شئون ليبية 3.. فوائد البنوك

شئون ليبية 3.. فوائد البنوك

دعونا نقر حقيقة ثابتة أن الاقتصاد لا يتصور وجوده  بدون بنوك وأن البنوك يستحيل وجودها بدون الفوائد وأن ما يفعله الائمة ليس سوى محاولة لتقديمها بشكل لا يعارض مفهومهم الفقهي  وأنهم  ليسوا  مجمعين على حرمتها بل أفتى بحلالها فقهاء عظام ابتداء من الشيخ محمد عبده وكل من جلس فى دار الافتاء بعده ومشايخ  الازهر ومجمع  البحوث الاسلامية التابع لمشيخة الازهر ومن تولى الافتاء فى مصر وتونس كما أن البنوك السعودية حيث التشدد والوهابية والنظام الديني الصارم، تعمل بنظام الفوائد بدون خداع ولا مداورة ولا يعمل بنظام الصيرفة إلا بلدين هما السودان وباكستان.

بداية ظهور البنوك بعدما تحول التعامل بالذهب والفضة من الموزون إلى المعدود فنشأت النقود وبدأ استخدامها فى بداية العصر العباسي حين تحولت الدولة من قبض الخراج عينا إلى قبض قيمته أموالا مما استدعى ظهور بيوت المال ووجود من يودع ومن يقترض وبدأ استخدام الفائدة منذ ذلك الحين.

لم يكن نظام البنوك معروفا فى مجتمع المدينة ولا أثر له فى الكتاب أو الحديث. واول اخطاء الفقهاء انهم لا يميزون بين البنك وبين التاجر والبنك لا يبيع ولا يشتري ولا شأن له بالتجارة إن وظيفته الوحيدة هي أن يقترض النقود ثم يقرضها وحين يفعل ذلك يخلق نقودا جديدة تساعد فى تمويل المشاريع واتساع النشاط الاقتصادي وسرعة دوران رأس لمال  وحين يقبل وديعة قيمتها مليون فإنه يستطيع أن يقرض فى مقابلها أربعة ملايين اعتمادا على أن من يقترض لا يسحب أمواله نقدا وإن فعل فإنه سيودعها فى البنك أو فى بنك اخر مما يساعد على سرعة دوران النقود وتنوع النشاط الاقتصادي وازدهاره.

والبنوك تعلمت أو ارشدها الفقهاء إلى ما  ينبغي عليها أن تفعله لتستمر فى منح القرو ض وتحصيل الفوائد وهم كالموظف المرتشي يعقد لك الامور فى البداية ثم يقترح لك الحلول بعد دفع المعلوم فى النهاية لذلك تقوم البنوك بالإقراض بالكيفية الاسلامية التالية.

يتقدم العميل للبنك ليطلب  سلفة أو قرضا حسنا قيمته افتراضيا مليون وفترة السداد سنتين ونفترض أن نسبة الفوائد فى هذه الحالة 5%  قيمتها فى عامين مئة الف، يوافق البنك على الطلب لكنه يطلب من عميله مصاريف اصدار القرض قيمتها مئة الف دينار تسدد كاملة مسبقا فى حساب منفصل  ثم يمنحه المليون، ويحدث ألا يستطيع العميل سداد القرض فى عامين هنا يفرض عليه البنك غرامة تأخير بقيمة 5% على كل سنة والموضوع حلال لا اثم فيه فالبنك لم يقبض فائدة لكنه قبض مصاريف الاصدار الادارية وقبض غرامة التأخير.

والفرق بين نظام الفائدة وبين الطريقة الشرعية أن الفائدة تحسب على ما تم سحبه بالفعل وتنخفض كلما امتنع عن السحب أو كلما أودع  وتحسب على اساس يومي، اما فى النظام الفقهي فالفائدة مدفوعة مقدما ولا ترد وإلو رد العميل القرض فى اليوم التالي دون استخدامه.

 اليك فى موضوع الشراء بالمرابحة مثل أخر خذ تجارة السيارات

يقتضى هذا النظام أن يتملك البنك السيارة قبل أن يبيعها كما يشترط  أن ينقلها إلى مخازنه قبل أن يتعاقد عليها مع العميل وسنفترض أنه باعها بمبلغ محدد إلى  اجل محدد لنقل 4 سنوات تكون أكثر أحيانا أو اقل فى أحيان أخرى ويختلف ثمن السيارة باختلاف مدة القرض فيقع فى محظور جديد هو أن الرسول نهى عن البيعين فى بيع واحد أي لا يجوز أن تعرض السيارة بسعرين ولا فرق والحال كذلك أن تسدد بقية الثمن على عامين أو ثمانية أعوام.

ولضمان حق البنك فإنه يفرض على المشتري تأمينا شاملا للسيارة والتأمين حرمه الفقهاء فيدخل فى محظور أخر  لكن دعك من هذا ولنفترض أن أحوال العميل المادية تحسنت  ولا يرغب فى القيود التي يفرضها عليه البنك وتقدم راغبا فى سداد ما عليه، هل يخصم له البنك قيمة الفائدة على المدة المتبقية من القرض ؟ لن يفعل وعليه أن يدفع القرض محملا بالزيادة فقد حرم ألله الربا  أما فى نظام الفائدة فسيدفع القيمة الحالية للدين بعد خصم الفوائد على المدة الباقية كما تحدده قوانين مالية ثابتة.

اضف الى ذلك حين يطلب المستورد الات معينة بمواصفات محددة هل يشتريها البنك  ثم يعرضها على العميل وقد نهي الرسول عن بيع ما لا تملك بل وعن بيع ما ليس فى مخازنك  والبنك لن يتملكها ألا بعد سداد كامل ثمنها.

تعال نفكر فى حالة ثالثة ماذا لو احتاج موظف لسلفة لعلاج ابنائه أو للسفر أو لمناسبة اجتماعية  أو طالب يبحث  عن قرض لتمويل دراسته الجامعية وهو ليس تاجرا ولا يبيع ولا يشتري ماذا سيفعل؟

أما التاجر فاخترعوا له نظاما يقوم فيه البنك بشراء سلعة وهمية لدى العميل أو يبيعه أسهما بقيمة معينة مليون تدخل حسابه المدين اشترينا لك اسهما بمليون تسددها على دفعات ثم يبلغك البنك بقيد أخر اشترينا منك الاسهم بمبلغ 700000 كاش اضيفت لحسابك أي أنك ستقبض 700000 نقدا وتسددها مليون على مراحل  وأحل الشافعي أن تشتري البضاعة بثمن اجل ثم تبيعها لنفس البائع بثمن عاجل اقل  فى مجلس واحد فقد أحل الله البيع وضرب مثلا لذلك بأنك تشتري جارية من النخاس ثم تبيعها إليه بعد أيام و بأقل من ثمنها  وهذا مثل يصلح لتحليل الدعارة وليس للاقتصاد، والاخطر من هذا أن يتحول البنك إلى تاجر محتكر يلزمه أن يفهم فى جميع أنواع البضائع والسلع والخدمات ويفهم فى المقاولات والصناعة وبدلا من أن تتوزع التجارة على مئة ألف تاجر كل مختص فى مجاله يكفى أن يقوم بها عشرة بنوك.

وخطورة هذه الفذلكات أنها مكلفة وان عبئها يقع على المواطن نتيجة أن زيادة التكلفة تؤدي لزيادة الاسعار ويدرك الفقهاء أنهم يخالفون أول مبادئ الفقه وهو الامور بمقاصدها وينكرون حديث رسول ألله إنما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فهل من يذهب إلى البنك يذهب إليه بنية البيع أو الشراء؟

لا يهتم الفقهاء بذلك بل همهم ما يقبضونه من مرتبات ضخمة نتيجة ممارسة الرقابة الشرعية على معاملات البنوك.

والقضية تختلف الاراء حولها ومهما وصفت الاقوال  المبيحة بأنها شاذة أو ضعيفة أو مرجوحة فهذا لا يقلل من شأنها  وما دام فيها وجهات نظر مختلفة فهي موضع خلافي  لا يستطيع أحد أن يقرر فيه رأيا قاطعا وما المانع فى أخر الامر أن يتواجد النظامان جنبا إلى جنب ويستفت كل مسلم  قلبه ويختار ما يستريح إليه فهو المسؤول عن دينه.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 2

  • عبدو

    مثل هذه المواضيع لاتناقش بهذه السرعة والسطحية وإنما تحتاج إلى علم شرعي وهو ما أظن أن الكاتب يفتقده وعلم بالاقتصاد والعمل المصرفي وقد ناقشت المجامع الفقهية والمؤتمرات العلمية هذه المواضيع وهي تضم متخصصين في العلم الشرعي والاقتصاد على مستوى علمي رفيع فالرجاء عدم التشويش على الناس بمثل هذا الطرح غير العلمي والله المفق لما فيه الخير.

  • وليد عمير

    الكاتب لديه خلط كبير في قرائه للتاريخ الفقهي فهو يستشهد بمحمد عبده ومحمد عبده هو أول من تعاون مع المستعمر الاجنبي و كان صديق بلنت الإنجليزي وقد أوصى الأخير بمد يد العون لعبده في ما سماه نشر ارائه المتحرره ضد الرجعيه الاسلاميه. وكذلك على الكتب أن يراجع ما دفع إليه محمد عبده الى تبني مصر المحاكم المختلطه واستبدالها بالمحاكم الشرعيه.
    وكذلك لا أدري لماذا الكاتب يهاجم الفقهاء بطريقه أقرب للالفاظ رجل الشارع مثل ربطه لفتوي من الشافعي بشان إقتصادي على أنه يصلح كمثال لتحليل الدعاره على حد قول الكاتب. فاذا كان الكاتب غير مقتنع بكلام أهل العلم فلماذا يبني مقاله على أقوال أهل العلم.
    تقيمي أنه مقال متخبط فكريا و ليس له منهج واضح سوى أنه يحاول إيجاد تاصيل لتحليل الربا وقد سبقه الى ذلك الكثرين بغير جدوى فالدين واضح في هذا الأمر.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً