قانون مكافحة غسل الأموال الليبي.. ولد معيباً بالمخالفة لدستورية القوانين.. وضرره أكبر من نفعه

قانون مكافحة غسل الأموال الليبي.. ولد معيباً بالمخالفة لدستورية القوانين.. وضرره أكبر من نفعه

أصدر المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق قرار بقانون لمكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب، القانون رقم 1013 لسنة 2017 والذي دخل حيز التنفيذ بشهر فبراير لسنة 2018، وكان ذلك بهدف إخراج ليبيا من القائمة السوداء التي تصدر بناءً على تقارير مقدمة من مجموعة العمل المالي الدولية فاتف، ولكن المشكلة في  إصدار هذا القانون هو ما يحتويه من مخالفة صريحة لنصوص الدستور، إذ أن الجهة التي خولها الدستور الحق في إصدار التشريعات هي السلطة التشريعية و المتمثلة في البرلمان الليبي ولم يضع الدستور في مادته 26 إستثناءات عن هذا الشرط العام، فكيف للمجلس الرئاسي ان يصدر قانونا لايملك الحق في إصداره!، وكيف سيتعامل القضاة مع قانون يفتقد للشرعية؟، وما مصير المنازعات التي تعرض امام القضاء في ظل هذا القانون؟.

مع العلم بأنه حتى في الدول  التي تسمح دساتيرها للسلطة التنفيذية (رئيس الحكومة) أن يصدر تشريعاً قانونياً، لم تجعل الأمر مفتوحاً على مصرعيه، بل جعلت له قيود، مثال لذلك:  في الدستور الحالي للجمهورية الفرنسية  الخامسة حيث نص في مادته الـ38 على شروط لإصدار القرار بقانون أو الأمر (Ordonnance) كاستثناء عن الأصل  في حق التشريع للسلطة التشريعية، فقال… تسمح هذه المادة للحكومة بالتشريع بأمر من البرلمان، والذي يحدد في أي مجال وفي أي فترة يجوز للحكومة أن تضع أحكامًا تشريعية.

فمن أين للحكومة الحق أن تتجاوز حدود اختصاصها بإصدار قانون بطريقة مخالفة للدستور، بالإضافة إلى تجاهلها للبرلمان فاعتبرته هو و العدم سواء.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الفترة من تاريخ صدور هذا القانون المعيب وحتى وقتنا هذا ليست بالفترة القصيرة، لتحمل في طياتها عقبات خطيرة، ولتضعنا بذلك أمام إشكاليات كبيرة جداً، منها أن القضايا التي ستعرض هذه الفترة سيفلت مرتكبيها بكل سهولة من العقاب، وذلك بالدفع بعدم دستورية هذا القانون، فأي قانون يخالف الدستور يجوز إبطاله.

وبهذا سيكون هذا القانون داعما لغسل الأموال وليس مكافحا له.

بالإضافة إلى ما ستتعرض له الدولة من قِبل المجتمع الدولي عند علمهم بعدم حجية هذا القانون المختص بغسل الأموال، ليصير هذا القانون حجة على الدولة لا لها.

ولذلك أوصي وبشدة بضرورة عرض هذا القرار بقانون على البرلمان في طرابلس وذلك في أسرع وقت ممكن لكي يتم تحصينه واعتماده كقانون شرعي لمكافحة جريمتي غسل الأموال و تمويل الإرهاب ولو بشكل مؤقت إلى أن يعتمد كقانون ثابت، وبذلك نتمكن من تخفيف أثر تلك المخالفة ونمنع من تفشي أعمال الفساد والنهب و الغسل للأموال الليبية، وإلا فستكون ليبيا ميدان رئيسي لعمليات غسل الأموال و مركزا لتمويل الإرهاب، وسنتعرض لعقوبات دولية شديدة إثر ذلك، وهذا ما لا نرجو حصوله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

زياد الشنباشي

خبير قانوني

اترك تعليقاً