لا تلوموا ترامب.. فغربة الإسلام ومقتل د. نادر العمراني السبب

لا تلوموا ترامب.. فغربة الإسلام ومقتل د. نادر العمراني السبب

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

new-article2_27-11-2016

نجحت البروتستانتية بقيمها الإنسانية واستوطنت أمريكا أرض الهنود الحمر فأنطلق منها الجمهوريين وحتى الديمقراطيين وبنوا حضارة.. وجاء المسلم العربي المتعالي المكفر بعقده السلفية وبكوفيته العازلة له عن أرض تمثال الحرية ينتظر مصير أسلافه بالأندلس. ومن سلم من عُقد العربية وقع في عقدة العبودية فولد إليجا محمد بإسلام مشوه ومالكوم اكس بإسلام راديكالي معنف.. واليوم الإسلام السلفي العروبي التكفيري يجتاح ليبيا وشمال أفريقيا ويفتي بقتل الخصوم.. فيرد الأخر بقتل القاتل ولن يخرجنا من دائرة القتل إلا إبعاد شبح القتل باسم الدين عن صراعنا السياسي.. ونقتنع جميعا بأن الكل له الحق في الحياة بدل الموت!!!

نعم سينحاز السيد رونالد ترامب للقيم البروتستانية المتجذرة بأمريكا وسيرفض وسيعادي الإسلام المستوطن المعقد أو البدوي الذي يجمع بخيمته العربية كل عقده باسم الجهاد وداعش ليفرغها في حروب أهلية مع كل من ارتضى بداوته وعُروبته المتعجرفة!!! فلن يحمي المسلمين في أمريكا إلا السلام الأمريكي الخالي من عقد العبودية والانتماء لغير الأرض الأمريكية!!! فالإسلام العروبي في الأندلس لم يصمد ولو أستمر لقرون وهو غازي لأرضها.. في المقابل الإسلام الوطني المتجذر في الأرض فمنه الإسلام الإندونيسي والماليزي والإيراني والصيني والكازاخستاني وسيعيش إلى يوم الدين.

نعيش الحياة ونعبر دروبها فرادا وجماعات ونمنح فرص ولا يستفاد منها إلا المستحضر لعقله وقلبه وروحه .. ولا يميز أحد عن أخر إلا باجتهاده وتفانيه في العمل وهذا هو الناموس الكوني الذي ارتضاه الله عز وجل .. “كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا” وفي ظل الصراع الانساني مع نفس ومجتمعه والعالم فقد يتخذ شكل الحراك  ثلاثة أوجه:

  • التحيز إلى الروح والزهد في الحياة المادية وما يلاصقها من شهوات غريزية. وربما نحن هنا بصدد التصوف المرتبط بالزهد في الرغبات أو الحاجات المادية والارتقاء بشغف الروح لملامسة التجليات الكونية والأنوار الربانية .. هذا الذي ربما يسميه البعض مثل دانا زوهار وإيان مارشال في كتابهما الذكاء الروحي أطروحة القرن الحادي والعشرين طريق ثالث بين العقل والعاطفة بالذكاء الروحي وهو مبدأ “اكتمال رؤاك الشخصية مع الرؤية الشاملة، وتميز علاقتك بالآخرين، والطبيعة وبالعالم والعالمية” [17].
  • الإفراط في الماديات .. ربما عبرت عنه بأمريكا حركة الضربة أو الفوضوية مع منتصف القرن الماضي  والذين كانت حياتهم “زاخرة بعقاقير الهلوسة، والمشروبات الكحولية، والممارسة الجنسية الحرة، وموسيقى الجاز المجنونة، وسباق العربات المحمومة” [1]. وهذا ما يهددنا اليوم في ليبيا وسيهدد الحضارة الأمريكية.
  • الوسطية .. الموازنة بين الرغبات المادية و الاحتياجات الروحية .. بحيث يكون التوازن الذي يجعل من الإشباع الروحي محفز لعمارة الأرض و خدمة الإنسان وصنع حضارة.. وقد نستحضر في هذا المقام عبارة أ.ن. وايهد “لا مجال لوجود أي حضارة من دون افتراض ما ورائي (ميتافيزيقي) مسبق” [2].. وتتبارى في ذلك جميع الأديان .. ويبقى الجنوح عن نقطة التوازن السمة الغالبة بين الجميع. وسنجد أيضا أن تعاليم المسيحية هي التي ساهمت في انهاء العبودية في أمريكا فقد “وجد الكثير من الأميركيين صعوبة في التوفيق بين العبودية مع تفسيرهم للمسيحية والمشاعر النبيلة التي تدفقت من إعلان الاستقلال. كانت حركة صغيرة مناهضة للعبودية ، بقيادة الكويكرز، لها بعض التأثير في 1780 و 1780.” [11]. وقد أثمرت باعتلاء السيد أوباما سدة الحكم لدورتين بأمريكا.

الدين في أمريكا:

“المستوطنين الإنجليز الذين انشأوا مدينة نيو إنجلاند الجديدة بالساحل الشرقي الأمريكي كانوا يعانون من مشاكل وقضايا التعصب الديني والعنف الدموي بسبب الحروب الأهلية في بريطانيا نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر. فقرروا بهذا البلد الجديد تكوين مجتمع “مبني على الحق” حسب منظورهم، وكان لديهم توجه واضح نحو التخلص من نير النظام الملكي واستعباده للناس وتمييزهم ما بين عامة ونبلاء وحاشية وأمراء وقصور الملوك … اجتهدوا بفكرة أن يكون المرء سيدا لنفسه ويحاسب بما تصنعه يداه ولا يحاسب بما يكون آباؤه وأجداده بل بما يكون هو. “فالإنسان كائن بديع خلقه الخالق بإبداع وتجلي، وهو يقترب من أن يكون كالملاك” (نص من الرواية) [16]. وفي المقابل الإسلام الخليجي السلفي التكفيري لا يعرف إلا شيطنة الإنسان ويصدر الفتاوى بالقتل لمخالفيه .. لينتهي بقتل شخصية أجمع عليها المخالفين له قبل المؤيدين لتوجهاته بأنه لا يستحق هذا القتل البشع!!! فرحمة الله على الدكتور نادر العمراني.

“تشير دراسة أجريت عام 1998 .. يعتبر 82% من الأمريكيين أنفسهم متدينون بشكل أو بأخر، وهناك 90% منهم يؤكدون على انهم يؤمنون بالله، وهناك 95% يعتقدون في وجود الله، وفي استطلاع للرأي عام 2002 قال ثلاثة من خمسة أمريكيين أن الدين ” مهم جدا ” في حياتهم، وأربعة من خمسة يعتقدون بالحياة الآخرة، وفي استطلاع آخر أجري في العام نفسه فقد أجاب 58% أن أمريكا تستند في قوتها على الإيمان الديني، وذكر 48% أن الولايات المتحدة تتمتع بحماية إلهية خاصة ” [15].

“تأثير الدين في الحياة الأمريكية بدأ بالمجتمع المدني وانتهى الى العمل السياسي من خلال الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة” ومع هذا فالجميع اتفق على فصل الدين على السياسة. وبهذه الخلفية الدينية بالتأكيد سنجد أن ” الرئيس الأمريكي أحد رجلين: إما رئيس متدبن ينطلق في قراراته من الأصول الدينية المسيحية، وإما رئيس علماني، ولكن يضطر إلى احترام المتدينين جدا” [18]. فالمتدين جيمي كارتر كان يرى في أن العلاقة بين أ مريكا وأسرائيل اساسها ديني بل نجد أن رونالد ريجن يعلن  بعد مؤتمر ترشيحه للرئاسة أنه “سيؤيد تمامًا الأجندة الأخلاقية لليمين المسيحي، وكان من نتيجة ذلك أن قامت منظمة “الأغلبية الأخلاقية” -وهي منظمة  مسيحية متشددة، أسسها القس الأمريكي (جيري فالويل) سنة 1979م- بحشد ثلاثة ملايين ناخب أمريكي لترجيع كفة رونالد ريجان في الانتخابات” [18].

بالرغم من أن الحزب الديمقراطي تأسس من المناهضين للفدرالية والمفضلين لحقوق الدولة والملتزمين بصرامة بالدستور .. إلا أنه قبل الحرب الأهلية عرف بالفكر المحافظ التقدمي وارتباطه بحماية مؤسسة العبودية.. وامتازت فترات حكمه بالرخاء والاقتصادي وقلة الحروب.. أما الحزب الجمهوري فله قيما محافظة اجتماعيا، والحفاظ على الحريات، ويدعو لتقليل الضرائب وتقليل الإنفاق الحكومي. وربما هذا ما يدفع بترامب للحديث عن رفع الضرائب على البضائع الواردة من الصين.

المجتمع الأمريكي ما بين الدين والإسلام الراديكالي:

مع أنه تقريبا جميع الأديان منتشرة في أمريكا إلا أن الأديان السماوية (الكتابية) اليهودية والمسحية والإسلام تشكل النسبة الأعظم مقارنة مع الأديان الأخرى. وتتصدر المسيحية البروتستانتية بحكم أن الهجرات الأولى لأمريكا كانت لمعتنقي الديانة، أو المذهب، البروتستانتي بشقية التقليدي والإنجيلي والذي بات يستقطب حتى المسلمين واليهود والملاحدة [4].. ولا ضير في ذلك لما “كان لأخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية” [4]. ربما كان ذلك قدوة لأتباع الديانات المهزومة والفقيرة وجود ضالتهم في تعاليم مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي. يمثل الحزب الجمهوري الواجهة السياسية لليمن من أتباع البروتستانتية.. بعكس الحزب الديمقراطي الممثل لليبرالية التي تحمي الضعفاء من الأقليات. وربما هي قناعة المؤسسة الحاكمة “الملأ” في أمريكا بحيث يكون الطرف المتشدد في الحزب الجمهوري والطرف المتزن والمرن يمثله الحزب الديمقراطي.. وهذه الثنائية قد تنسحب على كثير من الأمم والمتنورين والكتاب والفنانين وربما يأتي ذلك في سياق نظرية الأضداد عند هيجل والتي بصراع المتناقضات يتم النمو والتطور! بل جعلت الكاثوليكية والبروتستانتية تقارب وحيد” ظهر في العقديين الاخيرين بين الكاثوليكي – الانجيلي في القضايا الاجتماعية الدينية استنادا على قضايا الاجهاض والعائلة والشواذ. ” [15].

وظفت أمريكا الإسلام الراديكالي المتطرف في حربها ضد وجود الاتحاد السوفيتي بأفغانستان وبالتأكيد استعانت ببريطانيا لخبرتها بصناعة السلفية “الوهابية” المعادية للدولة العثمانية والتي بها انتصرت بريطانيا على الخلافة. وصارت أمريكا تستقطب كل المتطرفين بل تحولت في فترة إلى مفرخة مصنعة للإسلاميين المتطرفين الذي يتم شحنهم إلى أفعانستان بحجة الجهاد في سبيل الله!!! إذن التطرف أشرفت على صناعته بعض الدوائر الاستخباراتية الأمريكية لتأدية بعض المهام بتمويل خليجي!!!

لماذا ترمب؟

على حد تعبير د. نصر [3] المستأنس بقول الدكتور على مزروعى بأن أمريكا يحكمها the establishmentوالذي ترجمه إلى الملأ.. نعم المؤسسة الحاكمة أو الملأ هو من يريد أن يتعافى الاقتصاد الأمريكي ويحتاج لعقل اقتصادي برجماتي يساعد أمريكا لاستعادة هيبتها أمام شعبها.. وقد أكد على ذلك الرئيس أوباما بقوله: بأن ترامب “ليس أيديولوجيا بل براغماتيا”.. والملأ بالتأكيد برجماتي ويريد انتعاش الاقتصاد معتمدا على الدعوة إلى دفع تكاليف التدخل الأمريكي لمحاربة الدكتاتورية أو الأرهاب!

ترامب والتهنئة العربية:

مع إعلان فريق دونالد ترامب “أن الرئيس الأمريكي المنتخب ونائبه مايك بنس تلقيا اتصالات هاتفيه من 29 زعيما أجنبيا هنؤوهما خلال ها على فوزهما” [13]، وعلى اقل تقدير نصفهم كان من العرب.. فتقريبا جميع الحكام العرب هنئوا ترامب بالفوز [8] إلا أن السيد السيسي حاز السبق في تهنئة ترامب وتوالت التهاني فكان الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير صباح الأحمد وباقي دول الخليج قطر والأمارات والبحرين وسلطنة عمان. ولا ندري هل قيام الديمقراطي أوباما بتحسين العلاقات مع إيران وقانون جاستا يدفع بدول الخليج وخاصة السعودية بعقد الأمل في الجمهوري ترامب؟!!! الذي: “وصف السعودية بأنها البقر التي متى جف حليبها سيتم ذبحها ” [12].  التهاني كانت أيضا من الرئيس بشار الأسد وكذلك المعارضة.. والرئاسات العراقية الثلاثة واليمن وجميع حكام دول شمال أفريقيا.. وأعلنت السودان استمرارها في الحوار. والقاسم المشترك في التصريحات بعد التهنئة أخذ اتجاهين:

  • أمريكا دولة مؤسسات ولا تتغير ساستها بتغير الرئيس.
  • التعاون، مع روسيا، على محاربة الارهاب على حد تعبير العراق وسوريا ومصر.

مع طرح فكرة أن الدول المتسابقة لتهنئة ترامب هي التي تمارس الدكتاتورية ومسؤولة على اضرابات العالم حسب تعبير صحيفة الموجز [9] ” ربما يتحمل بعض ما في القائمة التالية، مسئولية ما يشهده العالم من اضطرابات، أو يحملوا مسئولية تراجع مساحات الحرية والديمقراطية في بلادهم، أو لديهم تصريحات يراها البعض الأخر عدائية، بدءا من مصر وتركيا والسعودية وحتى روسيا وأمريكا مرورا بسوريا وكوريا الشمالية. ” [9]. في المقابل نجد أنه يُنقل عن ناصر شروف [14] بأن “تريث معظم ديمقراطيات العالم في تقديم التهنئة للرئيس المنتخب ترامب قابله إسراع معظم القادة العرب بإبداء ثقتهم به. إنها بحق شهادة ضعف وإفلاس سياسي ” [14].

نجد أن دخول إيران على الخط في المنطقة الملتهبة خلق تضارب في المصالح وتفكك في التحالفات فنجد أن ” الأمل السعودي، غير المبرر، من النظام المصري، المعادي للإسلاميين وللثورة المصرية، أن يساند الثورة السورية بإسلامييها الأكثر تشددًا، فقط لأنها تريد ذلك، أو أن يتحمس لإعادة الشرعية في اليمن لتيارات قريبة من خصومه المحليين، بل وكانت تريد منه التورط عسكريًا في هذه المغامرة.” [10].

بل مع صعود ترامب والتقارب مع روسيا والصين قد يفرض على السعودية تحالفات جديدة.  وقد يدفع بها إلى “عقد مزيدا من الصفقات مع أسرائيل والولايات المتحدة، فأسرائيل لن تقدم الخدمات المجانية لدول الخليج وترامب لن يضحي بعلاقته مع روسيا والصين في سبيل أرضاء السعودية” [12].

ترامب والإرهاب الخليجي:

لا ندري ما المقصود بوجهة النظر [6] القائلة بأن: ” داعش ساهم في صعود ترامب، فقد حرّض العالم على الكراهية. إن الحديث عن داعش نشر الخوف وأصاب العالم بالهلع.  ” فالخطابات الانتخابية الشعبوية نجحت في استقطاب وتحريك المجموعات الصامتة والرافضة بأن يحكمها أوباما،ذو الأصول الأفريقية المسلمة، ولكن بالتأكيد صناعة داعش أثمرت بتوظيف الأعلام بإبراز التفجيرات والعمليات الانتحارية على أنها الإسلام ونحج ترامب في تقديم نفسه كمنقذ لأمريكا من هؤلاء السفاحين المكفنين للمرأة بالسواد والمتمسكين بالكوفية والسروال القصير في قلب نيويورك ولوس انجلوس !

تتناقل وسائل الأعلام بأن “الكرملين-14 نوفمبر بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقش في اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، ضرورة توحيد الجهود في محاربة الإرهاب. ” [5]. إلا أن ذلك لم يمنع الكاتب أسعد البصري [6] من طرح وجهة نظر قد تكون مقبولة ” إن تدخل فلاديمير بوتين يعتبر إنقاذا لأميركا، فروسيا غير مصابة بعقدة الحادي عشر من سبتمبر. لقد بالغت أميركا في احتقار القيم والبشر. إن رسالتها لم تعد واضحة في التاريخ، وأكبر دليل على ذلك هو أن حلفاءها ما عادوا يفهمونها وتصدعت التحالفات التاريخية السياسية” [6]. لا يظن الكاتب بأن هذا السبب فالظروف الجيوسياسية الجديدة هي التي تفرض على أمريكا أعادة صياغة حلفائها.

ينقل الكاتب أبو حر [7] عن صحيفة الول أستريت The Wall Street Journal   الصادرة بتاريخ 12 نوفمبر 2016 بتصريح لدونالد ترامب يقول فيه: “تصوّري للوضع في سوريا كان منذ البداية مختلفا بشكل كبير عن مواقف الآخرين. أرى أنه إذا ما كنتم تقاتلون سوريا فيما هي تقاتل “داعش”، فهذا يعني أنكم تدعمون “داعش”. [7]. وهذا يتوافق مع ما يذكره الكاتب خالد عبدالمنعم [12] بأن: “الرئيس الجمهوري يدرك جيدا أن أحد العوامل التي أوصلته إلى البيت الأبيض هي الأفكار اليمنية التي تتبنى نهجا متطرفا ضد الحركات الإسلامية المتشددة .. (بعدما) كانت المصلحة في وقت أوباما تقتضي بأن يستفيد من الحركات الجهادية التي تربيها السعودية” [12]. فمساندة السعودية للمعارضة السورية خوفا من التمدد الإيراني بات غير مقبولا عند ترامب. وخاصة بعد التقارب الذي سارت فيها خطوات أمريكا نحو إيران.

وربما هذا ما جعل التضارب واضح أيضا بين مصالح السعودية مع مصر التي باتت أقرب إلى ترامب من أوباما. حيث يفسر بشير عبدالفتاح[14] من “مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية”  أن السيسي كان أول من يهني ترامب نتيجة للأسباب التالية [14]:

  • العلاقات المتوترة بين البلدين منذ إقصاء الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم، وما أعقب ذلك من نزاعات دموية في البلاد، جعلت الرئيس باراك أوباما ينأى بنفسه بشكل دبلوماسي عن النظام المصري، في حين يبدو أن ترامب لا يزعجه ذلك.
  • هناك نوع من الغزل السياسي بين ترامب والسيسي قبل الانتخابات: فترامب لم يتوان عن إبداء تقديره للرئيس السيسي كعامل استقرار في المنطقة، كما لم يحرجه أيضا بطرح تساؤلات جدية حول ملف حقوق الإنسان في مصر.
  • وربما هو العامل الأهم، الموقف الواضح لترامب من ألد أعداء السيسي، أي جماعة الإخوان.

إذن هل توافق أمريكا مع روسيا، ويعني سوريا، ومصر ضد الإرهاب “المصطلح الفضفاض” يعني فرصة أفضل لعودة دكتاتورية العسكر في ليبيا؟ أم أن السلفية الوهابية مازال أمامها واجبات في ليبيا حتى يتم تمكين العسكر من فرض سيطرته؟   أم ستمنح الديمقراطية المدنية الفرصة في ليبيا لخلق الاستقرار الذي قد تصنعه بالتعاون مع العسكر المعترف بالمجلس الرئاسي!!! ففرنسا وأميركيا وكذلك بريطانيا ما فتأت تضرب وبسرية خلايا المتطرفين أو “الأرهاب” على حد تعبير الميتاماق الفرنسية!!!

قد نخلص إلى ما صرح به السيد محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة الوفاق بأنه “لن يتغير دعم أمريكا لليبيا فالعلاقات مع أمريكا لا تتغير بتغير الرئيس فهي دولة مؤسسات” وهذا مما يتوافق مع تصريح لمسؤول روسي.. بأن “ترامب يملك فرص لتقوية العلاقات بين ليبيا وأمريكا”. وبدون أن نرفض وجهة نظر د. صلاح البكوش الذي يرى بأن.. الدستور الأمريكي يمنح رئيس الولايات المتحدة اتخاذ قرارات بشأن الدفاع والخارجية.. فعندما قرر ريجن قصف باب العزيزية لم يطلب موافقة الكونجرس وكذلك أوباما عندما قصف صبراته وهو أيضا يسير في نفس السياق للتصريح الروسي بأنه “يمكننا إزالة معاقل الإرهاب بجهود مشتركة”! إلا أن السؤال سيظل مفتوحا هل سيتم إزالة الإرهاب بتمكين العسكر من دخول طرابلس وحكم ليبيا؟ وقتل د. نادر العمراني هو بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لمسلسل اغتيالات بطرابلس على غرار مسلسل الاغتيالات ببنغازي؟ اليوم وقبل أي وقت مضى ليبيا تحتاج لرجال يقبلوا بالسير على الجمر، الذي تركة الدكتاتور معمر، والإمساك به لو تطلب الأمر ذلك دون أن يقذفوا به على وجه طرابلس لتعبر ليبيا إلى بر الأمان.

الخلاصة:

يقول بروس بي لورنس “تقوم الحضارة الاسلامية باستحضار شبكة جغرافيا-ثقافية أوسع من أن يمكن تحديده بمجرد الولاء للإسلام دينا، وطقوسا، وشريعة”[2] نعم هناك أبعاد خارج الولاء للإسلام وحده تصيغها الأرض تاريخا وجغرافيا. وأي إسلام يرفض الأرض التي يقف عليها لن يدوم.. وحتى يقاوم الإسلام حمالات العنصرية عليه أن يصبح أمريكيا بأمريكا ويتحرر من الخلفيات الوافدة معه وبذلك سيكون قيمة مضافة للقيم البروتستانتية وحتى الكاثوليكية. وسيرضى عليه الملأ The Establishment ” المؤسسة الحاكمة” [3]. أما على صعيد شمال أفريقيا فإسلام الكوفية والسروال القصير وتكفين المرأة بالسواد الفضفاض!!!  لن يدوم طويلا فسيتحطم على صخرة الثقافة الأصلية لآن الناس سئمت أن تعيش الحرب والقتل باسم الإسلام السلفي المأجور الغريب الوافد من الخليج!!! فهذا يحتاج للأنسنة على حد تعبير د. محمد أركون رحمه الله. ونحن عندنا إسلامنا الإنساني النابع من البيئة البحرمتوسطية والمتصل بهدوء وتسامح مع النفس الأفريقية وبإسلامنا سنخلق به التوازن ما بين العقل والقلب والروح!!! وسنتوازن به مع أنفسنا وأرض وطننا والعالم.

ومع أن صفارة أندار ترامب لكل من يتبنون إسلام لا يتناغم مع الأرض التي يسكنونها فالكاتب قد يرى من زاوية أنها فال خير لأن الإسلام المتطرف الذي تصنعه الاستخبارات الأمريكية أو غيرها من الدول لا يبنى على حب الأرض والناس بقدر ما يعمل على استنبات جذور الكراهية من النفس البشرية واقتلاعها بتفجير أحزمة ناسفة تنفث دم وقيح ودخان أسود!!!

ولكن مع تبدد داعش وهي تلفظ أنفساها في حي الجيزة البحرية بسرت نسمع تصريحات للبنتاغون بأنه.. “يضع خطط لمحاربة داعش” ونسمع تصريحات المجلس الأطلسيAtlantic Council  بأنه في ليبيا “داعش يتجه نحو التأقلم وليس الأنهيار” فهذا مؤشر غير مطمئن وخاصة بتنا نسمع بأنه كل من تشتم في أفكاره رائحة ألإسلام ولو بطرح سلمي، فهو داعش .. مقاتلة.. خوارج.. إخوان!!!! والجميع في سلة واحدة وهذا ما يخلط الأوراق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة هروب المجتمع الدولي من تحديد تعريف واضح للإرهاب. فهل سنرحم الإسلام برفض الجز به في الصراع السياسي؟ أم أننا سنحطب لشرارة قتل د. العمراني، كما حصل بتفجير أمام مستشفى ببنغازي أو الاقتتال ما بين الأخوة في سبها، ليجد ترامب بحجة استتباب الأمن دعم روسيا ومصر لاقتحام العسكر لطرابلس!!! نأمل أن يعلى صوت العقل الأنساني، والإسلامي، والوطني، والليبرالي، وحتى اللاديني، لنخمد شرارة الفتنة ونحمي طرابلس لتحييا ليبيا بسلام.   تدر ليبيا تادرفت.

[su_divider top=”no” size=”1″]

المراجع:

[1] د. نبيل راغب، “موسوعة أدباء أمريكا .. الجزء الثاني”، دار المعارف،  القاهرة ، 1979، ص 376.

[2] بيترجي كاتزنشتاين، ترجمة: فاضل جتكر “الحضارات في السياسة العالمية.. وجهات نظر جمعية وتعددية”، المعرفة، العدد 385، فبراير 2012.

[3] د. نصر محمد عارف، “كلينتون وترامب… وأمريكا التى لا نعرفها” الأهرام ، السنة 141 العدد 47418 ،  3أكتوبر 2016 .

[4] الويكيبيديا.

[5] هاشم الموسوي، ” بوتين وترامب يتبادلان الآراء حول ضرورة توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب “، المصدر: وكالات، RT Arabic، 14 نوفمبر 2016 .

[6] أسعد البصري، ” دونالد ترامب وعبدالفتاح السيسي “، العرب ، العدد: 10454، ص(6)،13 نوفمبر 2016.

[7] صفوان أبو حلا  ، المصدر: The Telegraph، ” لندن: لا لحلف بوتين – ترامب الداعم للأسد”، العربي، 13 نوفبر 2016.

[8] نتالايا عبدالله: المصدر: وكالات، ” العرب يهنئون ترامب”، العربي، 11 نوفمبر 2016 .

[9] الموجز-السياسة، ” هؤلاء يحكمون العالم الآن.. ترامب وبوتين وسلمان وأردوغان والسيسي وبشار وماي وكيم جونج أون”، 12 نوفمبر 2016.

[10] بلال علاء، المصدر: ألترا صوت، ”  كيف خسرت السعودية في مصر؟ “، الموجز، 13 نوفمبر 2016.

[11] ويكيبيديا، “أصول الحرب الأمريكية الأهلية”، الحسابات الاجتماعية الرسمية لويكيبيديا العربية.

[12] خالد عبدالمنعم، “فوز ترامب يعزز تقارب الخليج مع الكيان الصهيوني”،البديل، 20 فبراير 2016 .

[13] مجموعة أل بيس ي، “19 زعيما أجنبيا يهنئون ترامب”، أخبار دولية، 17 نوفمبر 2016.

[14] ناصر شروف، ” وجهة نظر: رسائل تهنئة عربية بفوز ترامب أقرب إلى الابتذال” دوتشي فيلا DW،12 نوفمبر 2016.

[15] بيسان عدوان، “إنقسام المسيحيين في أمريكا”، دورية ميزوبوتاميا-بلاد النهرين .

[16] ( )، ” الحرب الأهلية الأمريكية: رؤية وتاريخ – ترجمة العمل الحربي الضخم Gettysburg “، واتا .. الجمعية اللدولية للمترجمين واللغويين العرب،

[17] د. محمد غاني، “التصوف والسياق الإنساني”، أفنينيوز، 17 يوليو 2016.

[18] د. راغب السرجاني، “أثر الدين على رؤساء أمريكا!!”، موضوعات أرشيفية، 15 ديسمبر 2008.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

التعليقات: 4

  • عبد الرحمن العريبي

    مقال رائع ويعكس وجهة نظر موضوعية ليتها تكون بابا لحوار ثقافى جاد ينشر وعيا موضوعيا بعيد عن الايديولوجيات الزائفة وبعيد عن إسلام لم يعد يصلح زما نا ومكانا ونشر إسلام التسامح والتممية والبناء وكرامة الانسان ويؤسس لدولة المؤسسات .
    شكرا دكتور فتحى وبالمناسبة ألتقينا سريعا فى ديوان المحاسبة وتنميت أن يطول اللقاء
    لك أطيب التحيات

  • عبدالله

    اذا كان ياسيادة استاذ دكتور الغرب يقرون بانفسهم ان الاسلام كان سبب في نهضتهم العلمية وخروج اوروبا من العصور المظلمه والاندلس خير شاهد علي رقي الاسلام العروبي الذي تسميه وانت الذي تنتسب الي العروبه والاسلام تتهجم وتتشدق علي الاسلام وعلي العرب. سبب تخلفنا هم اصحاب الشهادات العلمية ذو الادمغه المجوفه امثال حضرتك. قلي بالله عليك ماذا يفعل الشيعه في العراق واليمن وماذا يفعل الروس المحدين في سوريا الان من دمار وقتل الابرياء؟ ربي يهديك

  • فتحي سالم ابوزخار

    أخي عبدالرحمن أنا سعيد بلقائنا القصير في ديوان المحاسبة .. وأشكركم على كلماتكم الطيبة .. كما وأشكر أخي بدعوته لي بالهداية .. أنا يا أخي عبدالله أتكلم اليوم على أسلام خليجي ممول ويصدر لليبيا والعالم .. هذا الإسلام يدعو للكراهية والقتل والعنف مع كل مخالفيه ولا أحتاج لأثبت لكم ذلك. :ذلك الإسلام الأندونسي والصيني والإيراني وغيرهم ما زال يعيش على أرضه أما الأسلام في الأندلس فطرد منها!!! لنعترف بفشل معايشة الإسلام لأسبانيا وثقافتها فلو كان الإسلام أسبانيا لعاش فيها.. وهذه وجهة نظر مع احترامي لرأيكم.. وتقبلوا تحياتي ..فتحي

  • عبدالله

    يا اخ الاسلام المصدر لليبيا والذي يدعوا الي الكراهية والقتل والعنف مع كل مخالفيه والمتمثل في الدواعش وهم يعتبروننا بان مرتدون هو مصدر من ايران برعايه روسيه امريكيه بالنسبه الاسلام الايراني الشيعي المجوسي الذي حرف القران وقذف في امهات المسلمين رضي الله عنهن وشتموا الصحابه وهم الان يرتكبون المجازر البشعه والاباده الجماعيه في حق اهل السنه في العراق وسوريا ولبنان علي مراء ومسمع الجميع هل هذا في نظرك اسلام يادكتور؟ الم يصرح ترامب بان داعش صناعه امريكية ايرانيه؟ ولعلمك يادكتور ان السلفية هم ممن ضمن الذين يقاتلون في الدواعش في سرت وهم من كسر شوكتهم في طرابلس ولعلك سمعت بحادثة مصنع الصابون السنه الماضيه والتي تم فيها مداهمة مقر للدواعش. وازيدك من الشعرا بيتا لقد استنكر العديد من مشايخ السعوديه مقتل الشيخ الدكتور نادر رحمه الله وعلي راسهم مفتي المملكه السعودية.
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا” وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، “بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ”. أخرجه أحمد (2/277 ، رقم 7713) ، ومسلم (4/1986 ، رقم 2564) . وأخرجه أيضًا: البيهقي (6/92 ، رقم 11276).

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً