لغة الاختلاف

لغة الاختلاف

لم يكُنْ الله ليُسِّنَّ في هذا الكون سُنّةً ما يُسيِّرُ بها نواميسهُ إلا لغرضٍ فيه خيرٌ كثير، غرضٌ غالباً لا يُلامسُ الواقع بوضوح جليّ، وقد لا يُلامس الذهن أيضاً إلا بعد رحلةٍ مضنيّة نحو الإدراك الكامل، إدراكٌ مطلق يفسحُ الطريق لصاحبهِ كي يرى العالم من منظورٍ يتسمُ بالغموض ويصعبْ من خلالهِ التعاطي مع الأمور.

هل يتحتمُ علينا احتواء الاختلاف بمفهومهِ وبكل أبعاده؟ منَ الضروريّ فهم أنّ لولا هذهِ المحطة التي تثير حفيظة الناس لما تمكنّ الإنسان من أن يغدو ماهو عليه اليوم من كائنٍ منتجٍ يتطلعُ على الدوام إلى مالا نهاية له ولا حدّ، إما طمعاً أو نقيضهُ تماماً، الطمع مثلاً يرمي بجذورهِ المسمومة في روح الإنسان إذعاناً لما هو ماتعٌ ومغري فيجذب الروح التي تقع في المصيدة بعد استجابتها للنداء فتصلُ إلى تلك الفروق التي لطالما حلمت بها، والأمر مشابهٌ مثلاً للنقيض الذي يمثلُ هنا الطموح المباح والنزيه، وغالباً يترعرعُ في نفوس الأنقياء، ويلهمُهم لإحداث تغييرٍ من أجل أن يحظى الإنسان بما لم يكن يوماً بحوزتهِ، لما ذلك؟ لكي يكون مختلفاً أو ليتقدمَ خطوات إضافية تمنحه مجداً خاصاً لا يحوزهُ سواه.

لا ضيّر في أن تكون على قدرٍ من الاختلاف، لكن الأهم أن تراعي حقيقة أن رغبتكَ في معانقة عرش التملُك والتميُز تتوغلُ في عروق غيركَ أيضاً مما يعني ” يحقُ لهم ما يحقُ لك”. التمادي في التزمتِ تجاه قناعاتك لن يخلقَ منكَ شخصاً يمكن أن يلجأ المجتمع إليه لوضع حجر أساس التغيير المجتمعيّ والحضاريّ، إنما احتواء ” جوهر الاختلاف ” سيمنحكَ رؤية ستشقُ دربك نحو عقلٍ أكثر اتزاناً وتسامحاً ورُقياً.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً