فلسطين : الراقصة و السياسي

فلسطين : الراقصة و السياسي

استمع الى السيد محمود عباس ابو مازن  و طال استماعى اليه منذ رحيل القائد الرمز المرحوم الشهيد ياسر عرفات وإلى الان  لست مقتنعا بقدرة الرجل على ادارة معركة سماها الجميع بكل التسميات الممكنة لكن أهم تلك التسميات انها معركة الوجود و ليس معركة الحدود، ما حصل فى فلسطين  سواء على مستوى  مساندة الدول الغربية و على رأسها بريطانيا العظمى  لتكوين و بعث هذا الكيان الصهيونى الغاصب  أو على المستوى السياسى المتمثل فى وعد بلفور سيء  الصيت  أو على مستوى كل القرارات الدولية التى لم تنفذ ضد هذا الكيان الدموى او على مستوى  الاعانات العسكرية المرعبة التى اعطت التفوق الردعى الكامل للدولة العبرية أو اخيرا وليس آخرا على مستوى القرار القبيح الذى اصدره الرئيس الامريكى الجديد منذ ايام بنقل السفارة الامريكية الى القدس باعتبارها  عاصمة اسرائيل فى تحد خارق لكل القرارات الدولية مما جلب الادانة  لأمريكا و اسرائيل بعد ساعات من هذا القرار على لسان التصويت المعبر  فى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كل هذا  يستحق رئيسا قادرا على  مواجهة كل هذه العقبات والتحديات فى ظل وضع عربى لا يسر لا عدو ولا حبيب كما يقال.

السيد ابو مازن ، مع احترامنا لنضاله ، لم يكن و لن يكون رجل المرحلة و الرجل الذى تحتاجه القضية الفلسطينية  و على كل حال فبالنظر الى كثير من القيادات فى فتح فان ما يلاحظ أن اغلبهم لا يصلح و هناك من يستحق المحاكمة  و هناك من يجدر به ان يستقيل و يترك المجال مناسبا لكثير من المناضلين  القادرين على رفع المشعل و التحدى ، ان وجود اسرائيل هى مؤامرة غربية صليبية  صهيونية على العرب  و مسألة مواجهة اسرائيل تحتاج الى تكتل عربى تحت كل العناوين و بالذات العنوان الرافض للكيان و العنوان الذى لا يرى ازالة اسرائيل إلا بالكفاح المسلح و بالتخطيط السليم القويم ، نحن نلاحظ ان اسرائيل قد استطاعت منذ احتلال العراق سنة 2003  ان تبسط ذراعيها المسمومتين على كثير من الساحات و العقول و الثروات  العربية  و لذلك نقول ان تحرير فلسطين ليس ممكنا دون استعادة الدول العربية لقوتها بعد التخلص من الوزن الزائد المتمثل فى كثير من الحكام الفاسدين و الطبقات المثقفة العميلة الى غير ذلك من اسباب انهيار هذه الامة  منذ حرب 1948 الى الان ، ربما هناك من لا يزال يعتقد ان قضية فلسطين هى القضية المركزية ولكن من الواضح ان هذه المقولة الشائعة قد فشل الحكام العرب فى تحويلها الى حقيقة  و بات اليوم مطلوبا ان يتغير الشعار.

ان القضية المركزية اليوم هى  استعادة الروح و القوة و الحكمة و البوصلة  و علينا ان نقتنع على الاقل بان العرب فشلوا فى الاتحاد حول فلسطين و حول واجب الدفاع عن القضية الفلسطينية لتتحول الى مجرد شعار يرفع فى بعض المناسبات  و لعل سماحة السيد حسن نصر الله قد كان اول المنتبهين و المنبهين لهذا الخطأ فى المنهج و الاستراتيجية  فسماحته يدعو العرب الى استعادة البوصلة و هذا لن يكون ممكنا طالما صوبت الانظمة الخليجية سهام الاتهام و التشفى و التضليل تجاه ايران بدل اسرائيل  ، ان استعادة الروح لن تكون ابدا بتبذير  الاموال الخليجية فى رعاية و تمويل و تسليح الارهاب  و استعادة القوة لن تكون بتكديس الاسلحة  فى صفقات مرهقة يعلم الجميع أنها صفقات بلا فائدة  بل يجب ان يتم تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك  بصيغة جديدة  و استعادة الحكمة  تقتضى ان يقع تقديم الاهم على المهم  و انشاء مجلس حكماء عرب  تكون احكامهم قاضية و نهائية  يخضع اليها الجميع دون تردد أو ترمرم، ربما سيتحدث البعض بشكل  مستفز معتبرا ان تحقيق هذه المطالب مستحيل و مجرد احلام و لكن الرد واضح بان العرب لن يستعيدوا فلسطين فى غياب تحقيق جملة هذه المطالب الأساسية.

لاحظوا معى ان  حالة الغليان الشعبى التى عقبت اعلان الرئيس الامريكى  قد خفتت تماما  بحيث لم يبق فى ساحة المواجهة الفعلية للكيان سوى ابناء  فلسطين  الذين يرفض النظام الرسمى العربى مساندتهم بصورة ملموسة سوى على مستوى التسليح   او على مستوى العلاج  او على مستوى اللتمويل و بالذات تمويل  العائلات التى تضطر لإقفال محلاتها ايام الاضرابات الى غير ذلك من التضحيات المكلفة ، بالمقابل نحن نعلم كم  الاعانات و الهبات المختلفة التى يتلقاها الكيان بما فيها المتعلقة بالسلاح المتطور  من اللوبى الصهيونى العالمى و من كثير من الدول الغربية و المنظمات العالمية ، هناك أمر مهم يضرب القضية الفلسطينية فى الصميم  و هو التطبيع و هذه الهرولة الخليجية  المتواصلة لتفعيل العلاقة مع الكيان لإغراض انانية  ذاتية و من ينتبه الى الاعلام الصهيونى يدرك بمزيد من الفزع مدى ما وصلت اليه التنازلات الخليجية للكيان و مدى التعاون الذى يتم بين الطرفين ، ان العرب يعيشون اسوأ ايامهم  على كل المستويات  و لعله من المؤلم ان نسمع ان راقصة – مع احترامنا – قد رفضت الرقص فى تل ابيب تضامنا مع ما حدث للفلسطينيين والمدعو  انور عشقى السعودى  يصر الحاحا على زيارة تل ابيب ، هذا زمن ابناء شحيبر و من ينتمون اليهم…

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً