم ألإقتصادي في جميع القطاعات بدون تفريط  ثاانيا، بآلإضافة إلى مراعاة الحانب ألإجتماعي، وإشراك معظم القطاع الخاص في ملكية النشاط ألإقتصادي، مع توسيع قاعدة الملكية، وغياب آلإحتكار سواء كان في ألإقتصاد آلجزئي أو ألإقتصاد الكلي،وغياب آلإستغلال المسيء للعدالة آلإقتصادية.، عندئذ نكون في توازن مرغوب، يمكننا المرورعلى السراط المستقيم إلى الرفاهية المرجوة.

تطور أسعار صرف الدينار والدولار معا ومع و(ح س خ).

التاريخ دو\حق * حق\دي دو\دي * نت\ح % نت\تر%
1-    ن\1970 1.000 2.800 2.800 ت\دولار ت\دولار
2-   ن\1971 1.08570 2.800 3.0399 7.894% 7.894%
3-   ن\1973 1.20855 2.800 3.3778 10.00% 17.106%
4-   ن\1985 1.0984 2.800 3.3778 ت\د ل ت\د ل
5-   18\3\1986 ربط مع و(ح سخ)
6-   1\5\1986 2.60465 7.5% 7.5%
7-   ن\1986 1.2223 2.60465 3.186 0.0 7.5%
  8-14\3\1992 2.52252 3.25% 11.0%
9- 25\7\1992 2.46696 2.20% 13.5%
10- 1\11\1992 2.413793 2.20% 16.0%
11- ن\1992 1.3750 2.413793 3.3190 0.0 16.0%
12- 19\8\1993 2.2400 3.769 7.76% 25.0%
13- 1\11\1994 1.4599 1.90476 2.7808 17.6% 47.0%
14- 31\10\1998 1.4080 1.57746 2.2204 20.75% 77.5%
15- 20\2\2000 1.51025 4.45% 85.4%
16- 1\9\2000 1.30291 1.42060 1.8507 6.31% 97.1%
17- 19\6\2001 1.25673 1.22378 1.5382 13.85% 128.8%
18- 1\1\2002 1.35954 0.6080 0.8266 50.32% 360.5%
19-15\6\2003 1.48597 0.5175 0.7690 14.89 441.1%
20- ن\ 2005 1.42927 0.5175 0.7396
21- ن\ 2010 1.54003 0.5175 0.7970
22- ن\ 2017 1.35760 0.5175 0.7026
المصدر ص ن د-آي،إف، إس- الكتاب السنوي-1988، 1999، 2008، 2013، 2017. كما تمت مراجعة البيانات الواردة بالجدول، وحساب النسب بها من قبل الباحث.*: تعني أن الأرقام في نهاية السنة.

ومن جهة أخرى،أصبح الدينار يساوي 70.3 سنت أمريكي في نهاية 2017 بعد أن كان يساوي 337.8 سنت أمريكي في السبعينيات، ويساوي أيضا 51.75 سنت من وحدات (ح س خ)،في نهاية 2017 ، بعد أن كان يساوي 280 سنت من و(ح س خ) في السبعينيات، وكان بودي أن يعاد رفع قيمة الدينارإلى مستوى ملائم بعد تحسن أسعار النفط في ألألفية الثالثة، لكن للأسف تتمتع الحكومة بزيادة ألإنفاق النقدي ولو كان على حساب زيادة التضخم، لهذا فهي لا تجرأ على تجربة رفع قيمة العملة الوطنية، ولو كانت دعما لصالح بعض القطاعات ألإقتصادية بزيادة إنتاجها، ودعما لذوي الدخول الضعيفة والمتوسطة لتحسين مستوى معيشتهم، إذ العبرة بالإنفاق الحقيقي الذي يتيح الفرصة للصناعة المحلية أن تنمو، ولمستوى معيشة الفقراء أن يعلو.

لكن لا ننسى أيضا أن آلإنسان يتأثر بآلإبهار النقدي فيبخس قيمتها عند كثرتها، وفق نظرية المنفعة، حيث المنفعة الحدية للنقود تتناقص بآستمرار دون أن تصل إلى الصفر، بينما السلع ذات المنفعة المباشرة، كل منافعها الحدية تتناقص، ولكن سرعان ما تصل إلى الصفر،لأن مستهلكيها قد وصلوا درجة ألإشباع.

أما بالنسبة لجامعي النقود (عملة، ودائع تحت الطلب، أو لأجل وادخار) ليس لها درجة إشباع معينة، لأنه لا توجد منفعة في ذاتها، حتى يأكلها أو يلبسها أو ينام عليها، فيشتري السلع التي تشبع حاجاته، من الغذاء والملبس والمأوى وغيرها، وتبقى  السيولة  فقط في المصارف أو المخازن حسب مستوى ثقافة وخبرة أصحابها..

يتبع إن شاء الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

التعليقات: 3

  • مؤيد عمر النجار

    يا دكتور توفر السيولة سيزيد من سعر الدولار مباشرتا.. علاقة طردية

  • محمد درميش

    ابدعت دكتور نوري لك منا فائق التقدير والاحترام

  • مواطن ليبي حر

    شكرا على مجهودك الملحوظ د. نوري وبارك الله فيك، وددت لو تفضلت علينا بالإجابة عن هذا السؤال في مقال تشرح لنا فيه ملابساته وتفاصيله الدقيقة : هل الإقتصاد الليبي اقتصاد مستقل أم هو اقتصاد خاضع لرساميل البنك الدولي وسياسات الاحتياطي الفيدرالي ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم كما يعي المتمعنون في وضع اقتصادنا واقتصاد الدول العربية كافة ومعظم أوروبا أيضا، فلماذا لا يبحث الإقتصاديون الليبيون – بدافع وطني مخلص – تخليص اقتصادنا من هذا الخضوع غير المبرر والتوجه نحو بناء اقتصاد ليبي مستقل بذاته ؟ وبالطبع مع استمرار تبادل المنافع والمصالح المشتركة بين اقتصاديات الدول النامية والمسيطرة والتي على رأسها سياسة الاحتياطي الفيدرالي والبنك الدولي المسيطرة على اقتصاديات عديد الدول والتي منها اقتصادنا الليبي، لدينا الثروات الطبيعية والمقومات التي تؤهلنا للاستقلال باقتصادنا ولكن يا ترى : ماذا ستكون ردة فعل الوجوه ذات النجمات السداسية التي تقف وراء ضمان بقاء سيطرة اقتصاد البنك الدولي والاحتاطي الفيدرالي على اقتصاديات دول العالم ليضمنوا بذلك السيطرة على هذه الدول سياسيا واجتماعيا فالدولاب الذي يحرك عجلة السياسة والإعلام هو دولاب الاقتصاد وعندما تستمر سيطرة الرأسماليون القدامى على على هذا النظام الاقتصادي العالمي الموحد الذي يخدم أقلية ليست بعربية ولا أوروبية ستستمر سيطرتهم على هذه الدول سياسيا واجتماعيا .. والعكس صحيح. فلماذا لا تعملون على تحقيق عكس ما يصنعون ؟! اظهروا حقيقتهم إلى العالم بطريقة سلمية وسترون كم أن الذين يناشدون بالسلم من خارج أوطاننا هم من يصنعون الحروب بها.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً