خذ الحكمة من أفواه المجانين

خذ الحكمة من أفواه المجانين

أن يغيب التحكيم كملجأ لحل الخصومات بين بعض الأطراف داخل الوطن الواحد ليبيا بشأن قضايا قد لا تتمكن جهات أخرى من حسمها، وأقول ان غياب التحكيم كوسيلة للمعالجة فلا يعني اللجوء إلى محكمين تحت ضغط البحث عن حلول، ولنا في الآية الخامسة والثلاثين من سورة النساء ما يجعل أفق التحكيم فضاء مفتوحا بقوله تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا). صدق الله العظيم

التحكيم من الحكمة، والحكمة عطاء العقل الراجح والناجح والذي يستحق أن يكون قوة استقطاب يتم اللجوء إليه لفض منازعات وإقرار حقيقة الخلافات ، وإذا كنا نحن الليبيين نمتلك هذا الرصيد الكبير منه فإن الأمثلة لا تحصى على إيقاعه، وأعتقد أننا ذهبنا بعيدا جدا إليه بالتوصية التي تقول (خذ الحكمة من أفوه المجانين)، حتى نصل الى اتفاق يرضي الجميع ونبتعد عن الخلافات المتواجدة حاليا والمنتشرة بيننا ، ومع كثرة المجانين الذين يمتطون صهوات السياسة بدون رادع فإننا الآن أحوج من أي زمن آخر إلى الإمساك بأي حكيم لحل قائمة طويلة من الخصومات تمتد على مساحات كبيرة في وطننا ليبيا ، أو على مسافات من التناقضات والخلافات بيننا, إننا نعيش الآن حياة قلقة زاخرة بالمزيد من احتمالات الانهيار الكلي والدخول ضمن مجموعة الدول الفاشلة، ولذلك لا بد من الحكمة والتحكيم إذا تعطلت الفرص الأخرى.

اقول ان جزءا بسيطا من رصيد الحكمة والتحكيم يستطيع أن ينتشل الدولة الليبية  من جحيم الهلوسة الأمنية والسياسية، ونستطيع أن تعيد الحياة إلى فرص تنموية مشتركة ما زالت مركونة بعيدًا عن أيدي التنفيذ, واقول أيضا ومن ذات القناعة توافر الفرصة من أجل أن نعيد للعقل السياسي الليبي  صفاء النية والأمل، والحسبة المعقولة اذ نبتعد  عن الإعلام المسيس الذي لا وظيفة له سوى التأجيج والتحريض وزرع ألغام وخلافات بيننا  وأقوال كذلك  أن الالام   المتواجدة  حاليا  بحاجة ماسة أن نضعها  على طاولة اهتمام مبدأ التحكيم لإنهاء الخلافات الدموية ونشر الفتن والكذب السائدة بيننا بعد ثورة 17 فبراير  مع تفعيل الاتفاقيات التي وقعت بين الاطراف المتنازعة بداخل الوطن وخارجه.

في كل ذلك من النصوص والأعراف والقيم والمبادي الانسانية يظل التحكيم الصادر عن العقل بإرادة ذاتية على رأس أولويات التوجه الصحيح ففي هذه الخطوة ينتصر العقل المتحرك الى الاصلاح وفي ذات الاتجاه أسأل في الاخر.. ألا يوجد عقل سياسي واحد حكيم يقول كفى بنا من هذه الخلافات والرجوع الى العقل والحكمة وحينها يحقق انتصاره المشرف في حقن الدماء ومن بعد ذلك الوصول الى قيام دولة القانون والمؤسسات التي لطالما حلم بها الليبيين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً