رسالة إلى رئيس الوزراء المُقال علي زيدان

رسالة إلى رئيس الوزراء المُقال علي زيدان

لَكَم تمنَّيتُ وتمنّى معي جُلّ الشعب الليبي أن لا تُقال قبل أن يَرحَل مَن أقالك مِن المتفنِّنين في صنوف الخداع والغشِّ والتلاعب والاحتيال ، ليس لرضانا عن إدارتك المتخبِّطة والمتعثِّرة والتي لم تدخُل فقط في ” مماحكات ” بل أيضًا في مساومات على حساب الوطن ، ولكن لأنَّ هناك أولويّات ففي الهمِّ ما نختار لِعِلمِنا أنّه ليس بالإمكان حلّ الحكومة والمؤتمر بنفس الوقت.

لقد بدأتَ فترة رئاستك للوزراء بوعود زائفة لتحقيق أحلام ورديّة هلاميّة لم يصحبها خطّة عملٍ واضحة ، وتقمّصتَ دور الشخص الحازم الصارم فانتهى الأمر باقتيادك من غرفة نومكَ بملابس النّوم ، وخرَجَ مَن اقتادوكَ في مؤتمرٍ صحفي أُعلِنَ قَبلَه عن مكانه وزمانه ، ولَم يُفلِح لا القضاء الذي ما فتِئتَ تمتدحه وتشهد بنزاهته ( وها أنتَ تهرُب من محاسبته بعد إقالتِك ) ولا أذرُعه التي كنتَ تُقَطِّب جبينك وأنت تُلَوِّح باستخدامها.

تَحجَّجتَ في فترةٍ مبكِّرةٍ بعدم تسييل ميزانيّةٍ كانت ستفعل العجائب لو أنّها رُصِدت في عهد الفساد السابق، فتمَّ تسييلها ومعها أيضًا ميزانيّة إضافيّة طلبتَها مِن المؤتمر في عهد الفساد الأكبر بشهادة المؤسسات الدولية ، ولَم نَرَ شيئًا يُذكَر على أرض الواقع سوى المزيد من الانهيار على كافّة الصُّعُد وتشهد بذلك أيضًا المؤسسات الدوليّة.

انفردتَ بالقرار وآثرتَ أن تحشر أنفكَ بكلِّ شاردةٍ وواردة،فكانت النتيجة أن خسرنا خيرة وزرائنا مِمَّن كان لهم خُطَط لجعلِ البلد أكثر أمانًا وتنمية ، وأبقيتَ على بيادِق تُؤمَر فتُطيع لَم تَترُك لهم حتّى حُرِّية التصريح بالمؤتمرات الصحفيَّة عن ما يتعلَّق بقطاعاتهم فكنتَ تُقاطعهم بين الحين والآخَر لتُضيف أو تُصَحِّح ، ولذلك أقلتَ وزير داخليّة محترَم ومُتمكِّن لتترُكَ ذاك المنصب شاغرًا وكلَّفتَ بتسيير الوزارة مَن كان يُصرِّح المَرَّة تِلو المرّة بأنّه يعلم أسماء المجرمين وسيتمُّ القبض عليهم بكلِّ تأكيد في ظرف مُدَّة معيّنة فتمضي ويمضي غيرها ليصبح عرقوب أكثر حرصًا منه! ، وتُقيل وزير دفاع أراد أن يُسَيِّر وزارته بمِهنِيَّة لتُبدِلهُ بمَن وعَدَنا مُنذُ أكثر من سبعة أشهر بأنَّ ليبيا سيكون لها جيش مُوحَّد وستختفي الميليشيات خلال ستَّة أشهر،وتمضي المدّة لنَجِد الفوضى قد عمّت أكثر حتّى وصَلنا حافّة الاقتتال، ليَختِمَ انجازات وزارته بافتتاح مشروع ملعب كرة قدم ويُوقِّع بالإمضاء الشهير على تلك الكرة المحظوظة! تاركًا المجال لوزير الثقافة لتَغطِيَة جزءٍ يسير من عجزه ، فكانت المكافأة من مؤتمر العار تكليفه كرئيس مؤقَّت للوزراء!.

أبقيتَ على وزير العدل الذي لا يُتقِن إلا التلاعب بالألفاظ

والذي وعَدَ وأكَّدَ أنّهُ سيستقيل إن لم يتمّ الكشف عن قاتلي

المرحوم بإذن الله عبدالسلام المسماري ومَضَت الأسابيع والشهور والعام ولم يَفعَل.

أمّا عن الخارجيّة فما يحدث فيها هُوَ العَجَب العُجاب،مِن

ابقاء أساطين نظام القذافي إلى تعيين محاسيب أعضاء

المؤتمر وأُمراء الحرب بالسفارات بأعدادٍ بالكاد تستوعبها

مقار السفارات وُقوفًا ورُبّما جُلوسًا!، وبِدُوَلٍ لا وجود لتمثيلٍ

دبلوماسي لدوَل عظمى بها ، وإذا أردنا أن نستعرض

إنجازات الوزارات الأخرى في حكومتكَ مِن الكهرباء

وانقطاعاتها إلى المواصلات وإنجازاتها العملاقة إلى التعليم واستمرار تدميره الذي كان ممنهجًا ولا زلنا نسلكُ فيه نهج النظام السابق دون أي محاولة لإيقاف تدهوره إلى قطاع الصِّحّة المُتَوَفّى وغيره فلن تكفينا عشرات الصفحات.

لقد كُنتُ يا سيِّد زيدان في بادىء الأمر من المستبشرين بانتخابك رئيسًا للوزراء مدفوعًا بتاريخٍ لا يُنكِرهُ إلا جاحِد، خُصوصًا في بدايات ثورتنا المباركة، والذي تَحرص أن تَمنَّ به علينا في كلِّ مناسبة فَتَصِف نفسك: ” أنا مُناضِل ” َبَدَل أن تَتحَلّى بالنُّبل وتترك غَيرك يتحَدَّث بهذا وحتّى وإن لم يفعلوا فهو تاريخ مُسَجَّل ، والنِّضال إن سُخِّرَ لتُقبَض أثمانه فقد حادَ عن هدفه ودخل خانة الشُّبهات. مرَّت الأيّام وتحقَّقَ ما قاله طرفة بن العبد: ” ستُبدي لك الأيّام ما كُنتَ جاهِلًا….” فاكتنفَ مسيرتكَ الغموض بدءًا من عدم القطع بامتلاكك الجنسيّة الألمانيّة من عدمه ( وبالتالي امتلاكك للجنسيّة الليبيّة من عدمه!)، وكيفيّة سفرك ( أو هروبك ) مؤخَّرًا يُلقي بظِلالٍ كبيرةٍ من الشكِّ حَول هذا الموضوع ، إلى التورّط في دفع رشاوى وتبريرها بطريقةٍ سمجة إلى الانتهاء بما يُشبه

الإنكار ، إلى شراء ذمم بعض أعضاء المؤتمر وقد عبَّرتَ عن هذا بما قد يصِل لدرجة التصريح في تحدِّياتك السابقة

للمؤتمر بحجب الثِّقة عنكَ إن استطاع ، ولا ننسى تعَدِّيكَ على الصلاحيّات بالدخول في اتفاقيات سياديّة لا تُقَرُّ إلا بحكومةٍ دائمةٍ وبرلمان مُنتَخَب.

إن كنتَ ستخرُج علينا كما أتوَقَّعُ بتصريحات تحاول فيها تبرئة نفسك ورَمي كُلّ الاخفاقات على المؤتمر بما عَلِمنا من فشله فالأولى أن تصمُت ، وإن كُنتَ تكنّ لليبيا الحُبّ وتسكنكَ الوطنيّة ( وليسَ بالضُّرورة المواطنة !) فلتفعل مثل ما نقول:

” تنكت الشكاره ” ولتُصرِّح بما خفِيَ عنّا لكنّنا نستشعره، وقُل

ما عَليكَ وعلى غَيرك فأنتَ الآن حُرٌّ طليق لا يستطيع لَجم لسانك أحد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً