شجرة الحرية الأكاديمية تنمو في اللامركزية

شجرة الحرية الأكاديمية تنمو في اللامركزية

تحتاج المجتمعات والأمم لتحقيق التقدم الحضاري ومجاراة الأمم الأخرى في هذا المضمار إلى توفر الحرية الأكاديمية للعلماء والمبدعين داخل الجامعات وخارجها لتنطلق أفكارهم ورؤاهم بدون حدود لإثراء حياة مجتمعاتهم صناعة ، واقتصادا ، وعلما ، وفنا ، وثقافة.
ولكون أن الوطن العربي كله عاش ولا زال يعيش تحت استبداد أنظمة حكم مركزية متسلطة حيث يرسم الزعيم الملهم فيها للناس معيشتهم ، ودينهم ، وأساليب عبادتهم ، وفنونهم ، وحتى طرق زواجهم ونكاحهم ، فإن المبدعين ، والعلماء ، والمبصرين طرق التقدم والرقي لا يستطيعون البوح بأي شيء ، ولاحتى الأفكار العلمية الصرفة.
ولذلك بقيت الجامعات ومراكز البحوث العلمية مجرد مباني وزخرفات يتزين بها الزعيم الملهم أمام ضيوف دولته من الزعماء الأجانب ليريهم أنه عريس زمانه بزينة زمانه من حاشيته وأساتذة وعلماء جامعاته الذين يتصدرون امامه بأردية وأنواط وقبعات محلاة بكل خيوط والوان الفضة ؛ ولا ينقصها شيء إلاّ الحنّاء.. فإذا غادر الضيوف وغادر الزعيم مبنى الجامعات وأمثالها عاد كل شيء الى حاله : لا حرية أكاديمية ، ولا انتاج علمي ، ولا أفكار علمية. أساتذة يتحركون بأجسام معطلة الرؤوس ، وطلاب مشغولون بنصف جسمهم الأدنى على حساب نصفهم الأعلى.
ولذلك لم تحقق نظم الحكم العربية التي تمارس المركزية الادارية في اذلال شعوبها أي تقدم أو تطور على الرغم من قدم أعمار جامعاتها ، وكثرة مبعوثيها الى الخارج ، وكثرة دكاترتها الذين احتقروا أنفسهم وعلمهم حتى صاروا بارعين في الكذب والتزلف والتآمر على بعضهم. وصار اساتذتها يهتمون بالألقاب أكثر من تحضير دروس المحاضرات. فتجد ( أ. د. أي الأستاذ الدكتور ) تكتب امام أسمائهم حتى على خزانة المعدات ، أو على مكانه في أرضية موقف السيارات. حتى لقد ذهب موظف يتندر على معنى ( أ. د. ) في الجامعات لتعني ( أكبر دلو ). وما هذا النعت من كثير منهم ببعيد.
أما في نظم الحكومات اللامركزية ذات النظام اللامركزي الكامل الصلاحيات لتسيير حكم كل اقليم ( وهو ما تسير عليه كل الامم المتقدمة في العالم ) فإن الحرية الأكاديمية للعلماء والمبدعين عندئذ ( تشن وترن ) على قول رجل من الصيعان. شجرة الحرية الأكاديمية تجد نفسها في نظام الحكومات اللامركزية داخل كل اقليم تتنفس بملئ رئتيها ، وتغنّي بكل أحلامها و آهاتها ، وتشدوا بكل ابداعاتها واختراعاتها. ففي الحكم اللامركزي الذاتي الكامل الصلاحيات يختفي الزعيم الملهم الدجال القابض على العقول والأرواح، ويصير كل مواطن يشع بأفكاره وآرائه على محيطه كما تلمع مصابيح الليل في كل مكان.
وعليه فلن يصلح حال أي بلد عربي مهما كان غناه ، وكثرة سكانه ، ومهما بالغ في تغليب النساء على الرجال ، وهاجم كل مقدس في الدين واستباح الحرمات ، ومهما فعل من خزعبلات الكذب بممارسات تشوه الديموقراطية في مؤسساته ؛ ما دام هو مصرّا ومصمما على اتباع نظام حكم مركزي في شؤون البلاد والعباد.
وأن الطريق الى اصلاح أحوال الوطن والمواطنين هو انطلاق الناس بكل قدراتهم وتوجهاتهم ؛ عندما تبدأ البلدان العربية في تطبيق نظام حكم لامركزي كامل الصلاحيات. بحيث يتم تقسيم البلد الواحد الى اقاليم ، وينال كل اقليم حريته الكاملة في ادارة شؤونه. ويومئذ يفرح المواطنون واساتذة وعلماء وطلاب الجامعات بممارسة الحرية الأكاديمية في الابداع والاختراع من اجل خدمة الاقليم وبالتلي خدمة الوطن. هذا الوطن الذي دمّره فكر الزعيم العقيم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عثمان زوبي

كاتب ليبي.

التعليقات: 1

  • عبدالحق عبدالجبار

    انا مستغرب اخر كتابات الاستاذ سعيد رمضان المحترم كانت يوم 26 ابريل رسالة الي وزير الخارجية بخصوص القنصليه في الاسكندرية وليس من عوائد الاستاذ سعيد رمضان في ان يتاخر في مقالته هذه المدة لا هنا في عين ليبيا ولا من قبل في ليبيا المستقبل وخاصة عندما فتح موضوع مهم له و لقد خرجت فضائح القنصليه العفنه علي السطح و فوق الجبال ولم نسمع من اخينا الاستاذ سعيد رمضان ولكن الاغرب من هذا لا اجد لا من المحررين ولا من الكتاب ولا المعلقين اي حركة او سؤال او حتي تنويه الا اخي الاستاذ الفاضل محمد علي المبروك المحترم واخي وصديقي المحترم مفهوم !؟ وهذا حال الليبيين إللي يمشي يمشي علي روحه لك الله يا ليبيا والآن بدأ كل شئ واضح الكتابة لا تعني إيمان الكاتب بما يكتب … ما هو الا تهدريز

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً