مفتي الديار الليبية يكتوي بنار الإخوان!

مفتي الديار الليبية يكتوي بنار الإخوان!

في بيان له بصفته مفتي عام الديار الليبية يستنكر المفتي تعرضه “للإقصاء” و”التغييب” المُتعمّد لسمَاحته عن ما يجري في الساحة ويُعرب عن استيائه من حِرمَانه من اطلالته في برنامجه الاسبوعي على القناتين الرسميتين. ويتساءل سيادة المفتي بحرقة: من “المسؤول” عن الإعلام ومن يُسَيطر عليه؟

بينما في المقابل تلتزم جماعة الاخوان – فرع ليبيا – الصمت فالقنوات الليبية الرسمية أحتلتها قوى جماعة الإخوان ضمن ما يسمى بـ”وضع اليد” وقد انتزعوها برجالهم وعتادهم ودفعوا ثمن بقائهم فيها، واستخدامهم لها منذ تحرير طرابلس كما فعلوا بقناة الشهيد محمد نبوس من قبلها “ليبيا الحرة”. ولأن الإخوان يتقنون فنون الإنقلاب وعلى غرار ما حدث بإنقلاب سبتمبر فإن الإذاعة والتلفزيون كانتا على رأس أولوياتهم اضافة لجيش من المليشيات المسلحة فقد “أعدوا” للشعب الليبي ما استطاعوا من قوة. وفقاً لشعار البنا الشهير “وأعدوا”. وقد أرهبنا بالفعل نحن الشعب المغلوب على أمره ما أعدوه لنا.

ورداً على أسئلة الشيخ “المُلحَة” في بيانه، نود أن نلفت عنايته بأن القنوات الرسمية اليوم ياشيخنا الفاضل ليست في وارد “االمواعظ” فهذا الوقت هو وقت الذروة للجرعات الاعلامية المكثفة لتسويق مرشحي جماعة الاخوان ومنهم السيد البرعصي وأبو شاقور لإنتزاع رئاسة الوزراء واللذان لايغادران الأستوديو إلا إلى استوديو آخر في قنوات الشعب الليبي..! غير آبهين بأحد.

غريب أمر بيانك ياشيخ بشأن انقطاع بث برنامجك ! فجماعة الإخوان لم يكترثوا بشعب بأسره ورغم أنوفهم يحتلون منابر الاعلام الرسمي ليروجوا لمرشحيهم وللدعاية لحزبهم ولم تسلم حتى المساجد والتي تحولت إلى ما يشبه “مثابات لجان ثورية إخوانية” وما عادت بيوتاً لله بل بيوت اخوانية. وقد هجرها الناس وعزفوا عن دخولها إلا من كان اخوانياً … وكل ذلك كان تحت سمعك وبصرك ! وتستغرب اليوم ياشيخنا أن ينقلبوا عليك ويغلقوا في وجهك استوديوهاتهم ليتربع فيها بدلاً عنك فخامة “ولي عهد الكيب” السيد أبو شاقور أو رفيقه البرعصي وتتألم لحرمانك من أن تكتحل أعين الجمهور برؤياك؟

كيف لا يفعلون ذلك وقد أذن لهم سادة العالم بأن تكون جماعة الإخوان هم ورثة الطغاة القدامى في الشرق الأوسط بحلته الربيعية الجديدة…!

فإن اسرائيل وأمريكا أبداً لا يلعبان “النرد” حينما يدفعان بأي جماعة أو تيار سياسي لسدة الحكم في الشرق الأوسط. فإنه لامجال للمجازفة وترك الأمر للصناديق كما يتوهم الكثيرون. فما الذي حدث في ليبيا مثلاً ؟ ولماذا جاء ما أفرزت عنه صناديق الاقتراع مغايراً تماماً للأمر الواقع الذي تم فرضه على الناخب الليبي؟ فهل يعقل أن يتم منح صوت الناخب لشخص أو كيان لم ينتخبه؟ بحجة اتاحة الفرصة للجميع فهل نعيد على مسامعك ما قاله “تشومسكي” أحد علمائهم بأن “أمريكا لن تسمح أبداً بقيام نظام ديمقراطي في بلدان الربيع العربي، لأن صناديق الاقتراع تعني سحب البساط من تحت أقدامهم، وخيارات الشعوب أبداً لن توافق هوى أمريكا”..!

ولا نبالغ إذا قلنا بأن كثير من الناخبين تكبدوا مشاق ذلك اليوم القائض في 7 يوليو ليقفوا في طوابير الاقتراع حتى يقللوا فرص كثير من الشخصيات والكيانات التي لا يثقون بها ويرفضون أن يكونوا ضمن قيادات دولتهم، ولم يكن أي من أولئك الناخبين يتخيل أن صوته ربما سيكون ضمن ما يسمى بـ “البواقي” التي تمنح للشخص أو الحزب الذي يرفضه أصلاً شكلاً ومضموناً..! كانت تلك خدعة “اخوانية” ذكيّة لإنتزاع عدد لا يُستهان به من كراسي البرلمان. وكان لهم ذلك… وليس فقط البرلمان بل وكذلك الحكومة ورئاستها ولم يكتفوا بمرشح واحد بل وضعوا بكل ثقلهم !

ففي لمح البصر تحوّل ذلك الطقس الانتخابي المهيب إلى مجرد مسرحية هزلية لعب فيها الشعب دور “الكومبارس” المسكين ! ليعود إلى بيته يجر أذيال خيبته..! فطالما أرادت القوى الكبرى “جماعة الإخوان” بديلاً للطغاة المنتهية صلاحيتهم فيبدو أنه لاراد لمشيئتهم … كان القذافي يعترف بالحقيقة عند قوله بأن “الحكام العرب الذين تنتهي صلاحيتهم بالنسبة لأمريكا فإن مصيرهم إلى مزبلة التاريخ” وكذلك رأينا تشبته وزملاؤه ممن سقطوا بحجة أن بقائهم في الحكم هو صمام أمان اسرائيل” ولم تجدي نفعاً فقد انتهى دورهم !

انهم بكل صفاقة يستفزون شعباً بأسره … وليس فقط بانتزاعهم كراسي البرلمان بـخدعة “البواقي” أو بتسللهم ضمن مقاعد المستقلين، بل وباستخدام وسائل الإعلام الرسمية التي تعود ملكيتها لكل الشعب الليبي ويتم الإنفاق عليها من أموال الليبيين ليستخدموها للدعاية لمرشحي حزب الإخوان ! أليست هذه صفاقة سياسية بإمتياز.. فما الذي كان ينتظره سماحة المفتي من جماعة جامحة للحكم المطلق طامحة وبأي ثمن وبدعم اقليمي ودولي !

قلنا مراراً بأن سماحة المفتي لابد وأن يكتوي بنار الأخوان وجحيم آل سعود التي أسهم بإضرامها في دياره…! ولكن … كعادة كل من أسكرته السّلطة وتَنعّمَ بالسمع والطاعة فسماحته يرفض الإصغاء أو الاكتراث بغير ما يُحِب أن يَسمَع، هذا ان كان يملك مفاتيح سمعه وبصره. ولكن تلك هي عاقبة البسطاء والدراويش.

أ الآن يا سماحة المفتي تتساءل عمن هو المسيطر على الاعلام؟ بعد عامين أو يزيد وأنت تلسعك أضواء استوديوهاته؟ أيعقل بأنك لا تدري طيلة هذا الوقت من يقف خلف تلك الأضواء ويأذن لك بأن تطل على “الدهماء” كُلّما أرادوا لك أن تفعل؟ فإن كنت أنت الأصم في “الزفة” فأي نُصح وأي موعظة تنتظرها الرعية من مفتي ديار لا يعلم عن دياره شيئاً..!؟

وهل هذا كل ما آلمك وأستفزك مما يحدث في “ليبيا” يا سماحة المفتي ؟ ألم يصلك أنين المظلومين والمعذبين وعشرات الآلاف من المسجونين والمغيبين والمهجرين قسراً عن ديارهم وأهلهم؟ ألم يستفزك حال ضحايا الحرب وحال الأطفال والنساء والشيوخ الليبيين الذين يفترشون العراء والموزعين بأكواخ الصفيح تحت قيض الصحراء الليبية وقد هجروا من ديارهم بغير حق؟ أو تنتظر أن يستوردوا سراً الفتاوى من ديار حلفائك مشائخ آل سعود وأن يقولوا لهم “بأنه قد أذن لهم أن يقاتلوا” ؟؟؟ كما منحوا الإذن للمهووسين بالأحجار والمقابر ولولا فضل الله وستره لكان للمتآمرين من مشائخ آل سعود ما أرادوا وأشعلوها حرباً من أجل موتى قد تحول رفاتهم إلى هباء.

هل تنتظر حرباً أخرى لا تبقي ولا تدر بين بني قومك وفي ديارك التي ترفض أن تدعوا بأن يقيموا العدل فيما بينهم ويعجلوا بتفعيل قضائهم؟؟؟ ألم يستفزك يا شيخنا حال ليبيين في ريعان شبابهم يُزج بهم ليكونوا وقوداً هشاً لحرب طائفية امتثالاً لفتاوى القرضاوي وبقية مشائخ سلاطين الخليج والبيت الأبيض؟ ألم يحرك لك ساكناً انقسام بني قومك وفتنة تستشري بالبلاد؟ ما الذي تنتظره حتى تسمعنا صوتك منحازاً للحق ومحرضاً على اقامة العدل. وأذكر يا شيخنا بأن الجبال قد أشفقن من حمل ما قبلت حمله من أمانة. فأنجوا بجلدك إن لم تكن قدرها.. ولا تكن ظلوماً جهولا..!

ولكن ليطمئن قلب سماحتك المنتفض من أجل ايقاف برنامجك الأسبوعي نجيبك على تساؤلك الذي أقض مضجعك عمن يسيطر على الاعلام … ياسماحة المفتي إن من يسيطر ويهيمن على الإعلام في ديارك هم إخوانك “المتهافتون على السلطة” ممن حولت دور العبادة من الدعوة لله إلى الدعوة لحزبهم وحولت منابرها إلى منابر للدعاية السياسية لهم وجعلت من نفسك بوقاً دعائياً يروج لسلعتهم وبضاعتهم. انهم ذاتهم من ينطقونك متى شاءوا ويخرسونك متى شاءوا…! انهم هم ذاتهم يا سماحة المفتي من سحبوا البساط من تحت قدميك الغضتين، فقد انتهت وظيفتك وانتهى دورك على الركح… وحان وقت خروجك غير مأسوف عليك..! وقد آن الآوان أن تعلم بأن سماحتكم لم تكونوا إلا مجرد “بيدق منتفخ” على رقعة المتهافتون على السلطة… ورقعة حرب المملكة العجوز والإمارة الطموحة.

فالإخوان ياسماحة المفتي يعرفون بأن صهوة السلطة لا تسع الاخوان والسلفيين فإما أن يمتطيها ويقودها للجحيم مشائخ آل سعود أو أن يمتطيها الأمير القطري الطموح بمعونة اتباعه من جماعته الجامحة .. وكما ركلوا من سبقوك فقد حان اليوم دورك ! فعلام دهشتك واستنكارك ؟!

ولأنهم يضعونك في ذيل القاطرة فلا عجب أن تصل متأخراً في كل مرة. لقد عبست وتوليت والرعية من بني قومك تستغيثك بأن تنحاز لأهلك ووطنك وأن تكون عوناً لهم على أن يعتصموا بحبل الله جميعاً ولا يتفرقوا. وقبل أن يفشلوا وتذهب ريحهم وقد أعيتهم الحيلة بأن يجعلوك تنتبه ويعود إليك بصرك وسمعك وأن تصغي لأنين أمتك ومصائب قومك. ولكن خاب رجاؤهم وسعيهم وتسرب إليهم اليأس والقنوط من أن يعود مفتي ديار تاه عن دياره وخذل قومه.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • خالد العبيدي

    زادك الله نعمة على نعمة تفكيرك وتحليلك ، ولا خفت صوت الحق فيك ، ولا أخاف الله قلبك الشجاع ، ولا شل الله يدك على ماكتبت … فو الله ما قلت الا الحق ، والباقي على الشعب أن يفهم ويستوعب ليس المفتي فقط ….

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً