السودان، الى أين ؟

السودان، الى أين ؟

الرئيس عمر البشير رئيس مثير للجدل و لا يحظى بالشعبية ومع ذلك و فى تصريح مثير أشار الرجل انه سيعود لتقديم ترشحه فى الانتخابات بداعى الإلحاح الشعبى، طبعاً الامر ليس صحيحاً و من يطالع الصحف السودانية يدرك ذلك بسهولة تامة، فى عهد الرئيس عمر البشير السودان لم يتقدم قيد أنملة فى كل المجالات  و لعل ما حصل فى فترة حكم هذا الرئيس من النكسات و التنازلات و الاحداث المرعبة  ما يؤكد أن سياسة البشير على كل المستويات قد أخفقت  و انعكست نتائجها السلبية على  مستوى عيش المواطن السودانى  و هذا التدحرج المتواصل فى نسبة النمو  و تواصل ارتفاع نسبة البطالة هو الذى أدى فى نهاية الامر الى خروج المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير ، هذا التغيير يقول المتابعون أنه صعب و مستحيل لان  النظام قد فقد كل الثوابت  و باتت تتقاذفه أمواج الانتهازية السياسية للطبقة الحاكمة التى ترفض التغيير المضر بمصالحها خاصة و أنها استنزفت الخزينة السودانية و تربعت على عرش الفساد و الرشاوى  و بيع الذمم  ، أيضا لم يعد للنظام من يسانده من الدول الخليجية و لم يعد للصناديق الدولية المانحة ثقة فى الرئيس  المطلوب للعدالة الدولية .
لا يملك النظام السودانى سياسة خارجية معلومة  و لا يملك أصدقاء و لا يملك رؤية اقتصادية قادرة على اخراج السودان من ازمته الخانقة  و لا يملك السودان حالة أمنية مستقرة و لا يملك النظام  قدرة و ارادة للتغيير  و لذلك  يقامر المطلعون بدقة على الاحوال فى السودان بأن هروب الرئيس من مواجهة كل هذه الاكراهات و ربط العلاقة مع تركيا للإيحاء بأنها المخرج و الدواء المناسب لأمراض و علل السودان هو مجرد هوس فكرى و ضرب فى الماء لان الغايات التركية بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب السودانى  و أن تنازل الرئيس عن مساحة  ” سواكن ” للجانب التركى هو تنازل مهين من جهة  و تنازل  بلا فائدة  و لعله التنازل المشبوه الذى يؤكد وجود صفقة بين الجانبين ستعود منافعها المالية لجيوب الرئيس و قليل من حاشيته الناهبة للأموال العامة ، تقول المطالعات الاعلامية ان الجانب التركى  قد سعى للحصول على مساحة من الارض السودانية لإنشاء قواعد عسكرية و عندما نعلم الارتباط الاستراتيجى بين العدو  الصهيونى و بين انقرة  و نعلم النيات التركية الخبيثة التى تبحث عن مراكز تجميع و تدريب الارهابيين العائدين من العراق و من سوريا  و نعلم القدرة المالية القطرية و نعلم العداء المتصاعد بين تركيا و مصر  و بتجميع الصورة  نصل الى قناعة بأن هذه القواعد التركية ستكون الاسفين الذى سيدق فى عنق مصر و بقية الدول العربية .
فى السودان ليست هناك معارضة بالمفهوم التقليدى بل هناك دكاكين  معارضة تعرض سلعا فكرية بائرة عفى عنها الزمن و قيادات المعارضات السودانية  تنهج أنهجا مختلفة و غير قابلة للتطبيق بل هى مجرد رؤى  بلا عنوان واضح  و لذلك لا يهتم المواطن السودانى بهذه الأطروحات الهزلية و الهزيلة لأنه يعلم أن مشاكل السودان لا تحل لا بالشعارات و لا بمناكفة النظام و لا بالاستعانة بدول الجوار  و لا بالعلاقات الاثمة بين تلك المعارضات أو بعضها على الاقل ببعض المخابرات  و السفارات الاجنبية ، قادة المعارضات السودانية يعانون من الهرم سواء من حيث السن أو من حيث هشاشة الطرح السياسى  و لعل أكثرهم يعيش خارج المنطق السياسى أصلا  و لو عدنا لما طرحته هذه المعارضات عبر سنوات تواجدها الطويلة فسنجدها نفس المفردات و نفس التوجهات  و هذا لا يدل على استقرار فى المبادئ و الافكار بل يدل على تكلس ذهنى سياسى معيب فى عصر يشهد تحولات مرعبة فى كل ثانية ، فى هذا السياق  تلوذ الحكومة بصمت مريب و مثير للسؤال  وتوحي خطواتها المرتبكة بأن الأمور أفلتت من يدها  و لذلك و بدل معالجة الأزمة الاقتصادية  باستبدال الاطقم السياسية الفاشلة فقد ذهبت عكس المنطق  باستبدال رئيس جهاز الأمن القومي القديم بآخر جديد قديم.
يعتبر الشباب هدف سياسة كل دولة فى جميع المجالات  و لكن الشباب السودانى يعيش حالة تهميش  مرعبة سواء من الحكومة أو من المعارضة  و ما يطرح على قلته و عدم جدواه لا يسيل لعاب هذا الشباب الطامح للكرامة و التشغيل و رفع مستواه الاقتصادى ، فالشباب الذي نشأ  في ظل  هذا الحكم  المطول للرئيس عمر البشير يبغى تغييرا صريحا على جميع المستويات و تغييرا مهما على المستوى الافقى و العمودى  و هذا الشباب لم يعد يطيق سماع الحديث عن حكومات الانقاذ او  حكومات البيان رقم 1 و حكومات شد الحزام و حكومات الموالاة للخارج  بل هو يبحث عن حكومة و نظام شبابى متحمس و أن يتم ركن كل الرموز القديمة الى خزائن التقاعد الاجبارى  من باب ربح الوقت و وضع حد لاستنزاف الاموال العمومية بعد أن شارفت الخزينة السودانية على الافلاس و العجز ، من ” يستمع ”  الى حوارات هذا الشباب فى المنتديات الاجتماعية أو على وسائل الاتصال  يدرك أن هذا الشباب يبحث عن بديل لنظام عمر البشير  من قمته الى قاعدته و هو لا يرى  انقاذا للسودان من أزمته إلا برحيل هؤلاء يضاف اليهم لفيف معارضات البيع و الشراء  و معارضات المشى فى الاتجاه المعاكس التى فشلت تماما فى طرح البدائل الممكنة التحقيق و اكتفت برفع الشعارات ، لكن يبقى السؤال كيف سيتم انقاذ السودان و هل ستكون هناك بدائل ممكنة و هل أنه بالإمكان ابعاد بعض الدول عن التدخل لتعكير الوضع  و هل سيرحل البشير أم سينتهى نهاية كل من رقص مع الافاعى على رأى الرئيس اليمنى الراحل على عبد الله صالح .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً