عمرو موسى، محمد المرزوقى، حتى لا يُنسى الشرفاء

عمرو موسى، محمد المرزوقى، حتى لا يُنسى الشرفاء

كعادة البعض هذه الأيام خرجت إلى العلن مذكرات عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، اختار الرجل لهذه المذكرات البائسة اسماً غير مألوف فى الساحة الادبية العربية “كتابيه”، العنوان مأخوذ طبعا من الاية القرآنية 19 من سورة “الحاقة”…فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ..” و العنوان مقصود من رجل سياسى محنك عرفته الساحات الدولية و خبر دهاليزها و اروقتها أراد أن يقول أنه أنجز ” المهمة ” و بات اليوم راضيا قانعا بما فعل منتظرا ايات الترحيب و التبجيل و التهليل ، كانت هناك اشارات ذكية من بينها التركيز من البداية على كلمة ” السابق ” فى وصف محطاته السياسية الوظيفية للإيحاء بكون هذه المذكرات قد أتت كشهادة على العصر – و ما أكثرها هذه الايام – خاصة بعد أن “تقاعد ” الرجل و لم يعد ينتظر شيئا من أحد و لكن و كما توقع البعض فقد انزلق الرجل الى منزلق مثير للسخرية حين اجزم بان سبب خروجه من منصبه كوزير للخارجية هى اغنية شعبان عبد الرحيم ” انا بكره اسرائيل و أحب عمرو موسى ” التى اثارة حفيظة بعض الواشين النافذين فى بلاط حسنى مبارك .
اننى افهم و استوعب و اعذر من يبحثون عن نشر مذكراتهم او المشاركة فى برامج تلفزيونية لهذا الغرض مثلما فعل المنصف المرزوقى – و ليته ما فعل على فكرة – لأنهم يبغون كتابة التاريخ مرة اخرى على مزاجهم و رتق بعض العورات و الاماكن البالية فى مسيرتهم المهنية او السياسية و لكن هل من اليسير على السيد عمرو موسى ان ينجح فى هذه المهمة المتعسرة و هو لا يزال يخضع الى فحوص و تحاليل الوجدان العربى الذى عايش كامل الفترة التاريخية التى تحدث عنها فى كتابه منذ مولده سنة 1936 الى نهاية عمله كوزير للخارجية المصرية فى سنة 2001 ( الجزء الاول ) ، بالطبع الحكم على الرجل يحتاج من المتابع كثيرا من الموضوعية و الفطنة لان صاحب الكتاب قد رتب أفكاره و زينها بما يملكه من خبرة السنوات العجاف و السمان التى عاصرها بحيث لم يعد متاحا او سهلا ان يتفطن الناقد الى كم المساحات الزمنية المثيرة للانتباه و السؤال التى حاول الرجل أن يزرع فيها الورود مع انه كان يعلم مسبقا انها فترات عجاف عرفت سقوط الرجل فى بئر الخيانة و بيع الذمة و الشرف خاصة لما نتحدث عن موقفه القذر من بعض الملفات العربية الساخنة .
وقف الرجل مع الامريكان لضرب العراق ، وقف الرجل مع ضرب سوريا ، وقف الرجل مع اسرائيل لضرب حزب الله طيلة 33 يوما كاملة ، وقف الرجل مع الناتو و الغرب لضرب ليبيا ، هذه محطات و عناوين كبرى كان فيها عمرو موسى أحد الرموز العربية المهمة التى باعت الضمير و قامت بدور الخيانة الموصوف ، و فى مذكراته المسمومة تعامل بقلة شرف مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر و بات عرضة لكميات كبيرة من النقد لأنه ببساطة شديدة ارذل من ان يصل الى عشر تاريخ و وطنية الزعيم الراحل و هو الذى كان الصبى فى دكان “المعلم مبارك ” و الخادم الذليل المطيع فى زريبة النعاج العربية كما وصفها وزير الخارجية القطرى السابق و تعرضه للإهانة المذلة من النظام الكويتى تكفى لتقوم حجة على أن “صاحب الكتاب ” قد كان فاقدا للشخصية عكس كل التوقعات و كل الافكار المسبقة التى يحملها البعض خطأ عن سليل وزارة الخارجية المصرية التى انتجت 9 أمنا ء جامعة عربية من أسوأ ما يكون طيلة تاريخها الحافل بالسقوط و المؤامرات و الخذلان للحقوق العربية .
ربما اراد عمرو موسى تشويه الزعيم عبد الناصر و لكنه لن يفلح فالرجل زعيم و موسى مجرد كومبارس سياسى لا راح و لا جاء على قول الاخوة المصريين ، عبد الناصر عاش زعيما و خرج من الحكم بدون املاك و لا مال فى حين أن “صاحب الكتاب ” عاش منافقا و خرج من الحكم غير مأسوف عليه بعد ان جمع من المال و الوطيان ما يعلمه الجميع ، من العيب أن يقف رهط مثل محمد المرزوقى لينتقد برعونته و صلفه سيرة حياة الزعيم بورقيبة و أن يتحدث بمنتهى الوقاحة عن الارث البورقيبى السلبى فى حين أن العالم بأسره قد شهد لصالح الزعيم الراحل دون انتظار شهادة ايتام السفارات و زوار دكاكين المخابرات ، من العيب ان يخرج عمرو موسى ليهين تاريخ الزعيم عبد الناصر و هو الذى كان شوكة فى مواجهة كل الخطط السياسة الغربية الرامية لإسقاطه و لم لا اغتياله ، ربما أراد هذا الخائن تبييض صفحات سوداء من تاريخه المشوب بالخيانة و لكن ذاكرة الشعوب اقوى و اكبر من كل المذكرات و كما لفظت حركة النهضة و الاخوان و المرزوقى و مصطفى بن جعفر و نبيل العربى و عصمت عبد المجيد و احمد ماهر و احمد ابو الغيط فستكون قادرة على شطب عمرو موسى و كتابه من ذاكرتها ليكون موضعه النهائى هى زبالة التاريخ .
يقول الكاتب المصرى الكبير عبد الله السناوى فى مقال معبر بعنوان ” عمرو موسى فى مرآة مذكراته ” ..هناك فرق بين النقد و النقمة و عمرو موسى مارس طقوس النقمة و الانتقام من عصر الرئيس عبد الناصر ” … اذن ليس هناك عجب ان يمارس هذا الخائن مثل هذه الطقوس لان هذه العادة الشائنة هى القاسم المشترك بينه و بين كل الذين مارسوا السياسة منذ بداية الصراع العربى الصهيونى الى اليوم و تلطخت اياديهم بعار بيع الضمير ووئد الاحلام العربية الممكنة و الشرعية ، فمنصف المرزوقى مثلا اراد بإطلاق النار على الشعب و الجيش و الثورة و ما تلى الثورة من احداث و ما سبقتها ان يقال عنه أنه كان المنقذ من الضلال و هذه الفكرة الجهنمية لا تختلف كثيرا عن افكار الحكام المستبدين الذين يختزلون بلدانهم و شعوبهم فى شخصهم و عمرو موسى لما أراد التصويب على عهد الناصر بالإيحاء انه كان خارج الخدمة بسبب مرض السرطان و لذلك حصل ما حصل سنة 1967 كان فكره منصبا على محاولة تبخيس هذا العهد لصالح عهد مبارك و السادات و هى لعبة قذرة اضافة الى ان الانتقام من الموتى بهذه الطريقة الشنيعة البائسة لن يزيد الشعوب العربية إلا كراهية و حقدا .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • د. عثمان زوبي

    سيدي الكاتب : لا يختلف معك اثنان في أن عمرو موسى مارس الخيانة والعمالة وباع مصالح الأمة الإسلامية الى أمريكا واسرائيل. ولا يختلف معك إثنان في أن أحمد أبوالغيط هو أكبر وأذل أمين عام للجامعة العربية وأنه ربما يفوق في عمالته لاسرائيل والغرب والشيطان من عمرو موسى. لكن يختلف معك كل من يعرف ابجديات السياسة العربية المعاصرة ( في اعتبارك عبدالناصر وبورقيبة زعماء وأبطال). بالعكس تماما. هذان الشخصان ورّطا البلاد العربية للخسارة في كل شيء، وتآمرا على الشعوب الاسلامية، وحاربا الاسلام بكل قوة. لقد أعمتهما كراهيتهما للاسىلام والمسلمين بحيثا صارا عميلين وخادمين لمصالح أعداء الاسلام. والشواهد كثيرة للفاهمين. أمّا قولك بأن ( محمد المنصف المرزوقي) هو من طينة عمرو موسى ، وبأنه تافه ، وبأنه ليس من حقه فضح الملحدين والعملاء في النظام التونسي فأنت على ضلال بعيد. وزاد هذا الضلال في اعتبار حركة النهضة والاخوان المسلمين ، وكل فكر متنور يذكر الاسلام بخير بأنه متخلف وعدو لمصالح الآمة العربية ( الامة الموجودة لفظا ولا توجد في قناعة 99% من العرب). يكفي الرئيس المرزوقي فخرا أنه بقي منسجما مع مبادئه، وأنه في ما مضى لم يخاف في تصرفاته واحدة من قناعاته. هذا على الرغم من أنني أخالف المرزوقي بعده عن الدين ، أو قل توجهه السلبي نحو دور الدين في الحياة السياسية ؛ على الرغم من أنني أتفهّم خيبته من الحركات الاسلامية المعاصرة لأنها ( فعلا الى حدّ كبير فشلت في المحافظة على مكاسبها السياسية ، وبقيت مترددة وساذجة في وغير جريئة في تفاعلاتها السياسية). يا سيدي : الحلال بين والحرام بين. وفي الأخير أستغرب لماذا يحاول أغلب الكتاب العرب ( اقتداء بزعيمهم المصنوع عبدالناصر ، وبملحدهم الأول في الشمال الإفريقي ابورقيبة ) تعليق هزائمهم وخيباتهم على الدين الاسلامي ( بالمنهج القرآني) . ولو أنهم استغفروا الله لوجدوا الله توابا رحيما. ولكن ارتضت سنة الله في الكون أنه لكل شيء أجلا مسمى. والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً