لماذا يُبقيني الله حيّاً

لماذا يُبقيني الله حيّاً

عمر الفيتوري السويحلي

مؤسس أكاديمية القرآن الكريم بطرابلس

يقول العلامة الإمام الشيخ محمد متولي شعراوي: ما مات ابن آدم وللأرض حاجة لها فيه… أي لن يموت ابن آدم إلاّ بعد أن يُوفي دوره في الحياة الدنيا بالقدر الذي يأذن الله له به.

اتذكر هذا كل صباح استيقظ فيه فأجد نفسي معافاً في بدني وأهلي وقادر على أن أتولى زمام أمري وعندي أكثر كثيراً من قوت يومي ولساني يملاء بالذكر والحمد والثناء فمي وقلبي واجف وخائف من حساب الله ولقاءه فاسأل نفسي هل أبقاني الله حياً يوم آخر لأرتكب مزيداً من الذنوب والمعاصي ولتعلوا سيئاتي فوق حسناتي؟ أم أنه سبحانه وتعالى هيأ لي فرصة لأُكمل دوري في خلافة الله في الأرض ولأتوب عن تقصيري في حقه؟ ثم تأتيني الإجابة الواضحة الجامعة الفاصلة في قوله تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} الذاريات 56.

ولكن ما هي العبادة؟ أهي أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمد رّسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت فقط؟ وإن كانت هذه العبادة فقط هي التي ترضي الله فلقد يسر الله لي فعل ذلك كله ولكني مازلت حياً ولم ينتهي أجلي، إذاً لابد أن هناك عبادة أخرى عليّ أن أؤديها.. فما هي؟.

مازلت أبحث عن بقية دوري في الحياة وسأظل كل يوم أسيقظ فيه حياً أبحث على ما يجب عليّ البدء في فعله وأقل ذلك الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفعل الخيرات وأرجو أن افعل ذلك قبل أن ألقى الله لأحقق قول الله سبحانه و تعالى {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} الحجر 99.

والعمل عبادة واليقين هو الموت.. ولعلي استنبط من هذا الأمر الإلهي (ولا أفتي) أن تقاعد القادر على العمل ليس من سنن الإسلام وأن على المسلم أن يظل ينتج ويتعبد لله بعمله طالما هو قادر حتى يلقى الله سبحانه وتعالى، وإن الإسلام لم يفرض على أحد أن يقبع في بيته خاملاً مسترخياً في انتظار ملك الموت.

الإسلام دين عمل حتى يوم الجمعة التي فرض الله فيها صلاة الجمعة في المساجد وأمر بالسعي إليها إذ هو سبحانه يأمرنا أيضاً أن ننتشر في الأرض بعد الصلاة ونعمل لنبتغي من فضل الله ونذكر ونحمد الله كثيراً على ذلك {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الجمعة 10.

حرف الفاء في قوله تعالى فإذا قضيت الصلاة وفي قوله سبحانه فانتشروا أفهم منهما أن الأمرين يعنيان العمل الفوري المتمثل في الأمر الأول الانتشار في الأرض والأمر الثاني ابتغاء فضل الله ويشترط الله أن يتم ذلك مع ذكر الله كثيراً وذلك بعد انقضاء الصلاة مباشرة، والأصل في عطلة نهاية الأسبوع أن اليهود قالو أن الله بنى السموات والأرض في ستة أيام فأصابه التعب فارتاح في اليوم السابع وحددوه بالسبت من كل أسبوع، ووافق النصارى على أن الله تعب فارتاح يوماً بعد بناء السموات والأرض في ستة أيام ولكنهم قالوا أنه كان يوم الأحد وليس يوم السبت وهذان القولان ليس لهما أثر في ديننا الحنيف {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} ق (38) فتبينوا… هذا والله تعالى أعلم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

عمر الفيتوري السويحلي

مؤسس أكاديمية القرآن الكريم بطرابلس

اترك تعليقاً