معيار عمر بن الخطاب في سعر صرف الدينار بالدراهم

معيار عمر بن الخطاب في سعر صرف الدينار بالدراهم

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

(سبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم)

من المتعارف عليه أن أول دولة إستخدمت المعدنين النفيسين الذهب والفضة في تثبيت قيمة أثمان السلع والخدمات في السوق، هي الدولة البيزنطية قبل الميلاد، حيث لجأ المفكرون في ذلك الوقت إلى ربط علاقة قوية بين معدني الذهب والفضة،كوسيلة دقيقة لتقويم أثمان السلع والخدمات، بدلا من آلإعتماد على معدن واحد منهما، بعد أن تطورت النقود من مرحلة المقايضة،إلى مرحلة النقود المعدنية الرخيصة كآلحديد والقصدير والنحاس أو المعدنية النفيسة كآلذهب والفضة.

في إعتقادي إن المفكر المبدع في ربط تلك العلاقة يهدف إلى تثبيت إستقرار أسعار المواد الغذائية، بسبب إختياره للحبوب المطعومة مثل الشعير والقمح والخردل،وذلك لدقة أحجام حبوبها من جهة، وعدم إختلافها بآختلاف ألأمكنة ( إذا تساوت في الخصوبة ووفرة المياة ) التي زرعت بها من جهة ثانية ،وأنها سلع ضرورية جدا جدا من جهة ثالثة. لا شك أن المفكر اليوناني قد إختار حبوب الخردل لقياس وتقدير أثمان السلع والخدمات لشدة رغبة الشعب اليوناني في سلعة الخردل، ولأنها وسيلة كفؤة للتقويم .علما أن الخردل يعتبر من النباتات التي تنتمي إلى فصيلة الكرنب، وبذوره مطعومة ولذيذة وذات رائحة طيبة، كما تستخدم كنوع من أنواع التوابل المشهية للأكل (تفتح الشهية)، ولها فوائد صحية مجربة، وسعرات حرارية مسجلة بلغت 508 وحدة في كل مئة غرام من الخردل.(جوجل –الخردل-18\12\2017)، وبما أن وزن الدينار يساوي 4.25 غرام ذهب صافي في الجانب ألأيمن من المعادلة، ووزن الدرهم يساوي 2.975 غرام فضة صافي في الجانب ألأيسرمن المعادلة.كما أنه من المعروف من مرحلة المقايضة،ومرحلة النقود المعدنية الرخيصة، أن السلع الموزونة والقابلة للقسمة يسهل تقويمها على أساس الوزن، مما جعل النقدين الذهب والفضة نفسهما تتحدد قيمتاهما على أساس وزنيهما. وبالتالي تم إعتبار قيمة وزن الدرهم الفضي بما يساويه (وزنا 2.975 غرام فضة)، وتم إعتبار قيمة وزن الدينار الذهبي بما يساويه وزنا 4.25 غرام ذهب ،فالرقم الأول هو القوة الشرائية للدرهم الفضي بالفضة، والرقم الثاني هو القوة الشرائية للدينار الذهبي بالذهب.ثم حسب عدد حبوب الخردل في وزن الدرهم الفضي فكانت 4200 حبة خردل، وحسب عدد حبوب الخردل في وزن الدينارالذهبي فكانت 6000 حبة ( وفق الرواية التاريخية القديمة).وبأخذ نسبة القوة الشرائية للدرهم بالخردل إلى القوة الشرائية للدينار بالخردل لتكون (4200÷6000= 0.7) سبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم .علما أن الشيخ المقريزي المتوفي سنة 845 هج لم يذكر زمنا محددا، عندما أشار إلى عملية وزن الدينار والدرهم  بحبوب الخردل ، إذ قال في كتابه ( إعاثة ألأمة بكشف الغمة ) (وقيل أن المثقال منذ وضع لم يختلف في جاهلية ولا إسلام. ويقال أن الذي إخترع الوزن في الزمان القديم بدأ بوضع المثقال،فجعله ستين حبة شعير،زنة الحبة مئه من حب الخردل البري المعتدل وإنه ضرب صنجة بزنة المئة حبة من الخردل ،وجعل بوزنها والمئة الحبة صنجة ثانية ، ثم صنجة ثالثة ، حتى بلغ مجموع الصنجات خمس صنجات. فكانت صنجة نصف سدس مثقال ،وأُُضعف وزنها وصارت صنجة ثلث مثقال ، فركب منها  نصف مثقال ، ثم مثقال . فعلى ذلك  تكون زنة المثقال الواحد ستةآلاف حبة.) (تحقيق د.كرم حلمي فرحات -2007م ).  وهذا يعني أن معادلة معيار عمر هي:-

  • ( 7×4.25 غ ذ)= ( 10 د ف(دف=2.975 غ ف)

ولأنه ذكر إسم الخليفة الثاني عمربن الخطاب بشأن شدة توجيهاته على المحافظة على العلاقة الوزنية بين الذهب والفضة من جهة،وثبات إستمرارها من جهة أخرى، لكي يتحقق أكبر إستقرارممكن للأسعارفي السوق، مما حفز الكثير من الباحثين( وأنا واحد منهم ) على تسميته بمعيار عمر (ر ل ع) تمييزا للمعادلة بأنها تخفف من سعة الفجوة التضخمية ،فتكون في صالح المواطنين. بل يضاف إلى ذلك ، إن الإمام المقريزي ذكر إن الخليفة بن الخطاب قد أقر النقود على حالها في السنوات الست ألأولى من خلافته،ولكنه في عام 18 هج كان أول من أمر بضرب الدراهم بالنقوش الفارسية مع إضافة بعض العبارات ألإسلامية. أما بالنسبة لحساب البعد القيمي الحقيقي للسلعة زمن الدولة البيزنطية، لا بد أنهم إفترضوا أن شدة الطلب على السلعة يكون على أساس كمية المنفعة التي تكمن فيها وهو السلوك الطبيعي والعفوي للإنسان المنطلق من نظرية المنفعة التي نضج تحليلها عند بعض أصحاب المدرسة التقليدية في القرن الثامن عشرالميلادي.إن شرط المنفعة شيء أساسي،لكي تكون للسلعة قيمة إقتصادية،كما نضجت نظرية العمل في القيمة أيضا،وأن العمل مصدر مهم للقيمة، ويتضافر مع نظرية المنفعة ،وساهم في تحليل ذلك كل من آدم سميث (1723-1790م)، وديفد ريكاردو (1872-م1823).لكن يجب ألا ننسى مساهمة العلامة إبن خلدون(1332-م1406) الكاتب ألإجتماعي التونسي، في تحليله لمصدر القيمة وإعطائه ألأهمية الكبيرة للعمل،لأنه بدون العمل لا يحصل ألإنسان على المنفعة،وأضيف أيضا حتى لو كانت الثمرة ناضجة معلقة في الشجرة،فلابد من سعي ألإنسان أو الحيوان نحوها للحصول عليها،وهذا السعي هو العمل ،وبالتالي يكون إبن خلدون قد سبق ماركس بنحو 482 سنة، وسبق سميث بنحو 388 سنة ،وسبق ريكاردو بنحو 479 سنة ،في تحليله لأهمية العمل في تحديد قيمة السلعة في السوق، مقابل المبالغة الممقوتة التي أعطاها ماركس للعمل ، أو المبالغة الملموسة من قبل المدرسة التقليدية لنظرية المنفعة في تحديد القيمة.

لكن بتقدم التقنية والعلوم ذات العلاقة بالتغذية أصبح من الممكن تفادي المشقة التي يتحملها الباحث في العصور القديمة ،الناشئة من عملية وزن  الدينار أو الدرهم بما يساويه من حبوب الشعير، وعد حبوب السلعة الموزونة لمعرفة أثمان السلع والخدمات،واستبدالها بالمنافع المباشرة وهي السعرات الحرارية التي يمتصها ألإنسان من الحبوب المطعومة مثل الخردل الذي تبلغ سعراته الحرارية 508 وحدة في كل مئة غرام من الخردل، وهي متوفرة عند علماء التغذية. إذن يكون مقدار السعرات الحرارية في الدرهم الفضي يساوي (508\100)×(2.975)= 15.113 وحدة حرارية ،ويكون مقدارالسعرات الحرارية في الدينار الذهبي يساوي ( 508\100)×(4.25)=21.59 وحدة حرارية.فتكون النسبة بينهما تساوي( 0.7 ) أي نفس نسبة العلاقة بين وزني الدرهم والدينار بالحبوب المطعومة المذكورة أعلاه.كما يمكن تحقيق التجربة ألإسلامية القديمة التي ذكرها ألإمام المقريزي في كتابه ( إغاثة ألأمة بكشف  ألغمة )، والشيخ الدكتوريوسف القرضاوي في كتابه ( فقه الزكاة )، بأنه تم تقدير وزن الدينار الذهبي ب (72) حبة شعير، ووزن الدرهم ب (50.4 ) حبة شعير من الحب الوسط، وإذا علمنا أن السعرات الحرارية في غرام واحد من الشعير هي نحو 3.54 وحدة، فتكون نسبة العلاقة ألأبدية بين الدرهم الفضي والدينارالذهبي هي نسبة القوة الشرائية من السعرات الحرارية للدرهم الفضي (2.975×3.54= 10.5315 س ح )، إلى القوة الشرائية من السعرات الحرارية للدينار الذهبي ( 4.25×3.54 = 15.045)،فتساوي (0.7 ) وهي العلاقة ألأبدية ألمستنبطة من وزني الدرهم والدينار ألإسلاميين بالحبوب المطعومة ، هي آلأخرى مستنبطة من وزني الدرهم الفضي والدينار الذهبي لتكون النسبة المذكورة ( 2.975 ÷ 4.25 = 0.7 )، وبالتالي أرى أن المحافظة على إستقرار الهامش القيمي للتخفيف من التضخم من المقاصد الخيرة لهذا النمودج.وسيكون من المتوقع أن يلتزم النمودج بأسعار الذهب الدولية، بينما سعر الفضة يبدأ بالسعر الدولي في بداية الفترة، ثم يلتزم الثبات مع البعد القيمي، وبتغير قيمته إرتفاعا أو إنخفاضا، لكن الدرهم المضروب بالسعر المعتمد يبقى سعره رسميا ثابتا، ويكون مقبولا إذا لم يرتفع سعره السوقي بنسبة ملموسة .في حالة إرتفاع سعر الفضة بنسبة كبيرة تحفز المواطن تداول الدراهم بالسوق بالوزن للحصول على قوة شرائية أكبر من القوة الشرائية التي كان يحصل عليها من الدرهم المضروب رسميا،لأن الدرهم في نمودج عبد الملك بن مروان زادت قيمته السوقية بنسبة 5% ( مثلا ) مع بقاء وزنه ( 2.975 غ ف ) وقيمته (425 ملغ ذ ) بدون تغيير، لتكون قيمته في السوق الموازية ( 4.25 ×1.05 = 4.4625 غ ذ ) = ( 446.25 ملغ ذ )، والدرهم الموازي  للرسمي يكون وزنه ( 3.124 غ ف ) ،أي أن وزن الدرهم الموازي يفوق وزن الدرهم المضروب الرسمي بنسبة 5% ، وهي نسبة زيادة وزن الدرهم الموازي.وما دامت قيمة العملة مخزنة في ذاتها، فإن المواطن لا يعاتب الدولة إذا إنخفضت القوة الشرائية للسلعة  بسبب إرتفاع سعر السوق لأي سبب أخر،ولا يعاتبها أيضا إذا إنخفضت قيمة الدرهم بسبب إنخفاض القوة الشرائية له مع بقاء قيمته الذاتية، وبالتالي تصبح المشكلة مشكلة تحديد ألأسعار، والسوق أولى بها ،ليحدد سعر صرف الدرهم نيابة عن المصرف المركزي، وأسعار السلع بتفاعل البائعين والمشترين. أليست هذه هي السوق الحرة، التي أطالت من عمر الدينار الذهبي ألإسلامي حتى عام 1918 م.

وبغياب كثير من المعلومات كيف نشأ البعد القيمي بين الذهب والفضة ؟ ، وهل كان فعلاعند ضرب النقدين ( الدينار والدراخما) في الدولة البيزنطية غرام من الذهب الصافي يساوي سبع غرامات من الفضة؟ ،أي ( 1 غ ذ =7 غ ف ) وبالتالي تكون قيمة غرام من الفضة بالذهب تساوي مقلوب قيمة غرام من الذهب بالفضة أي:

( 1 غ ذ\7 غ ف = 0.142857 غ ذ). ثم ما الذي جعل ألإغريقيين يحسبون ثبات نفس النسبة (سبعة إلى عشرة) في نسبة وزن الدرهم الفضي إلى وزن الدينار الذهبي من خلال حبوب الخردل بآعتبارها مطعومة، ومرغوبة لديهم، مما جعلهم يتخذونها وسيلة لتحديد البعد القيمي لحصر تذبذب أسعار السلع والخدمات .

لذلك أرى من الممكن أن الدولة البيزنطية هي التي حددت قيمة الديناربالوزن المعروف ( 4.25 غ ذ ) لأن السعر السائد في ذلك الوقت هو غرام واحد من الذهب الصافي يساوي سبع غرامات من الفضة ، فتكونت لدينا المتساوية ( 7×4.25 غ ذ= 29.75 غ ف )

وكان السائد في ذلك الوقت وما بعده أن أغلب الدول تفضل النظام العشري في تحديد فئات العملة ( عشرة أو مئة )، وبما أن فئة المئة غير ممكنة، لإستحالة سك درهم بأقل من غرام، تم إختيار دينار ذهبي يساوي عشرة دراهم، لتصبح المتساوية معادلة بمجهول واحد، هو وزن الدرهم الفضي بالغرام ليكون كما يلي:-

( 7×4.25 غ ذ = 10 د(زدف). فيكون وزن الدرهم الفضي ،

( ز د ف ) =(7×4.25 )\10 =2.975 غ ف.وهو الرقم المجهول لوزن الدرهم الفضي بالغرام،لنحصل على تلك النسبة الثابتة

( 0.7). التي أصلها هو إفتراضنا (سبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم)، فآنعكست نفس النسبة لتكون هي نسبة وزن الدرهم إلى وزن الدينار( 2.975\4.25=0.7).وبالتالي أصبح مصطلح المثقال هو مقدار وزن الدينار من الذهب وليس قيمته.

ومن جهة أخرى بادر ألإمام المقريزي في تحليل هذه المعضلة بقوله ( وإنما جعلت العشرة من الدراهم الفضية بوزن سبعة مثاقيل من الذهب ، لأن الذهب أوزن من الفضة وأثقل. وكأنهم جربوا حبة من الفضة، ومثلها من الذهب،ووزنوهم فكانت زنة الذهب أزيد من زنة الفضة بقدر ثلاثة أسباع الدرهم إذا أضيفت عليه بلغت مثقالا ((2.975 × 3\7 = 1.275 )+2.975 =4.25 غ ذ))، والمثقال إذا نقص منه ثلاثة أعشاره بقي درهما((4.25 – (4.25× 3\10 = 1.275 ) = 2.975غ ف)).( فرحات- ص 126-130 ) ( ملاحظة: ألأرقام وضعها الباحث للتوضيح).

من الملفت للنظر أن الإمام المقريزي ذكر أن وزن الذهب أزيد من وزن الفضة دون ذكر مصطلح الكثافة المتعارف عليه في الوقت الحاضر، ولكن لسعة أفقه أظهر أنه يعلمه عندما قال ( وزن الذهب أزيد من وزن الفضة ) عندما جربوا وزن حبة من الذهب ومثلها من الفضة،أي بتوحيد كبر الحبة أو حجمها .إذ وفق منشورات جوجل بتاريخ 5\3\2018 كانت كثافة الذهب 19.3 غرام\سم3 ،وكثافة الفضة كانت 10.5 غرام\سم3 .وبالتالي تكون النسبة بينهما هى0.544 = (10.5 ÷19.3 )، وهي تنحرف سلبا عن النسبة المرغوبة ( 0.7 ).لكن في حالة إستخدام أهمية الكثافة بين وزني النقدين، فلا يمكن الوصول إلى توازن معيار عمر(ر ل ع ) بالتحليل المقريزي السابق، لأنه في معادلة المعيار تركب مقدار الدرهم على أساسين :- ألأول هو وزن الدينار يساوي 4.25 غرام ذهب، والثاني هوسبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم وزنا، لآستخدامنا مصطلح المثقال للدلالة على وزن الدينار من الذهب غير المسكوك مثل الحلي.وبقي وزن الدرهم مجهولا ليكون نتيجة حل المعادلة،وليس إثباتا للنسبة التي جاءت فرضا (سبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم)،أي تحققت هذه المقولة قبل وجود تلك النتيجة، إذا بقي وزن الدرهم على حاله دون تأثير بعوامل السوق ، بينما المقولة أصبحت مقبولة بآلإفتراض وليس بآلإثبات الذي جاء فيما بعد.علما أن التحليل الدقيق للإمام المقريزي لهذه الحالة يظهر متوازنا ، لأنها لحالة خاصة، يكون التوازن فيها يتحقق، عندما (3\7 من وزن الدرهم = 3\10 من وزن المثقال=1.275 غ)،حيث إذا أضيف فرق الوزن إلى وزن الدرهم أصبح مثقالا،وإذا نقص من وزن المثقال أصبح درهما .وهذه الحالة الخاصة يمكن إستمرارها إذا حافظت الدولة على إستقرار ألأسعار في السوق، وحافظت على إنتشار العدالة ألإجتماعية بين المواطنين، وإقناعهم بأن ثبات سعر الصرف مع العالم الخارجي يعتبر عاملا قويا ودعما مباشرا للتنمية ألإقتصادية المستدامة.بينما لو تأثرت قيمة الدرهم بالإنخفاض بسبب عوامل السوق الرئيسة ( زيادة المعروض من الفضة، أو إنخفاض الطلب عليها) مع ثبات هيكلية الطلب والعرض بالنسبة للذهب ،فإنه وجب تعويض الدرهم بالوزن المفقود من الفضة، بسبب إرتفاع سعر الذهب ، وكذلك ما يقابله من الوزن الذهبي كقيمة سوقية.إذ قرأت يوم 28\8\2017 أحد منشورات جوجل فذكر الكاتب أن الدينار قي عهد الرسول (صلعم) يساوي 12 درهما، ووزن الديناريساوي 4.25 غرام ذهب، لغرض الإجابة على سؤال يتعلق بمجموع مهر نساء النبي، وبدون شك كانت إجابة الكاتب هي مجموع المهر يساوي 500 درهم،أي ما يعادل (41.5) دينار وهوما يساوي 176.375 غرام ذهب.لكن ألإجابة الدقيقة مني هي (500 ÷12=41.667 دينار ذ) ثم يحول إلى ما يساويه من وزن الذهب (41.667×4.25 =177.085 غ ذهب. ثم يفضل ألأخذ بعملة دولية مثل الدولار، ثم العملة المحلية.لكن بالنسبة للدينار يساوي 12 درهما في عهد الرسول، فهذا هو الدرهم الشرعي الذي يهتم به العلماء، وليس الدرهم المضروب رسميا من قبل الدول الفارسية أو الرومانية أو البيزنطية، بل هو ذلك الدرهم الذي تأثر بعوامل السوق الهيكلية، فأصبح وزنه لا يكافئ الوزن  الذهبي المقابل له في الدينار.وبالتالي تكون المعالجة تتعلق بالدرهم المتأثر بالإنخفاض وحده، وليس كضرب جديد لإفترض جديد هو سبعة مثاقيل مقابل 12 درهم على سبيل المثال، لكن من الممكن التدخل،وألإبقاء على شرط سبعة مثاقيل مقابل عشرة دراهم، والقيام بحسبة نسبة ألإنخفاض في الدرهم الظاهرة في زيادة وزن الدرهم ،وزيادة نفس النسبة في وزن الدينار.وهنا يمكن ألإستفادة من التحليل المقريزي المذكور أعلاه.

1_عند ضرب العملة، 7×(4.25)غ ذ = 10 د( دف=2.975 غ )

2-عند المعالجة،7×(4.2857 )غ ذ= 10 د(دف=3.0 غ ف)

3-النسبة=(0.025\3)=0.0084  زيادة الذهب (0.0357+4.25)

=4.2857غ

4 –  3\10×(4.2857)=1.2857 غ، إذن د ف=4.2857-1.2857=3.0 د ف

5- 3\7 ×(3.0)=1.2857 غ، إذن المثقال= 3.0+1.2857 =4.2857 غ ذ. ونسبة د ف\د ذ =0.70000.وبالتالي فإن المعادلة قد رجعت إلى توازنها ألأول. يعتقد الباحث أن هذه المعالجات لا تتم بنسبة كبيرة في السوق ،إلا إذا كانت نسبة إنخفاض قيمة الدرهم ملموسة لدي المواطن، أو قيمة الصفقة التجارية كبيرة، تكون قيمة الفقد فيها ملموسة لدي البائع، بينما في حالة نسبة ألإنخفاض التي لا يحس بها البائع، فإنه يفضل إتمام مبيعاته بسرعة بدل ضياع الوقت في تحقيق وزن الدرهم المضروب محليا والمعروف أنه فقد من قيمته مثلا (1%).

ومن جهة أخرى، إذا حصل تضخم بسبب قصور جري نهر النيل في مصر، أو عدم نزول المطر في ليبيا وتونس، أو حدوث آفة مثل هجمة الجراد على ليبيا بأواخر النصف الثاني من ألأربعينيات ، فإنه  يتوقع إرتفاع أسعار الغلال الزراعية ، وخاصة القمح والشعيربما لهما من أهمية كبيرة في غذاء المجتمع الليبي.وبالفعل عندما نقص نزول المطر كثيرا في عامي 1946 و1947 وآنخفض ألإنتاج وتضاعفت ألأسعار، مما أصبح الشعب الليبي يعاني من الركود ألإقتصادي،وتوزيع الخبز ذات الحجم الصغير للبيع حسب عدد أفراد ألأسرة فقط.وبعد الهجمة الكبيرة للجراد على محصول الغلال، أتت عليه بكامله، ولما شبعت داخت بسبب أدوية ألأمم المتحدة غير الفعالة، فنشطت العمالة الليبية النائمة في الظل وجمعت تلك الملايين من آلجراد المتحركة تحت سكرات الموت، وتم تحميسها بالنار، ثم بيعت بجميع مقاييس الكيل بثمن بخس بدراهم معدودة، في سوق باب الحرية بين شارع عمر المختارومدخل المدينة القديمة بحرا، فكانت هذه الوليمة نعمة من الله للفقراء والمساكين لإطفاء سم الجوع،وكانت أيضا عقابا للذين كسبت أيديهم ألأموال بالباطل من خلال خزن الحبوب لرفع ثمنها أو إحتكارها وإبعادها عن السوق.

ومن جهة أخرى، أشار ألإمام المقريزي في كتابه إلى غلاء حدث في زمن الملك الناصر محمد بن قلاوون( 684-741هج)، حيث قال 🙁 في أول شهر رجب سنة 736هج وقع الغلاء بالديار المصرية، وعز القمح ( أي نقص عرضه وآشتد الطلب عليه) ووصل كل إردب (150 كغم) إلى سبعين درهما،وإردب الفول ( 160 كغم ) إلى خمسين درهما،ومع إنعدام القمح من ألأسواق، كثر ألإزدحام على الحوانيت،ولغرض ألأمن رتب الوالي على كل حانوت أربعة من أعوانه معهم المطارق (عصى من الخشب الخشن) لدفع الناس من حوانيت الخبز،فضج الناس للسلطان وآستغاتوا به فجمع الأمراء وقال لهم:يا أمراء شهر عليكم،وشهر علي ،وشهر على الله  ،ففتح الأمراء الشُون (مفردها مخزن للغلة) وباعوا كل إردب بثلاثين درهما ، أي بآنخفاض بلغ نحو  57.1%، ففرج على الناس ، وفتح السلطان  حواصله في شهر شعبان،وباع كل إردب بخمسة وعشرين درهما أي بآنخفاض بلغ نحو 64.3% ،ودخل الفول الجديد والشعير فأكل الناس منه إلى أن دخل شهر رمضان فجاء القمح الجديد، وآنحل السعر)(فرحات- إغاثة ألأمة-ص-113).

وفي الغالب يقصد ألإمام المقريزي من مصطلح ( وآنحل السعر) هو رجوعه إلى التوازن السابق أو قريبا منه، كما ذكره في صفحة أخرى(ص- 115).وللأسف لا يوجد لدينا السعر التوازني قبل غلاء الغلال في عام 736هج ،ولكن بذكر الحشد التعاوني الذي أسسه الوالي مع ألأمراءبالمساهمة بتخفيض ألأسعار إلى 30 درهما لإردب القمح من قبل ألأمراء و25 درهما للإردب من قبل الوالي بآعتباره يمثل الدولة، وكذلك بالنسبة لتأكيد المقريزي بأن ألأسعار في الغالب ترجع إلى التوازن أو قريبا منه، فإنه من الممكن التوقع بسعر توازني بين 20 درهما أو أكثر قليلا بعد شهر رمضان 736 هج. وآلإمام المقريزي قد أثقن دوره كداعية صامتة،

عندما إستعرض جميع ألأزمان التي حدثت فيها موجات الغلاء في ألعالم ألإسلامي ،وخاصة في مصر،حيث ترك وصية للمسلمين نجوا إن أخذوا بها:(إن ما يحدث من آفات سماوية في غالب ألأمركقصور جري النيل  بمصر،وعدم نزول المطربالشام والعراق والحجاز وغيره، أو آفة تصيب الغلال من سماء تحرقها أو رياح تهيٌفها، أو جراد يأكلها،وما شابه ذلك، هذه عادة الله في الخلق إذا خالفوا أمره وأتوا محارمه أن يصيبهم بذلك جزاء ما كسبت أيديهم. وهو إقتباس من قوله تعالى (ولله ما في السموات وما في ألأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) النجم 31 .وقال تعالى (ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون) الروم 10.أليس الليبيون حريين اليوم وليس غدا أن يتدبروا وصية  المقريزي. والتدبر هنا وجب أن يكون في إطار قوله تعالى:-

( بل تؤثرون الحياة الدنيا 16، وآلآخرة خير وأبقى 17،) ألأعلى..

التجربة الليبية في تحقيق العلاقة الثابتة المستدامة :-

لجأ الباحث إلى حساب هذه العلاقة ألأبدية الثابثة بنفسه ليتم توثيقها وفق الأسس  المتعارف عليها علميا.وهنا وجب الشكر الجزيل للأخوة الذين ساعدوني في هذا الشأن ، وأولهم الخبير في زراعة الحبوب (الشعير والقمح ) السيد عبد الرحمن محمد بريون صاحب مزرعة بوادي الهيرة في طرابلس الكبرى، لتزويدي بعينتين من الشعير، الأولى من مزرعته التي بدأ ريها بالمطر الطبيعي ثم لحقها بالمطر الصناعي لقلة ألأمطار في محصول عام 2017 ، بينما العينة الثانية كانت من مزارع مدينة سبها بالجنوب الليبي التي يتم ريها بالكامل بالمطر الصناعي، لذلك يلاحظ أن متوسط حبة الشعير التي تمتعت بغزارة الري الصناعي بالكامل أكثر وزنا (425 ملغم ÷ 95 حبة =4.474 ملغم لكل حبة) من حبة الشعيرالتي تمتعت بمستوى أقل من الري(425 ملغم÷103.5 = 4.106 ملغم لكل حبة). أي بنسبة ( 4.474 ÷4.106 =1.0896) زيادة نحو 9%كما زودني بعينتين من القمح : فرينة وصلب. أما بالنسبة لعينات الخردل بنوعيه من حيث اللون القمحي الغالب عليه البياض واللون الزيتوني الغالب عليه السواد، والأرزالمصري قصير الحبة فقد تم شراؤها من السوق  لعدم إنتاجها في ليبيا .( انظر الجدول ألأول) .كما ساعدني كل من المهندس الزراعي كمال سعيد كعوان صاحب متجر لبيع الفضة بمجمع زرقاء اليمامة ،وابني الدكتور عبد السلام نوري بريون في القيام بعمليات الوزن لأكثر من مرة أو مرتين، لزيادة كفاءة التقدير، ومع ذلك راجعها الباحث أكثر من مرة ليؤكدها ويؤكد تحمل مسئوليتها،فإن كانت صحيحة فذلك توفيق من الله،وإن كانت معيبة،فإنه تقصير مني فأرجو المغفرة من الله والسماح منكم ، والله أعلم .

وبتفحص تطبيق العلاقة ألأبدية بين وزني الدرهم والدينار، فإنها قد تحققت مع الشعيرسواء كان منتجا في طرابلس أو في سبها، كما أنها تحققت مع القمح نوع فرينة لتكون النسبة دقيقة حتى الخانة الثانية، ولكن الخانة الثالثة من الكسر العشري تدنو من التقريب  عند ( 0.704)، مما جعل حسمها جبريا ليكون عدد حبات وزن الدرهم يساوي ( 108 ×0.7 = 75.6 حبة ) 75.6 حبة فرينة.

أما  بالنسبة للقمح نوع صلب، فإنه سجل نسبة أعلى بلغت ( 0.7709 )، أي بزيادة تصل إلى10.13% عن النسبة المطلوبة، مما يجب تكرار التجربة،وآستبدال (الحبات المتطرفة صغرا أو كبرا) بحبات متوسطة تنسجم مع ألأغلبية.إذ بلغ متوسط وزن حبة القمح الصلب نحو(16.975 حبة لكل واحد غرام في الدرهم، ونحو( 15.882 حبة لكل واحد غرام في الدينار، وما دام ألمتوسطان مختلفين، فإنه يوجد إنحراف إلى أعلى بلغ (16.975÷ 15.882 = 1.0688 )،أي بزيادة نحو 6.88%. وبالتالي سيكون الحل هو ألإستمرار في التخلص من ألإنحراف سلبا أو إيجابا، أو التخلص جبريا من الفرق سلبا أو إيجابا. في هذه الحالة تخفيض عدد حبوب القمح الصلب من وزن الدرهم (16.975 \1.0688 )=15.882 حبة\1غ) للحصول على متوسط عدد الحبوب \1غ في وزن الدرهم ،يساوي متوسط عدد الحبوب\1غ في وزن الدينار، ليتم التوازن بالحصول على الوزن التوازني للدرهم البالغ 47.25 حبة من القمح ( 15.882×2.975 = 47.249 ) كوزن للدرهم ،  فيكون التوازن بتغير وزن الدرهم وبقاء وزن الدينار على حاله (47.25 \67.5 =  0.700 ،أو زيادة متوسط حبوب القمح الصلب بنفس النسبة  إلى وزن الدينار( 15.882 ×1.0688 = 16.975 حبة\1غ) من وزن الدينار ليتساوى مع متوسط عدد الحبوب في الدرهم (16.975حبة\1غ) ،  ويتم التوازن الثاني (16.975 ×4.25 = 72.14375 حبة\1غ من القمح الصلب في وزن الدينار،فيكون التوازن 50.501 \72.144 = 0.700، فيتم التوازن هنا بتغير عدد حبوب وزن الدينار وثبات عدد حبوب وزن الدرهم.وآلأفضل عند الباحث هو ثبات وزن عدد حبوب الدرهم لأنه ألأصغر وزنا ويمكن ألتأكد من كفاءة الحسبة أكثر من مرة.

ألجدول ألأول

( العلاقة ألأبدية بين وزني الدرهم والديناربالحبوب المطعومة )

الحب المطعوم مصدره وزن الدينار الذهبي     4.25 غ وزن الدرهم الفضي     2.975 غ نسبة وزن دف\دذ سعرة حرارية \1غ
  الشعير حب متوسط طرابلس وادي الهيرة 103.5 حبة 72.5 حبة 0.700 3.54
الشعيرحب متوسط مزارع سبها 95.0 حبة 66.5 حبة 0.700 3.54
قمح فرينة حب متوسط طرابلس وادي الهيرة 108.0 حبة 76.0 حبة 0.704 4.85
قمح فرينة 108حبة 75.6حبة 0.700 4.85
قمح صلب متوسط طرابلس وادي الهيرة 65.5 حبة 50.5 حبة

 

0.771 4.85
قمح صلب متوسط وادي الهيرة 67.5 حبة   67.5 ح 50.5حبة     47.25 ح 0.748       0.700 4.85
الأرز مصر 215.0 حبة 150.5 حبة 0.700 4.135
الخردل حبة صغيرة لون قمحي   أبيض 860 حبة 602 حبة 0.700 5.08
الخردل حبة صغيرة لون زيتي أسود 775 حبة 575حبة 0.742 5.08
ألخردل حبة صغيرة لون زيتي أسود 775 حبة 565 حبة 0.729 5.08
الخردل زيتي اسود 807 حبة 565 حبة  0.700  5.08

المصدر- الباحث وآلإخوة المساعدون .

أما بالنسبة لحبة الخردل الزيتوني الغالب عليه السواد فقد أظهرت التجربة الليبية خلافا شاسعا من حيث عدد الحبوب المذكورة في  كتاب ألإمام المقريزي،وما قبله، وهو6000 حبة لوزن الدينار الذهبي، و4200 حبة لوزن الدرهم الفضي، ليحصل التوازن ( 4200\6000=0.70)،بينما في التجربة الليبية هبط عدد الحبوب كما هو في الخردل القمحي الغالب عليه البياض، الذي حقق التوازن (602\860=0.70) بنفس النسبة المكونة لهامش معادلة معيار عمر (ر ل ع) أي من 1 إلى 7 ، أو سبعة مثاقيل تساوي عشرة دراهم. بينما في حالة الخردل الزيتوني الغالب عليه السواد ،لم يتحقق التوازن بسبب عدم تناسق الحبوب ، ويمكن تصنيفها إلى أربعة أحجام :- صغيرة جدا، صغيرة، متوسطة جدا، متوسطة. وتمت المحاولة ألأولى بدقة بآلعد  ألإحصائي المتعارف عليه، فكانت النتيجة ( 575\775=0.742) أي بآلتجاوز بنسبة 5.99%، ثم أعدنا المحاولة الثانية بإبعاد ألأكثر صغرا من وزن الدرهم( 10 ح)،فكانت النتيجة ( 565\775=0.729)، أي بآلتجاوزبنسبة  4.143%، وهي أقل إنحرافا من النتيجة ألأولى، وبالتالي من ألأفضل أن نلجأ إلى آلحسم الجبري بحساب متوسط عدد الحبوب في الدينار(775\4.25=182.353 ح\1غ) ومتوسط عدد الحبوب في الدرهم (565\2.975=189.916 ح\1غ)، ومنه تكون نسبة الزيادة بين هذين المتوسطين( 189.916\182.353= 1.0415 ) نحو 4.15% في وزن حبوب الدرهم ،ثم تنعكس هذه النسبة بالزيادة في عدد مجموع حبوب وزن ( 775×1.0415=807ح) الديناربالقمح ، فتكون ( 775+ 32 =807 ح ) 32 حبة تضاف إلى وزن الدينار، ليتحقق  التوازن ( 565\807= 0.700 ).

كما تمت التجربة على حبوب ألأرز( مصري قصير الحبة)وهو أيضا لأنه طعام مرغوب لدي أغلبية سكان العالم، وخاصة في آسيا والوطن العربي،وكانت النتيجة متوازنة (150.5\215= 0.700).هي آلأخرى.

الدكتور نوري عبد السلام بريون المستشار السابق لمصرف ليبيا المركزي،والمدير ألأسبق لإدارة الرقابة على المصارف،والمدير ألأسبق لإدارة البحوث ألإقتصادية وآلإحصاء.( 20\3\2018 ).

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. نوري عبد السلام بريون

المستشار الاقتصادي، ومدير إدارة الرقابة على المصارف الأسبق لمصرف ليبيا المركزي

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً