ديوان المحاسبة يطلق صفارات الإنذار

ديوان المحاسبة يطلق صفارات الإنذار

د. سليمان سالم الشحومي

‏مؤسس ورئيس مجلس إدارة سوق المال الليبي السابق

صدر تقرير ديوان المحاسبة عن السنة المنتهية في 31/12/2015 وجاء هذه المرة أكثر وضوحا وشجاعة في تعرية الفساد المستشري في مؤسسات الدولة الحكومية وشبه الحكومية، وإطلاق صافرات الانذار معلنا للجميع، أنقذوا الوطن ايها المتخاصمون فلن ولن تجدوا ما تتصارعون من اجله في عاجل الايام.

أبرز التقرير في مقدمته ملامح المرحلة تحت مسمي ملامح الوضع المالي والاقتصادي للدولة خلال العام 2015 وجاء فيه الاتي:

  • استمرار اقفال الحقول والموانئ وتدني انتاج النفط وانخفاض الاسعار العالمية.
  • تضاعف خسائر اقفال الموانئ وما تبعها من خسائر في الاصول والخزانات النفطية.
  • تدني اداء المؤسسات المسؤولة عن الموارد البديلة للنفط.
  • عجوزات مركبة في الميزانية والاحتياطيات واستمرار تمويل الميزانية بالعجز.
  • انخفاض احتياطيات النقد الاجنبي.
  • ضعف هيكل الدولة وتدني الاداء الحكومي وعدم إدراك المسؤولين لخطورة الوضع.
  • استمرار الهدر في الانفاق من خلال التوسع في التعينات والانفاق الغير ضروري.
  • استشراء مظاهر الفساد عبر استغلال حالة الانقسام عبر تسابق الحكومات المزدوجة في ابرام التعاقدات وإنفاق الاموال وفوضي التعينات وتنامي عمليات غسيل الاموال والتهريب للخارج والتوريدات الوهمية والتلاعب في العقود والمشتريات والتهرب من سداد مستحقات الدولة والتلاعب في الحسابات المصرفية.

واشار التقرير الي ان العجز في الميزانية بلغ 25 مليار تم تمويله جزئيا من بواقي الميزانية وأغلبه من مصرف ليبيا المركزي وبين ان ازمة اقفال الموانئ كلفت الدولة الليبية خسائر قدرها حوالي 99 مليار دينار. اما أخطر الاوضاع والتي تعد كارثية بكل المقاييس هي انحدار احتياطيات المصرف المركزي في الخارج الي 39 مليار دولار نهاية عام 2015 بعد ان كانت 115 مليار دولار في عام 2012 بسبب اقفال الموانئ وعدم تصدير النفط.

ومن المفارقات الغريبة التي نستنتجها من تقرير الديوان ان الايرادات الضريبية المحصلة لا تتفق مع حجم الانفاق من الميزانية العامة وخصوصا العقود المبرمة مما يشير الي الفساد الكبير كما ان الايرادات المحصلة من مصلحة الجمارك والتي بلغت فقط 46 مليون دينار في بلد يعتمد بالكامل علي الاستيراد من الخارج وتفتح فيه الاعتمادات بالمليارات والاغرب ان هذه الايرادات الضحلة لا تكفي لسداد مرتبات جهاز الجمارك التي بلغت 257 مليون، فأي مهزلة هي تلك؟ واي نهب وتسيب هو الذي يسيطر على مؤسسات الدولة؟ والتي يفترض ان واجبها الاساسي المساهمة في الحفاظ على حقوق الدولة المالية وجباية المال العام.

وتعرض التقرير الي ان الجهاز ضبط 125,000 حالة ازدواج وظيفي فعلي ، وقام بإيقاف واستبعاد 39,500 حالة تعاقد وتعيين تمت بالمخالفة بدون وجود مخصصات مالية ، وان بعض الجهات العامة قامت بتقديم اكثر من 1000 مستند مزورة ، وقام الجهاز بضبط 595 حالة صرف مرتبات لأشخاص دون السن القانونية بقيمة تبلغ 5,707,452 دينار وضبط 10,710 حالة صرف مرتب لأشخاص بلغوا السن القانونية للتقاعد بقيمة 167,65,348 دينار وتبين للجهاز وجود 4,310 موظف لا ينتمون لكيان جهة ادارية معتمدة كما ان الديون كشف عن جملة من المخالفات المالية والادارية في اغلب المؤسسات الحكومية الليبية وتعرض لازمة السيولة الحالية والقي باللوم علي المصرف المركزي وضعف قدرته علي ادارة الازمة وايجاد الحلول الناجعة  ومن المفارقات المضحكة والمبكية  في نفس الوقت  قيام لجنة الاعداد لبطولة افريقيا 2017 لكرة القدم التي سحب تنظيمها من ليبيا بشراء 25 سيارة  بقيمة مبالغ فيها ، لست ادري ربما كانت هذه السيارات  لزيارة الدول الافريقية وشكرها علي دعمها سابقا لإقامة بطولة افريقيا لكرة القدم.

هذا غيظ من فيض مما قدمه ديوان المحاسبة المالية عن الاوضاع المتردية في ليبيا والتي تنذر بحجم الكارثة التي قد تقع إذا استمرت هذه الاوضاع المتردية.

التقرير قدم جملة من التوصيات والمقترحات لتدارك وانقاذ ما يمكن انقاذه وان كانت جلها في تقديري هي تكرار لما قدمه في سالف السنوات السابقة ولكن من المهم ان يقوم المجلس الرئاسي الان بتشكيل فريق مالي متخصص يضع لكل المؤسسات الحكومية قواعد تضمن الحد من هذه الخروقات والانهيارات في جسد الدولة الليبية اعتمادا على ما جاء في هذه التقارير وتوصياتها.

الواقع ان المسؤولية ستكون ثقيلة جدا علي المجلس الرئاسي وفريق الوزراء الاقتصادي والذي بالتأكيد هو في حاجة ماسة الي اقرار خارطة طريق اقتصادية  تشمل ترميم الوضع الاقتصادي ومجابهة الفساد وتحسين قدرة المؤسسات الحكومية علي تطبيق القانون وتحقيق الانضباط المؤسسي فلامجال الان ابدا في ليبيا لاستمرار هذا التلاعب والاهدار في المال العام والذي بدون شك ضحيته المواطن البسيط الباحث عن ابسط مقومات العيش الكريم ،هذا التقرير لابد ان يتم اعادة انتاجه ونشره بشكل يمكن للمواطن ان يفهمه حول كل مؤسسة من مؤسسات الدولة ولا غنى لنا عن العمل بشفافية واضحة حتي نتمكن من ترميم الوطن المنهك بجراحات وطعنات بسيوف ابنائه الاشاوس المنقسمين والمتصارعين .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. سليمان سالم الشحومي

‏مؤسس ورئيس مجلس إدارة سوق المال الليبي السابق

التعليقات: 1

  • ابو عبد الله

    ما جاء فى المقال التقرير هذا ما هو الا قيض من فيض ؟ ليبيا كانت اصلا عباره عن دوله مملوكه لشخص ؟ طيلة 42 عاما يتم تسيرها على اساس المالك الواحد , بعد 17 فبراير اصبحت ملكيه مشاعة لكل من نهب السلاح وامتشقه ورتب اموره على نهب ما يمكن نهبه من ثروات مبعثره لا احد يعرف لها اول ولا اخر , فى الداخل والخارج . اموال عقارات مجوهرات شركات واشخاص يديرون اشياء شبه مملكه لهم ؟
    كان من الطبيعى ان نصل الى ما نحن عليه والقادم افظع !!! (سوى فى حال واحد صعب توفره وهو هذا المجلس ان واعى ربه فى وطنه من الممكن ان يفعل شيئا رغم الاستحاله )

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً