زيدوا “أرفسوا” زيادة المرتبات يجب أن تكون للجميع!

زيدوا “أرفسوا” زيادة المرتبات يجب أن تكون للجميع!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

للأسف الشديد وفي ظل حكومتين ومجلسين تشريعيين تتوالى عمليات العبث بمصير هذا الشعب المكلوم، من خلال جملة من الإجراءات في شكل قرارات غير مدروسة ولم تراعى فيها حالة البلد الاستثنائية، أنه على كثرة العبث الذي طال كل مناحي الحياة وكل القطاعات رأيت أن اتناول في هذه المقالة جانبا واحدا وهو ما يتعلق بموضوع المرتبات، فقد كثرت المطالبات بزيادة المرتبات من قبل فئات متعددة من الشعب الليبي وقد لجأ البعض الى الإعتصام والإضراب وغيرها من مظاهر الضغوط المختلفة على اصحاب القرار ليجبروهم على الإهتمام ومن ثم يلبون رغباتهم.

لقد صار شائعا في ظل هذا “الرفس” العشوائي الركون إلى مبدأ “اصرخ لتنال” وهو لعمري مبدأ غير سليم قياسا على حفظ الحقوق للجميع وفق القانون الذي يضمن ذلك بعيدا عن حالات الصراخ وما شابه! ليس الإعتراض على مبدأ المطالبة بالحقوق التي يكفلها القانون لكن الإعتراض هنا على الطريقة والأسلوب الذي تتم به المعالجة وهنا لن يكون نقدنا موجها للمطالبين بالحقوق لكنه الى اصحاب القرار الذين يحاولون تنفيذ تلك المطالب بإنتقائية معيبة وبدون اي تبصر ورويّة ، وهم بذلك يؤكدون على احقيّة نقدهم ولومهم من كل مراقب يهمه الشان الليبي!، ويدفعوننا للقول انهم يلبون مطالب الصارخين لا امتثالا وتقديرا للحقوق ولكن فقط لإسكات تلك الأصوات في محاولات لتحصين انفسهم من غضبتهم!.

ان المنطق السليم يحتّم على اصحاب القرار ان يدرسوا بعناية قراراتهم وان يدركوا النتائج التي قد تترتب عنها وأن يراعوا في ذلك مسئولية هذا الشعب وأجياله اللاحقة، وحتى لا تكون عملية زيادة المرتبات مجرد استجابات وردود افعال وقتية في شكل معالجات عشوائية رأيت ان يعي صناع القرار الإعتبارات التالية:

  • إن مرتبات العاملين في القطاع العام وفي كل دول العالم تخضع لقانون موحد يسمونه قانون المرتبات ولدينا نحن هذا القانون وقد صدر في العام 1981 وهو من أجود القوانين، غير أن تجميد زيادة المرتبات هي التي جعلت مرتبات العاملين في القطاع العام غير مناسبة ومتدنية. وهذا يعني أن العيب ليس في القانون انما في آلية التنفيذ.

 

  • إن وزارة العمل بالتنسيق مع وزارات التخطيط والمالية والإقتصاد هي من تقرر نسبة زيادة المرتبات خلال فترات زمنية محددة وبشكل دوري من خلال دراسات تواكب الوضع الاقتصادي والتغيرات التي تحدث في مستوى المعيشة بما يضمن المحافظة على القيمة السوقية المناسبة للمرتبات والتي تتصاعد مع الزمن
  • إن القاعدة في تقدير مرتبات العاملين تخضع لمبدأ التراتبية في الدرجات الوظيفية مدعومة بإعتبارات الوضع الإقتصادي وبسماحية التعامل مع حيثيات الوظيفة من حيث النوع والخطورة والخبرة والكفاءة وغيرها، وينظم القانون الحدود الدنيا والقصوى للمرتبات، كما تحدد اللوائح المفسرة للقانون الحالات بالتفصيل حسب كل نشاط.

وتأسيسا على ذلك فإن ألأجدر بصناع القرار في ليبيا اليوم الأخذ بما يلي:

  • الحجم الكبير للعاملين بالوظيفة العامة وما يعنيه ذلك من تأثير أي نسبة للزيادة مهما صغرت على الميزانية العامة
  • الزيادات الغير مدروسة في القطاع العام قد تحد من نشاط القطاع الخاص وتخلق منافسة تدفع بالكثير من القوة العاملة الى الإنتقال من القطاع الخاص الى القطاع العام
  • الزيادات الانتقائية الغير مدروسة تسبب في زيادة الضغط على القطاعات ذات الرواتب العالية، ناهيك عن حالة الغبن التي تخلقها في القطاعات ذات المرتبات المنخفضة!
  • الوضع الغير مستقر الذي تعيشه ليبيا اليوم وتعدد الحكومات، وما يعنيه ذلك من تداخل وعدم شمولية

الحل إذا:

حيث إن الأساس في الموضوع هو تحقيق العدالة بين جميع موظفي القطاع العام وإلغاء أي تمييز لأي من القطاعات وأن المعيارية تخضع فقط للتراتبية في الدرجات الوظيفية دون غيرها، وبالتالي تجاوز حالة الارباك والفوضى الحالية وتجنب وقوع الكثير من المطالبات من مختلف القطاعات، وينبغي التنبيه ايضا الى أن الزيادات الغير مدروسة قد تساهم في ارهاق الميزانية العامة للبلد على حساب استقرارها الإقتصادي والمالي وكذلك في تقليص دور القطاع الخاص الذي ينبغي الاهتمام به ودعمه لا عرقلته، فإن الحل يكمن في:-

اجراء تعديل لقانون المرتبات رقم 15 لسنة 1980م بما يتلائم مع الوضع الحالي وإلغاء كل الزيادات التي عملت بما في ذلك مرتبات النواب والوزراء وما في حكمهم وكذلك قطاعات الرقابة والمحاسبة والقضاء وغيرهم.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 5

  • علي عبدالله

    ( زيد المي زيد الدقيق )
    حل هروبي جبان إضافة إلى كونه غبياً ، والهروب لا يحل مأزماً ولا إشكالاً ، بل يفاقم كل ذلك ، وإذا كنت سأتفق مع كاتب المقال حول رؤيته التي تمحور الحل حول الجانب التشريعي والقانوني ، فسأضطر إلى لفت نظره إلى أهمية تجذير ألبحث فيما نواجهه من معطيات واقعنا من رؤى وآراء وممارسات مجانبة للفهم المستنير ، لا بل وللصواب المباشر الذي تلمسه البديهة ولا يحتاج منا إلى إعمال فكر ، وأيضا كي لا يكون خيارنا ( وهو هنا الحل القانون ) تجزيئياً وحتى هروبي ، ذلك أن القانون ليس اساسياً ( بقدر ما هي الأخلاق مثلاً ) في البناء الثقافي للمجتمع الانساني ، إذ يجئ التشريع كمكمل وكمحاولة لسد ما قد يعتور الأسس الأخلاقية للعقد الاجتماعي القائم في المجتمع ، وبإلقاء ضوء هذا الفهم على واقعنا الليبي الراهن لا أعتقد أنه مفاجئ أن نلمس ، ليس فقط جهلنا ، بل والأدهى ( تجاهلنا للقانون ، وهو أمر يستبطن بقدر ما يعلن ( دون قصد ولا وعي بالتأكيد ) مدى التردي الأخلاقي الذي نعايشه ونعيشه ، وهو تردٍ يتجذر بدوره في الثقافة ، فأزمتنا بالأساس معرفية ثقافية ، قد تحل قانونياً ،لكنه سيظل حلاً جزئيا ومؤقتاً يسقط حالماً نكتسب أساليب إضافية للإلتفاف عليه وإسقاطه في أتون الابتذال السائد ، ولذا يبقى الحل ( برأيي المتواضع ) كامناً هناك ، في الثقافة ، وفيما نبذله من جهد للتحرر من رؤى ومفاهيم المتاح والمتداول ، ومن مساوئ ثقافة ( أنا خير منه …. )
    بقي أن أشكر السيد كاتب المقال على طرحه القيم .

  • عبدالحق عبدالجبار

    د. عبيد بالله عليك يا خوي في من تكلم …. إللي تحكي عليه نوع من النظام …. فكيف تتنظر من الذين لا نظام ولا شرعيه لهم ان يفهموا …. هؤلاء مَش يرفسوا بس هؤلاء يعفسوا حشاك

  • بركة

    الحل عند الإخوة الخبراء في برلمان طبرق والمتمثل في تعديل القانون 15 السابق وإلزام كافة الجهات العامة به على غرار قانون رواتب النواب الذي وصل إلى 30,000.0 تلانون ألف دينار شهريا ولا ننسى المزايا والتامين الصحي ….الخ ربنا أيفرج على البلاد والعباد ولا حول ولاقوه إلا بالله العلي العظيم ..

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً