سياسة عرض النقود في دول الخلافة الاسلامية “3/3”

سياسة عرض النقود في دول الخلافة الاسلامية “3/3”

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

4) كيف يكون اختيار الوحدة النقدية ذات الاستقرار الممكن اليوم؟

قبل ألإجابة على هذا السؤال يتطلب منا أن نعرف هيكلية ألإقتصاد الذي نعيشه من جهة،ومدى وجود شرايين ( أو إمكان وجودها ) في جسم ألإقتصاد تتدفق بالإيرادات ومدى حجمها من جهة ثانية،ومدى تدفق النقد ألأجنبي إلى هذا ألإقتصاد من جهة أخرى.وهذا يعني أن ألإقتصاد الذي نعيشه، تتوفر فيه آلية ألإنتاج المحلي سواء كان إنتاجا زراعيا وصناعيا كما هو في مصر، أو ريعيا كما هو في ليبيا. أما بالنسبة لتدفق ألإنفاق ألإستهلاكي المحلي والخارجي، إن زاد عن حده المقبول ،واجه ألإقتصد العجز في موازنة الدولة وفي ميزان المدفوعات . إن كانت للإقتصاد حكومة قوية كما ينصح ألأستاذ آدم سميث، فيتم العلاج من خلال إقصاديين مهرة يمحقونه من جدوره،بينما في غبابها لا تستطيع تنفيذ العلاج الصحيح المر،فينتشر المرض إلى عدم إستقرارأسعار الصرف، وربما إلى تخفيضه عند مستوى موجع، فيضيع جزء كبير من ألأصول النقدية للإقتصاد فثخسر البلاد. إذن ألإقتصاد المعافي هو أول قاعدة قوية تشد أزر سعر الصرف، وتدعم إستقراره.ومن شيمة الإقتصاد المعافى هو الذي يميل إلى التوازن في المدة الطويلة، لا إفراط ولا تفريط، وإن حصل عجز، فآلأفضل أن يلحق بفائض دعما للتوازن.

أما القاعدة الثانية والدعامة ألأولى لقوة العملة الوطنية هي بناء غطاء قوي محكم بالقانون من الذهب والفضة،يحافظ على قيمة العملة الوطنية، ويدعم إستقرارها،وهذه القاعدة هي ألأكثر ثقة لحامل النقد من جهة،وآلأكثر رغبة له فيها من جهة أخرى.لكن الواقع الذي جعل معدل تطور إنتاج الذهب والفضة، أبطأ بكثير من معدل تطور حجم التجارة الخارجية، ألأمر الذي جعل معظم بلدان العالم إلى عدم اللجوء إلى قاعدة الذهب ،وإن لجأ إليها بعض الدول ، فآلمدة لا تطول كما جصل في القرن العشرين، لأن الذهب ذو ندرة في إنتاجه وفي وفرته..كانت الولايات المتحدة هي آخر من أبطل ألإرتباط بين الذهب والدولار، رغبة منها في عدم نقصان رصيدها من الذهب .

أما بالنسبة للقاعدة الثالثة التي تقوي وتدعم العملة الوطنية هي بناء إحتياطيات من النقد ألأجنبي والعملات القابلة للتحويل،بما فيها الذهب النقدي.وهذه القاعدة جيدة إذا توفر الفائض بآلإحتياطي اللازم، بينما لو حصل قصور في ألإحتياطي، بسبب العجز في ميزان المدفوعات ، وأن جزءا من غطاء العملة المصدرة كان بسندات دين محلية، ربما يكون العلاج صعبا في هذه الظروف، .وبالتالي لابد من توفر إقتصاد شيمته الفائض وليس العجز،للمحافظة على التنمية المستدامة ودوام ألإستقرار.ولمعرفة مدى إمكاننا على دوام ألإستقرار، وجب علينا الحذرفي إختيار عينة من إحصائيات أسعار الذهب والفضة،لا تقل عن ربع قرن من السنين، ليكون قرارنا المعتمد على التحليل العلمي، هو ألأقرب إلى الصواب ( إن شاء الله ).

تطور أسعار الذهب والفضة

منذ نشأة صندوق النقد الدولي سنة 1944 م تم إعتماد الدولار الأمريكي كوحدة نقدية ثابتة في حسابات الصندوق بإعتباره مرتبطا بالذهب الصافي بالمقدار 0.888671 غرام ذهب صافي أي 35 دولارا  يساوي أوقية واحدة  التي وزنها 31.103485 غرام ذهب صافي وذلك في يوم 19 يوليو 1937 م ومنذ ذلك التاريخ بقيت قيمة الذهب النقدية المشار اليها ثابتة كما بقي الصندوق يأخذ بسعر الصرف الثابت مع الدولار الى عام 1967 م وعندما بدأ عدم إستقرار أسعار الصرف للعملات المستخدمة في التجارة مثل الدولار والاسترليني والمارك الالماني والين الياباني والفرنك الفرنسي الأمر الذي جعل الولايات المتحدة ألأمريكية تلغي إرتباط عملتها (الدولار) بالذهب إعتبارا من شهر نوفمبر 1971 م خوفا على نضوب أو إنخفاض رصيدها من الذهب النقدي. علما أن عدم إستقرار أسعار الصرف المشار إليها قد أثرت في إرتفاع أسعار الذهب النقدي بالمتوسط السنوي 4.15 % خلال السنوات الأربعة المنتهية في عام 1971 م ،مقابل إنخفاض متدني لا يتجاوز متوسطه السنوي 0.7 00% ( 0.0007) في أسعار الفضة للأوقية بالدولارخلال نفس الفترة. بينما بلغ متوسط نسبة الزيادة السنوية في أسعار الفضة نحو 8.57 % خلال الفترة (1962 – 1967 )، مقابل لا شيء من الزيادة في أسعار الذهب النقدي خلال نفس الفترة،لإرتباطه بالسعر الثابت مع الدولار عند 35 دولارا للأوقية الواحدة. وعندما حصلت الازمة المالية في عام 1978م، أرتفعت أسعار الذهب  من 124 دولار في نهاية عام 1976م الى 193 دولار في نهاية  عام 1978م، لتصل الى 607.87 دولار في نهاية عام 1980 م, أي بزيادة بلغ متوسطها السنوي في هذا العقد الثامن نحو 154.04% مقابل الزيادة في  أسعار الفضة بلغ متوسطها السنوي نحو 135.03% خلال نفس العقد. لكن من الملفت للنظر أنه بمجرد هدوء الازمة المالية للعام 1978 م أظهر العقد التاسع 1980- 1990 إنخفاضا في المعدنين النفيسين بلغ متوسطهما السنوي نحو 3.07% في سعر الذهب الصافي للأوقية و 7.6% في سعر الفضة الصافي للأوقية . وبزيادة الضغوطات على الدولار من قبل العملات ألأخرى من جهة، وخضوعه لسياسة التعويم في السوق الحرة من جهة ثانية، وتمت ممارسة سياسة التخفيض عليه مرتين: ألأولى في 24 ديسمبر 1971م بنسبة 7.895%،ليكون المحتوى الذهبي 0.818513 غرام ذهب صافي،والثانية في 13 فبراير1973م بنسبة 10% ليصل المحتوى الذهبي إلى 0.736662 غرام ذهب صافي. (Google-The Rouble versus the Dollar,28/9/2017.   )،حتى إستطاع الدولار أن يقف على رجليه، بسبب أنه هو العملة ألإحتياطية المرغوبة في ألعالم، ولأنها هي العملة الدولية المقبولة عند الناس والدول، ولأن رصيدها الذهبي متين بلغ 316.34 مليون أوقية في نهاية عام 1970 ، إستطاعت أن تضحي بتخفيض رصيدها الذهبي بآلمقدار 24.74 مليون أوقية في عام 1971 و15.63مليون أوقية في عام 1972 ،ليصل الرصيد إلى 275.97 مليون أوقية في نهاية عام 1972 وبقي كذلك حتى عام 1974( أي إف إس،كتاب سنوي 1999 ) ، مع التخلص من سداد عجوزات الدولة الشديدة ألإستحقاق وآلمؤثرة في إنهيار الدولار، مما ساعد حكومة الولايات المتحدة ألأمريكية في  إنجاح سياستها النقدية ، عند مواجهة ألأزمات المالية التي تتعرض لها أمريكا بين الحين وآلآخر. علما أنه بعد تخفيض قيمة الدولار في عام 1973م أصبحت أوقية الذهب تساوي42.222 دولار بدلا من 35 دولارا رغم إختفاء الصبغة الرسمية عليها .

يظهر الجدول الثالث آن أسعار الذهب والفضة، تتغير صعودا وهبوطا بنسب مرتفعة نوعا ما،إلا أن متوسطها السنوي خلال النصف ألأول للعقد ألعاشر من آلألفية الثانية كان متصاعدا قليلا، حيث بلغ متوسط الزيادة في أسعار الذهب للأوقية نحو 0.37% فقط، مقابل زياهدة في أسعار الفضة بلغ متوسطها السنوي نحو 2.232% خلال نفس الفترة، بينما كانت النتائج الواقعية عكسية، أي بآلإنخفاض في أسعار الذهب والفضة معا خلال النصف الثاني من العقد العاشر ( التسعينيات ) للألفية الثانية، ليكون متوسط ألإنخفاض السنوي نحو 2.578% في أسعار الذهب ، مقابل إنخفاض أيضا في أسعار الفضة بلغ متوسطه السنوي نحو 6.040%، أي أكثر من ضعف ألإنخفاض في أسعار الذهب خلال نفس الفترة.

ومن جهة أخرى ، يبدو أن ألأزمة الماليةألآسيوية في عام 1997 م، بسبب ألإفراط في ألإئتمان ألأجنبي وآلمحلي الخاص،وخاصة الديون ألأجنبية التي إرتفت كنسبة من الناتج المحلي ألإجمالي من 100% في عام 1993 في إقتصادات دول جنوب شرقي آسيا ( آسيان ) ،إلى نحو 167% في عام 1996 م ، بل تجاوزت النسبة نحو 180% في أسوأ مراحل ألأزمة . علما أن ألأزمة بدأت في يولية 1997 ، عندما إنهارت عملة ثايلند ( البات ) أمام العملات ألأجنبية ألأخرى، فآضطرت الحكومة إلى تعويم عملتها أمام العملات ألأجنبية ألأخرى من جهة، وفك إرتباطها مع الدولار ألأمريكي من جهة أخرى، ألأمر الذي أدي بآقتصاد ثايلند إلى الإفلاس، وتبعها باقي البلدان ألآسيوية،إلا أن أكثر البلدان تضررا من هذه ألأزمة المالية ألآسيوية، كانت : إندونيسيا وثايلند وماليزيا وفق نسبة ألإنخفاض في الناتج المحلي ألإجمالي ونسبة الإنخفاض في سعر الصرف،حيث بلغت النسبتان 83.4%، و83.2% في إندونيسيا، و40.0%، و40.2% في ثايلند، و38.9، و39.0 في ماليزيا لكل من الناتج المحلي، وسعر الصرف على التوالي . ثم تليها بدرجة أقل كل من الفلبين وكوريا الجنوبية  وجميع البلدان ألآسيوية ألأخرى .والملفت للنظرهنا ان جميع البلدان المتضررة، والمتعاونة معها، بما فيها المؤسسة الدولية( صندوق النقد الدولي) قد مارست سياسات مالية لمكافحة هذه ألأزمة بشكل ظاهري ، إلا أن الهدف القصير ألأجل هو حصر ألأزمة في جنوب شرقي آسيا من جهة، وعدم إنتشارها إلى أزمة عالمية من جهة أخرى. ومع ذلك يعتقد الباحث أن هذه ألأزمة المالية ( بآعتبار سوق المعادن النفيسة هي سوق دولية بآمتياز) قد أثرت هي آلأخرى في إنخفاض أسعار المعدنين النفيسين،حيث إنخفض سعر أوقية الذهب الصافي من 387.5 دولارفي نهاية عام 1996 م إلى 331.7 دولارفي نهاية عام 1997م، ثم إلى 229.2 دولارفي نهاية عام 2000م، ليحصل أكبر إنخفاض بلغت نسبته نحو 14.5% في عام 1997م تليه نسبة إنخفاض أقل بلغت نحو 11.3% في عام 1998م، بينما بالنسبة لأسعار الفضة ،فإن أكبر إنخفاض بلغت نسبته نحو 5.6%في عام 1997م،وأكبر زيادة بلغت نحو13.1% في عام 1998م، ومع ذلك يبدو أن ألأزمة المالية ألآسيوية، لم يتأثر بها ألإقتصاد ألأمريكي بدرجة ملموسة، وإن تأثر سلبا بدرجة أقل ، فسيكون في بعض إستثمراته المنتشرة في آسيا.

لكن ألإقتصاد ألأمريكي إعتاد العيش داخل ألإقتصاد العالمي، وليس خارجه، إذ لو حصلت كبوة إقتصادية إقليمية مثل أزمة دول جنوب شرقي آسيا، إستطاعت أمريكا بالتعاون مع شركائها الكباروالبنك والصندوق الدوليين المساهمة في مكافحة آثار ألأزمة، وإبعاد صهدها عنها، لكي لا تكتوى بها. بينما لو حصلت كبوة كبيرة لأمريكا مثل الكساد الكبير في عام 1929 أو الأزمة المالية لعام 2008 بسبب ألإفراط في ألإقراض العقاري، وما تطور عنه من إصدار السندات وتصنيفها بسبب الرهن العقاري، مما جعل نتائجها أكثر خطورة من نتائج أزمة الكساد الكبير، ومع ذلك تم علاجها من قبل حميع العالم،مما جعل عبأها خفيفا بالنسبة للإقتصادات ألرأسمالية المخنلفة.إذن أصبح من المسلم به أن السياسة النقدية للبنك الفيدرالي ألأمريكي،كبنك مركزي تلعب دورا قياديا من خلال ثأثيرها المحتمل في ألأسعار الدولية للذهب، وآلأسعار الدولية لأسعار الفائدة على الودائع بالدولار، إذ لو سمح البنك المركزي ألأمريكي بوضع مستوى سعر فائدة معين على الودائع الدولارية لتحفيز الطلب على هذه الودائع فتزداد أرصدتها كإحتياطيات دولية لدي البنوك المركزية في البلدان ألأخرى،فيقوى الدولار كعملة إحتياطية،ويتحسن سعر صرفه في السوق الدولية، ويصبح أسهل عملة متداولة ومسددة للإلتزامات في العالم.وفي المقابل توجد علاقة عكسية بين تغبر سعر الفائدة الدولي على الودائع بالدولار،وبين تغبر السعر الدولي للذهب الصافي في السوق الدولية،ويرجع هذا إلى سلوك المستثمر في سوق الذهب،فسلوك معظم البنوك ترغب تجنب المخاطرالكبيرة،مع قناعتها بمستوى فائدة أقل مقابل مخاطرة أقل.وهناك سلوك المحب للمخاطرة، لأنه يحب المضاربة والمخاطرة،فيجري وراء الربح الكبير مقابل المخاطرة الكبيرة،وإن نجح هذه المرة، فيمكنه ألا ينجح المرات ألأخرى،لذلك حكماء ألإقتصاد ينصحون بأخذ الحذر عند المقارنة بين العائد الذي يمكن الحصول عليه،والمخاطرة التي يمكن أن يقع فيها،وليكون إختيارك متزنا، وجب أن تنام على الجانب الذي تستريح إليه،وإن حصل ما لا يرضيك فلا تحزن، لأنك كسبت النوم ثم تجدد النشاط.

وهنا وجب التنبيه بأننا سنهتم بدور أمريكا الذي ستلعبه في ألإقتصاد العالمي، لأنها تمتلك قوة إنتاجية كبيرة في العالم، ولها هيمنة ملموسة على ألإقتصاد العالمي، وخاصة في مجالي المال وآلأعمال، بآلإضافة إلى هيمنة عملتها الدولار كعملة إحتياطية في العالم، وجب أخذها في ألإعتبار، كلما درس الباحث ألإقتصادي كيفية إختيار وحدة قياس لقيمة النقود إقليميا أو على مستوى العالم. إذن أصبح من المفيد أن نتتبع السياسة النقدية التي ينتهجها البنك الفيدرالي ألأمريكي في إدارة ألإقتصاد ألأمريكي، وخاصة ما يتعلق بإجراءات المحافظة على إستقرار قيمة الدولار في السوق الدولي. يلوح في ألأفق أن الولايات المتحدة ألأمريكية قد إستغلت شدة الطلب العالمي على عملتها الدولار كعملة إحتياطية من جهة،وكعملة ذات قبول واسع في سوق التداول العالمي من جهة أخرى، ألأمر الذي جعل البنك الفيدرالي ألأمريكي أن يتخذ ألإفراط في إصدار الدولار ألأمريكي للتداول خارج حدود الحكومة ألأمريكية ضمن أدوات سياستها النقدية،بآلإضافة إلى أداة سعر الفائدة الفعالة في هذا المجال، مما يسمح بتراكم عرض الدولار كأوراق نقدية في السوق الدولية.

فائض ألإصدار النقدي ألأمريكي المتداول خارج الولايات المتحدة

إن مجموع كمية عرض النقود بالتعريف الضيق (ن1) هو مجموع قيمة العملة المصدرة للتداول في السوق ( ع) خارج المصارف، زائدا الودائع تحت الطلب (وط) للجمهورلدي المصارف التجارية. أي ( ن1= ع + وط ). ولكي نحصل على فائض العملة المصدرة المتداولة خارج أمريكا ،وجب تقديرقيمة العملة المتداولة خارج المصارف الملائمة للطلب المحلي عليها،أي العملة المطلوبة للتداول في البلاد ( ع ط ت م) وهذا هو ما يعرف بمستوى الوعي المصرفي ( وم )،ويقاس بنسبة العملة المتداولة خارج المصارف إلى مجموع قيمة عرض النقود كنسبة مئوية ( وم = (ع\ن1)×100 = 27.5% في نهاية عام 1990.أنظر (الجدول الرابع) (ج 4).علما أن الوعي المصرفي يشير إلى التوسع في الثقة وقبول الصكوك المصرفية،ثقة في العمل المصرفي من جهة،وثقة في النظام المصرفي وآلإجراءات القانونية القائمة بشأنها في البلاد من جهة أخرى. إذن وجب قياس الوعي المصرفي بقسمة (وط) وليس (ع ) على (ن1) لنحصل على أهمية النسبة مباشرة زيادة أو نقصا. بينما في حالة قسمة ( ع\ن1)×100) تعني نسبة التخلي عن السيولة النقدية الورقية التي كانت ولا زالت تكبد القطاع المصرفي تكاليف عالية،بسبب مستوى التقنية العالية التي تتطلبها طباعتها وسائل قوية لمواجهة التحايل والتزوير من جهة، وتوفير ألأمان ، وصفة آلإثقان ألمستدامين من جهة أخرى.

من الافت للنظر إن توفر العملة المصدرة من البنك المركزي لغرض التداول في السوق في بداية العمل المصرفي كانت ألأقرب إلى تداولها في نظر ألمسئول المصرفي  ،مما جعل المسئولين في القطاع المصرفي فيما بعد يرغبون رؤية مباشرة لنسبة متناقصة من السيولة النقدية الورقية المتداولة،لأنها ممثلة للتكاليف المتناقصة هي ألأخرى في نفس ألإتجاه،وخاصة في أوائل إنتشار المصارف التجارية كانت نسبة النقود المتداولة لدي الجمهور إلى مجموع عرض النقود يقترب من الواحد الصحيح، ثم إتجهت النسبة نحو ألإنخفاض كلما زاد تطور القطاع المصرفي.والواقع يؤكد وفق إحصائيات صندوق النقد الدولي أن نسبة العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي إلى كمية عرض النقود بالتعريف الضيق في عام 1950 نحو 21.8% في الولايات المتحدة،و51.6% في فرنسا، بينما بلغت هذه النسبة في عام 1955 م نحو 36.3% في ألمانيا، و29.5% في المملكة المتحدة، و26.9% في اليابان،أما بالبلدان النامية فقد بلغت هذه النسبة في ليبيريا نحو 46.8% عام 1974، ونحو 47.6 عام 1986 ، ونحو 57.1 % عام 1996 ، ونحو 36.5% عام2007 ،ونجو 20.7% عام 2013.كما تطورت هذه النسبة في ليبيا من 44.8% في نهاية عام 1952 ( السنة الأولى للإستقلال )إلى 52.5% مقابل عام 1966،ثم تراجعت إلى أن وصلت نحو 33.1% عام1971 ،وارتفعت  إلى 51.5% عام1978 ،ثم تراجعت مرة أخرى إلى أدنى مستوى لها ليصل إلى نحو 16.5% عام 2008 ،ثم عاودت ألإرتفاع من جديد لتصل إلى نحو 27.5% عام 2015.وهنا تجدر الملاحظة بأن هذه النسبة تتأثر مباشرة بسلوك المجتمع وفق ثقافته وارتباطه إجتماعيا،والظروف المتغيرة حوله إجتماعيا وآقتصاديا وسياسيا، لذلك فهي متغيرة  ألإتحاه سلبا أم إيجابا ولكن لأهمية هذه النسبة في قياس تطور الوعي المصرفي في البلدان المختلفة، قام الباحث بحساب متوسط هذه النسبة في  الولايات المتحدة  خلال الفترة (1965-1970) التي سبقت عملية فك إرتباط قيمة الدولار على أساس قيمة الذهب عند ألمستوى 0.888671 جرام من الذهب الصافي للدولار الواحد، أي بسعر صرف 35 دولارا للأوقية ألواحدة من الذهب الصافي المساوية وزنا ل  (31.103485) غرام من جهة ، ومقارنتها بمتوسط نسبة تطور الوعي المصرفي  للسنوات الستة ألأولى في ألألفية الثالثة (2001-2006 )، أي بعد ثلاثين سنة من فك ألإرتباط المشار إليه أعلاه من جهة أخرى. وذلك لتمكين القارئ من التأكد من دقة هذه البيانات لكي نصل إلى تقدير معين لمستوى الوعي المصرفي ألأمريكي خلال القترة الثانية،على أساس حساب متوسط الوعي المصرفي للبلدان المشابهة للولايات المتحدة ألأمريكية، من حيث التقدم ألإقتصادي والإجتماعي والمصرفي وهي المملكة المتحدة و فرنسا وألمانيا واليابان، بالإضافة إلى أن هذه البلدان هي المؤسسة مع أمريكا صندوق النقد الدولي في عام 1944 من جهة،وتعتبر عملاتها إحتياطية هي آلأخرى من جهة ثانية، بل تساهم هذه العملات مع الدولار في لجنة الصندوق لتقويم قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة يوميا منذ إنهيار نظام صندوق النقد الدولي من جهة ثالثة. إذ بلغ متوسط الوعي المصرفي سنويا خلال الفترة قبل فك ألإرتباط نحو21.2% في الولايات المتحدة ،و33.78% في المملكة المتحدة ، و 34.64% في فرنسا ، و38.26% في ألمانيا، و23.09% في أليابان، مقابل 49.8%، 22.04% ، و19.0% و17.0% ،و17.0% للبلدان المذكورة على التوالي، خلال فترة السنوات الستة ألأولى من ألألفية الثالثة. ( أي إف إس ،الكتاب السنوي 1988 ،2016 ). هنا يلاحظ أنه باستثناء

الولايات المتحدة أن متوسط التخلي  للبلدان آلأربعة الباقية عن التداول النقدي الورقي قد إنخفض من نحو32.443% خلال الفترة الأولى، إلى نحو 18.76% خلال الفترة الثانية، أي بآنخفاض بلغت نسبته نحو42.2% وهو يعني زيادة الوعي المصرفي في البلاد،أو بعبارة أخرى هو زيادة التفضيل النقدي المصرفي في التداول (صكوك أو شيكات)  بدلا من النقود ألإلزامية ( ألأوراق النقدية).وبالتالي يمكنناإعتبار نسبة التحسن في الوعي المصرفي في البلدان ألأربعة المذكورة،

مساوية لنسبة التحسن في الوعي المصرفي بالولايات المتحدة في نفس الفترة، لأن هذه البلدان( كما سبق أن قلنا ) تحظى بآقتصاد إنتاجي متقدم تدعمه سوق مالية ونقدية كفؤة من جهة ،وإنها المؤسسة للصندوق والبنك الدوليين من جهة ثانية، وإن عملاتها الوطنية التي تتحدد أسعارها في السوق الدولية الحرة هي المقوم ألأساسي لوحدة حقوق السحب الخاصة من جهة ثالثة. إذن لو تم تطبيق فكرة تساوي التحسن بين الفترتين، لتم قبول متوسط  نسبة تحسن البلدان آلأربعة،كمستوى متساوي للوعي المصرفي ألأمريكي في الفترة الثانية، إذا كانت نقطة آلإنطلاق واحدة عند نسبة 21.2% كما هو بأمريكا،لكن نقطة آلإنطلاق قد إختلفت للبلدان ألأربعة لتكون متخلفة عند المتوسط المذكور (32.443%)،ألأمر الذي يجعلنا أن نأخذ بمتوسط نسبة الوعي المصرفي التي وصلت إليها البلدان ألأربعة في الفترة الثانية (18.76%)، وهو ألأقرب إلى الصواب،وخاصة إذا علمنا أن نسبة الوعي المصرفي بلغت فعلا 17.0% في ألمانيا،وأقل من 17.0% في اليابان خلال الفترة الثانية،وهما البلدان اللذان يتسمان بآلفائض في إقتصادهما، وفي تقدم ألأداء المالي في قطاعيهما المصرفي في العالم،مما يؤكد هو آلآخرأن التقدير المذكور هو ألأقرب للصواب.

وعليه يمكن حساب المستوى الملائم للطلب على النقود الإلزامية للتداول المحلي بأخذ متوسط نسبة الوعي المصرفي للولايات المتحدة في الفترة الأولى(21.2%)

للحصول على العملة المطلوبة للتداول، إعتبارا من عام 1971 حتى عام 2000 ،تظهر منه بيانات (ع ط ت م) للسنوات (1990-2000) في الجدول الرابع(ج 4). بينما خلال الفترة (1996-2000) إتخذ البنك المركزي ألأمريكي سياسة نقدية سخية لتحفيز الطلب على الودائع الدولارية،فغير سعر الفائدة من 6.04% في نهاية عام 1995م،إلى 5.51%، و5.76%، و5.59%،و5.41%،و6.53% لسنوات الفترة على التوالي، أي بلغ متوسطها نحو 5.81% سنويا،كما توسع البنك المركزي بحجم أكبرمن العملة المصدرة لتغطية التداول خارج الولايات المتحدة ، مما أدت هذه السياسة إلى إنخفاض ، بلغ متوسطه السنوي نحو 9.57% في أسعار الذهب الصافي بالسوق الدولية خلال نفس الفترة كما يظهر في الجدول الثالث. وهنا قد تحققت العلاقة العكسية بين سعر الفائدة، وسعر الذهب الصافي المذكورة أعلاه. كما تحقق هدف السياسة النقدية بدعم وتقوية سعر صرف الدولار مقابل وحدة ( ح س خ ) حيث إنخفضت قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة بوحدات الدولار ،من 1.4865 دولار في نهاية عام 1995 إلى 1.3029 دولار في نهاية عام 2000 ،أي بنسبة إنخفاض بلغ مقدارها نحو 12.351% خلال الفترة (1996-2000)،أي بمتوسط سنوي بلغت نسبته نحو 2.47%.وبما أن قيمة الدولار بوحدات (ح س خ ) تساوي(0.672721) في نهاية عام 1995( دولار = 0.672721 و(ح س خ)) مقابل (0.767519) في نهاية عام 2000 ، هذا ويمكن ألإهتمام بتحليل التغير في قيمة وحدة العملة الوطنية بوحدات العملة ألأجنبية ( الدولار = 0.672721 و(ح س خ )) للحصول على النتيجة المباشرة سلبا أم إيجابا . وهو متوسط للنسبة البسيطة للفترة، وليس متوسط النمو السنوي للفترة، لأن متوسط النمو السنوي للفترة هو صافي مجموع النمو السنوي( سالبا أو موجبا) مقسوما على عدد سنوات الفترة وهو ألأكثر دقة.

وعند حساب النتيجة خلال الفترة (1996-2000) على أساس التغير في القيمة ألأجنبية مع ثباث الوحدة ألوطنية كانت نسبة متوسط التغير السنوي نحو 2.741% بالزيادة، بينما كانت نسبة متوسط التغير السنوي في قيمة و(ح س خ) بوحدات الدولار نحو 2.531% بآلسالب لنفس الفترة. وهي لا تختلف كثيرا عن النتائج التي سبق ذكرها. وهذا التغير هو ألآخر في صالح أمريكا.

ومن جهة أخرى ،من نتائج ممارسة البنك الفيدرالي للسياسة النقدية في أمريكا من خلال سعر الفائدة تأكدت السلطات النقدية أن الطلب على الودائع بعملتها الدولار مرغوب بشدة، وأنه غير مرن عند كثير من بلدان العالم،فمارست سياسة سخية من خلال تخفيض سعر الفائدة (إلى أقل من ربع في المئة خلال الفترة من 2009 إلى نهاية 2015م) مما قلل من فاتورة  تكاليف الفوائد من جهة،وإصدار المزيد من الدولار للتداول في العالم من جهة أخرى،ليكون الدولار منافسا قويا بين العملات ألأخرى مثل اليورو الأوروبي والين الياباني. لا شك أن هذه السياسة يمكنها أن تؤدي إلى تخفيض قيمة الدولار،من خلال آلإفراط في إصدار العملة الورقية الدولارية بصورة غير مباشرة، لأنه كما سبق أن قلت :إن ألإقتصاد الأمريكي يعيش داخل إقتصادات العالم كلها، لكن إقتصادات العالم بعضها لا يعيش بأمريكا، والبعض آلآخر الذي يعيشها يكون بنسبة أقل ،لذلك فإن ألإبهار النقدي الدولاري في مختلف بلدان العالم قد أحدث آثارا سلبية غير مباشرة في قيم العملات الوطنية ألأخرى بسبب سياسة أمريكا النقدية المعتدية بإقحام عملتها في منافسة  العملات الوطنية ألأخرى في عقر دارها ،ألا يعتبر ألإصدار النقدي لغرض التداول في بلد آخر إغراقا نقديا مثل ألإغراق التجاري الذي تحرمه إتفاقية منظمة التجارة الدولية ’ لكن لنترك  هذا المشكل لأهل ألإختصاص صندوق النقد الدولي ليرى كيف تكون معالجته ،وخاصة عندما يخلو ذلك التصرف من الهيمنة ألأمريكية،ويكون مقبولا وفق شرعية العولمة. إذ أمريكا نفسها كثيرا ما تفيد ألآخرين،عندما تسعى إلى تحقيق مصالحها، فكما ترغب أمريكا أن تهيمن على ألإقتصاد العالمي وأن تكون لها عملة إحتياطية  قوية،فإن العالم وخاصة ألبلدان النامية والبلدان المتقدمة الصغيرة والمتوسطة ترغب هي آلأخرى آن تتوفر عملة إحتياطية مثل الدولار  تستخدمها بتكلفة مقبولة لتحقيق مصالحها هي آلأخرى. أليست هذه هي ظاهرة  اليد الخفية التي أوضحها ألإقتصادي آدم سميث في التحليل ألإقتصادي.

خلال الفترة (2001-2015) ألأولى من ألألفية الثالثة مارست أمريكا مرة أخرى سياستها النقدية السخية ،بدء بآنخفاض سعر الفائدة على الودائع الدولارية من 6.53% في نهاية عام 2000 إلى 3.78% في نهاية عام 2001 و1.22%في نهاية عام 2003 ، و1.62% في نهاية عام 2004، وتوسعا في حجم فائض ألإصدارمن العملة المتداولة خارج أمريكا قد زادت من نحو 57% من حجم العملة في التداول في نهاية عام 2001 إلى نحو 62% في نهاية عام 2007( ج 4 ) ،مما أدى إلى إنخفاض سعر صرف الدولار بوحدات حقوق السحب الخاصة،بلغت نسبة أكبرها نحو 8.51% في عام 2003 ونحو 7.56% في عام 2002 ،أما بالنسبة للزيادة في سعر صرف الدولار بوحدات حقوق السحب الخاصة فقد بلغت نحو8.65% في عام 2005 م،والخلاصة أن متوسط التغير في سعر الصرف بالوحدات الوطنية كان سالبا بلغ معدله  السنوي(1.584-) خلال الفترة (2001-2005)،وهذا يعني تحسن في سعر الصرف الوطني،لأنه أصبح يدفع سنتات أقل مقابل شراء وحدة واحدة من حقوق السحب الخاصة. ولكن إذا أخذنا  في ألإعتبارالسنوات العشرين ألأخيرة في الجدول الثالث ( 1996-2015) فإن السياسة النقدية المنفذة من قبل البنك المركزي ألأمريكي قد أدت إلى إستقرار نسبي مقبول ،إذ إنخفض معدل سعر صرف و(ح س خ) بالدولار بنحو 2.6 في آلألف (-0.0026) ، كمتوسط سنوي، وهو في صالح أمريكا ،مقابل متوسط مطلق نحو 4.76%،(مطلق تعني عدم النظر إلى الإشارة ومتوسط المجموع يشمل السالب والموجب) بل وأكثر من ذلك إذا أخذنا في ألإعتباركامل الفترة المذكورة بالجدول (91-2015) حيث  كان معدل نمو سعر صرف الوحدة(ح س خ ) بالدولار( موجبا) نحو 0.22 0%  في  آلالف (0.00022) وكذلك متوسط  مطلق أقل بلغ نحو 4.31%. وهذا يعني أن سعر صرف الدولار بوحدات حقوق السحب الخاصة يقرب سعر صرفه من التوازن في السوق، حيث لا توجعه الخسارة في سعر الصرف، ولا يدغدغه الفائض فيه إن وجد ،لأنه قريب من الصفر،كما حصل في عام 2014 ليكون واحدا في آلألف ( بآلكاد يلامس الصفر)، وداخل الهامش المرغوب في شأن تحليل أسعارألصرف ، كما كان يقدره ويقرره صندوق النقد الدولي فترة الستينيات وقت توفر حالة ألإستقرار الممكن بين أسعار صرف العملات المختلفة، بسبب توسيط قيمة الدولار ألأمريكي القوي آنذاك ، الذي يستمد قوته من قوة  ألإقتصاد ألأمريكي وغزارة إنتاجه من جهة، ومن إرتباطه بالذهب عند مستوى  (0.888671 غرام من الذهب الصافي من بعد تعافي الدولار من أزمة الكساد ألكبير حتى آخر نوفمبر 1971 ،تاريخ إنفكاكه من درعه الذهبي القوي المتين. وبالتالي عندما وصفت هذه السياسة النقدية، بأنها سياسة سخية لتتصمن إنخفاضا ليس سحيقا في سعر الفائدة فحسب،بل لتتضمن توسعا جريئا في سوق التداول النقدي بالدولار،للمحافظة على المصالح ألإقتصادية ألأمريكية، أولها قيمة دولار ملائمة لشراء وبيع السلع والخدمات ألأمريكية للمحافظة على مستوى ألأهمية الدولية في التجارة من جهة،وثانيها هو المحافظة على هيمنتها ألإقتصادية في إقتصادات ألأقاليم وآلبلدان من جهة أخرى. علما أن متوسط سعر صرف و(ح س خ) بالدولارقد إرتفع من 1.446 دولارسنويا خلال الفترة (1991- 2015) إلى متوسط سنوي  بلغ 1.452 خلال الفترة (1996-2015)

لا شك أن نجاح الحكومة ألأمريكية في سياستها النقدية،وجعل عملتها الدولار ذا إستقرار ملائم مع و( ح س خ ) من جهة، ومدعما لها من جهة أخرى. حيث بلغ معدل نمو سعر صرف هذه الوحدة بالدولارنحو 0.22 0%( في ألألف) خلال الفترة(1991-2015)،لذلك  وصلت قناعتي بهذا التطور البديع أن نستفيد منه لو نسج في مبادرة متناسقة بين الذهب والفضة ووحدة حقوق السحب الخاصة. إن وحدة حقوق السحب الخاصة هي الوريثة الوحيدة لقيمة الدولار الذهبية البالغ مقدارها (0.888671 غرام ذهب صافي بعد فك إرتباط الذهب بالدولار) وإن لم يكن غطاؤها ذهبا كما كان غطاء للدولار، فإنها ورق من الذهب الصافي كما وصفها بعض ألإقتصاديين ، ومنهم الباجث. إذ يمكن أخذ سعري الذهب والفضة وربطهما كما هو في معادلة معيار عمر لإصدار الدينار ألإسلامي تحت إشراف صندوق النقد الدولي.وبدون  شك لو أسند ألإشراف عند مؤسسة متخصصة على المستوى ألإقليمي أو الدولي سيكون له النجاح ، لأن العبء الإداري والمالي  سيتوزع على دول كثيرة،وخاصة تلك الدول ذوات العملات ألإحتياطية.وفي هذه الحالة أصبحت الفرصة متاحة لأمريكا أن تدفأ  بغمدها الذهبي والفضي،بدلا من الغمد الذهبي السابق فقط،وإذا إلتزم الصندوق بسعري الذهب والفضة في تقويم وحدة(ح س خ) خسب المعادلة المذكورة أدناه،فإن هذه الوحدات تعتبر أوراقا ذهبية،تلغي ندرة تباطؤ إنتاج الذهب،وإذا زاد الطلب على هذه ألأوراق الذهبية بسبب تطور التجارة،فإن آلية إصدارها بالصندوق( بدون إفراط) يزيد من عرضها لتمحو آثار زيادة الطلب.

الجدول الثالث

تطور اسعار الذهب والفضة بالدولارآلأمريكي

السنة س ذ س ف ن س ذ% ن س ف% س ف\س ذ
1991 362.18 4.040 -5.562 -16.183 1.115%
1992 343.42 3.936  5.180 -2.574 1.146
1993 359.73 4.298 4.749 9.197 1.1948
1994 384.22 5.248     6.808 22.103 1.3659
1995 384.16 5.192 0.0002- 10.671- 1.3515
متوسط 366.736 4.543 2.232 0.37 1.2387
1996 387.82 5.183 0.953 -0.173 1.3364
1997 331.00 4.892 -14.651 -5.615 1.4750
1998+ 294.10 5.534 -11.148 13.123 1.8817
1999 278.90 5.250 -5.168 -5.132 1.8824
2000 229.20 4.999 17.820-   4.781- 2.1811
متوسط 304.204 5.172 -9.567 -1.537 1.6994
2001 271.10 4.386    18.281  -12.263 1.6179
2002 310.00 4.625 14.349    5.449 1.4919
2003 363.5 4.911 17.258 6.184 1.3510
2004 409.20 6.691 12.572 36.245 1.6351
2005 444.80 7.338 8.700 9.670 1.6497
متوسط 359.720 5.590   14.232 6.878 1.5540
2006 604.30 11.569 35.859 57.659 1.9144
2007 696.70 13.409 15.290 15.905 1.9246
2008 871.70 14.991 25.118 11.798 1.7197
2009 973.00 14.644 11.621 -2.315 1.5050
2010 1224.00 20.153 25.797 37.620 1.6455
متوسط 874.080 14.953 22.737 24.133 1.7107
2011 1569.20 35.244 28.203 74.882 2.2460
2012 1669.0 31.137 6.392 -11.653 1.8650
2013 1411.5 23.850 15.454- -23.403 1.6897
2014 1265.50 19.071 -10.337 -20.038 1.5069
2015 1334.5 19.645 5.444 3.010 1.4721
متوسط 1450.06 25.789 2.835 4.560 1.7785
2016 1238.40 17.407 -7.126 -11.392 1.4056

المصادر:صندوق النقد الدولي- آي،إف،إس-سنوي 1999،2007،2014، 2016. حيث (س ذ) ترمز لسعر الذهب،و( س ف) ترمز لسعر الفضة(ن س ذ)ترمز لمعدل نمو سعر الذهب،و(ن س ف) ترمز لمعدل نمو سعر الفضة،

و(س ف\س ذ) ترمز إلى نسبة سعر الفضة إلى سعر الذهب،أي سعر ألف أوقية فضة =14.1 أوقية ذهب في نهاية عام 2016،أي سعر أوقية من الذهب = 71.144 أوقية من الفضة=35 $ قديم = 35 و(ح س خ )

ملخص المبادرة بشأن بناء معيارربط العلاقة بين سعري الذهب والفضة

يلاحظ في الجدول الثالث المذكور أعلاه أن تطور أسعار المعدنين، يصعب متابعتها، لأنها تتباعد مرة وتتقارب مرة أخرى،وكما توجد شدة قوية في ألإرتفاع أو الهبوط،يوجد تباطؤمتسارع أو غير متسارع، كل ذلك من إختلاف أذواق الناس التي جعلتنا نصطدم مع بعضنا، رغم تمتعنا بنعمتي البصر والسمع،لهذا نحن ألإنسان لم نستطع أن نخلق وحدة قياس مستدامة  لقيم ألأِشياء ( سلع وخدمات ) مثل الكيلو للوزن والمتر للطول، وهو تقصير من ألإقتصاديين الذين فشلوا في هذا الشأن، فتركوا الفرصة للسياسيين من خلال ما يسمى بتخفيض العملة وهو بمثابة سرقة ألأصول النقدية والسندات المالية القائمة، وتخفيض مرتبات ذوي الدخل الثابت،كل بنفس نسبة التخفيض، بسبب تهور الدولة في ألإنفاق وظهور العجز في ميزانيتها حتى أنها تفشل في دفع إلتزاماتها ومرتبات موظفيها.

ومن جهة أخرى يوضح العمود ألأخير من الجدول الثالث العلاقة بين سعري الذهب والفضة ليكونا معيار المعادلة المنشودة. لنأخذ مثالا اليوم من جوجل وليس من الجدول المرفق،حيث يشير جوجل بأن  سعري الذهب والفضة للأوقية الواحدة  هما 1277دولارا،و16.42دولار اليوم 4\12\2017 على التوالي، أي بآعتبار ان وزن ألأوقية يساوي 31.103485 غرام  ، فيكون سعر الغرام من الذهب الخام (1277÷31.103485)=41.0656 دولار،وسعر الغرام من الفضة الخام ( 16.42 ÷31.103485)=0.52792 دولار، فتكون نسبة سعر الفضة إلى سعرالذهب للغرام هي نحو00.12855%( في ألألف)،ونسبة سعرالذهب إلى سعر الفضة هي77.77%،أي أن البعد بين القيمتين هنا نحو 78 ضعفا بالتقريب ،مما يتطلب لو أخذنا بهذا المعيار أن تراجع كفاءته مرة كل فترة خمس سنوات،  أسوة بما تقوم به  لجنة العملات الإحتياطية بالصندوق لتقويم وحدة (ح س خ).والمعادلة تتضمن عملتين أحدهما ذهبية في الجانب ألأيمن، وآلأخرى فضية في الجانب ألأيسر، وترتبط العملتان من حيث الوزن داخل المعادلة وهذا هو المعيار الملموس المستدام ،بينما قيمة عملة الحقوق أو عملة الدرهم الفضي يتم تحديدها بعد معرفة  أسعار السوق  وليس قبلها ،والمعادلة هي:-

س ص و(ح س خ )=78 ×  0.888671 غ ذ=35×1.98غ ف

أي سعر صرف وحدة حقوق السحب الخاصة تساوي 78 مضروبة في وزن العملة بآلغرام الذهبي الصافي ( البعد القيمي هو قيمة غرام واحد من الذهب بوحدات  غرام من الفضة) . هنا كان البعد القيمي عاليا لأن القيمة التبادلية لوحدة الغرام من الذهب قد بلغت 41.0565 دولار أمريكي،والقيمة التبادليةلوحدة الغرام من الفضة قد بلغت 0.52792 دولارأمريكي،ولمعرفة البعد القيمي يتم تقسيم القيمة ألأكبر على ألأصغر فتكون ( 41.0565÷0.52792 =77.770 )، أي بالتقريب تكون 78 درهما فضيا ( واحد غرام ذهب  إلى  78 غرام فضة ).لكن الوحدة من حقوق السحب الخاصة تساوي أقل من 78 غراما من الفضة، لأن ألمحتوى الذهبي بها أقل من الغرام الواحد وزنا، لأنه يساوي ( 0.888671 غرام ذهب) فقط المساوي لوحدة الدولار القديمة قبل عام 1971م. إذن و( ح س خ )= 78 ×0.888671 =69.3 درهم فضة، ليكون الجانب ألأيسر من المعادلة = 35 دف (دف=1.98غرام) أو =100 دف(0.693 غرام)،وذلك حسب ألأفضلية لإستخدامها:- إما للقصد المعياري  كالربط بوحدة ثابثة مثل ألأوقية من الذهب، حيث35 و( ح س خ )= أوقية =31.103485 غرام، وهو نفس الربط القديم بالدولار قبل عام 1971 م ،أو للقصد التداولي والمحاسبي على ألأساس العشري، مثل الدولار يساوي مئة سنت.في إعتقادي إنه من آلأفضل ألأخذ بآلأفضلية المعيارية ، إذا تم إستخدام المعادلة على المستوى الدولي أو آلإقليمي، بينما بالنسبة للدولة الواحدة، فإنه من آلأفضل أن يلائم سعر صرف عملتها بين شدة الطلب على بعض صادراتها ومرونة عرض هذه الصادرات،بالشكل الذي يؤدي إلى التوازن لصالح البلاد.وبالتالي يكون ملخص المعادلة:- و(ح س خ) ذ = 35 دف، ومنه قيمة الدرهم الفضي تساوي(25.391 مللغرام ذهب)=1.98 د ف إذن د ف=(25.391 ÷1.98  = 12.824 مللغرام ذهب، والغرام من الذهب =((35×1.98)÷0.888671)=77.98 تقرب إلى 78 غ ف وهو المذكور أعلاه.

وسوف تكتب المبادرة بتوسع في مقال آخر إن شاء الله .

 

الجدول الرابع

التوسع  النقدي           الأرقام بالبليون دولار

نهاية السنة ع خ م ع ط  ت م=ع1 ف ع ت خ=ع2 ن1 ع\ن1% ع2\ع% ش ن
1990 254.8 54.018 200.782 925.1 27.54 78.80 2842.3
1991 277.0 58.726 218.274 1004.4 27.58 78.80 2885.6
1992 298.5 63.282 235.218 1121.9 26.61 78.80 2832.9
1993 327.5 69.430 257.017 1231.0 26.60 78.80 2782.7
1994 363.5 77.062 286.738 1232.0 29.50 78.80 2786.1
1995 381.9 80.963 300.937 1220.7 31.29 78.80 3025.0
1996 385.6 81.747 363.853 1172.3 32.89 78.80 3839.3
1997 412.8 87.514 325.286 1278.6 32.29 78.80 4234.1
1998 448.5 95.082 353.718 1287.2 34.84 78.80 4735.2
1999 539.5 114.374 425.127 1281.5 42.10 78.80 5214.9
2000 548.6 116.303 432.488 1211.5 45.28 78.80 5811.5
2001 564.4 104.527 459.873 1204.6 46.85 81.48 6316.7
2002 654.3 121.176 533.124 1216.0 53.81 81.48 6647.3
2003 689.3 127.658 561.642 1310.9 52.58 81.48 6897.4
2004 719.7 133.288 586.412 1391.2 51.73 81.48 7277.3
2005 758.4 140.456 617.944 1392.2 54.57 81.48 7988.0
2006 782.7 144.956 637.744 1370.7 57.10 81.48 8862.8
2007 791.8 146.641 645.159 1373.8 57.64 81.48 10104
2008 849.7 157.364 692.335 1501.2 56.60 81.48 10962
2009 889.7 164.772 724.928 1771.6 51.61 81.48 11313
2010 943.7 174.773 768.927 1809.2 52.16 81.48 10924
2011 1034.5 191.589 842.911 2427.2 42.62 81.48 11163
2012 1124.6 208.276 916.324 2651.4 42.43 81.48 11621
2013 1195.2 221.351 973.849 2905.5 41.14 81.48 11997
2014 1294.2 239.686 1054.514 2981.0 41.17 81.48 12530
2015 1380.8 255.724 1125.076 3223.3 42.84 81.48 13003

المصادر- نفس مصادر الجدول الثالث.

(ع خ م) ترمز للعملة دولار خارج المصارف.(ع ط ت م) ترمز للعملة المطلوبة للتداول المحلي، (ن1) ترمز لعرض النقود بالتعريف الضيق، (ف ع ت خ) ترمز لفائض العملة المتداولة خارج أمريكا، ثم   ( ع2\ع )×100 هي نسبة العملة المتداولة في الخارج ، و(ش ن) ترمز لشبه النقود التي تتكون من الودائع لأجل والإدخار والودائع بالنقد ألأجنبي (ش ن = وج + و خ + وع ج ). وبالتالي يكون عرض النقود بالتعريف الموسع ويرمز له بالحرف ( ن2 )، حيث

( ن2 = ن1 +ش ن ).علما أن ن2 لا تظهر في الجدول.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

اترك تعليقاً