من وجع الجنوب… لماذا أتيت يا سيادة رئيس الوزراء؟

من وجع الجنوب… لماذا أتيت يا سيادة رئيس الوزراء؟

KH_Bashir_070116

إلى  السيد رئيس وزراء حكومة طرابلس الموقرة…

أعذرني للتسمية فقد تعددت الاسماء وأختلطت لدي (مؤقتة، أنقاذ، وفاق) ولم أعرف بما أخاطبكم، أولمن أقدم الولاء والطاعة، فهل  لمن يعترف به العالم، أم لمن يدفع راتبي القليل والذي يأتي متأخراً، أم لمن ظهر لنا لمرة واحدة وأختفى، وإن  قال كلاماً جميلاً، لكنني لم أعرف مكان له لأشكره عليه.

قد بلغني خبر زيارتك الموقرة والمفاجئة لعاصمة الجنوب (سبها)، وأعتذر لعدم إستقبالك، فلا بنزين في سيارتي، وحمارتي لا توصلني لأبعد من حدود قريتنا، في رحلة ستستغرق النهار كُّله، أما بعد الغروب فلا أستطيع الخروج لإنتشار اللصوص وقطاع الطرق ومن لا يتركون شيئاً إلا ونهبوه، وقد سَمِعت بأنه قُتل في عاصمتنا (سبها) العام الماضي مئتان وخمسون شخصاً بسببهم، آسف جدا لربما لم تعلمه أو  لم  تهتم لمعرفته.

أجد صعوبة في الكتابة تحت ضوء الشمعة، لأن الكهرباء تنقطع أغلب الوقت، وكذلك حال الماء، أما هاتفي فلا يعمل… بالمناسبة هل لديك هاتف يعمل وماء في بيتك وكهرباء؟ (صحّه ليك أكيده تعرف سيادة رئيس الثورة أورئيس الوزراء).

لا أظن  أنك ستأتي إلينا عن طريق البر فالطريق طويلة  وشاقة عليك، وغير آمنة ويجوبها  قطاع الطرق، وبها كثير من الحفر والمطبات والتشققات، ولكن كيف ستصل إذاً!؟ إذ أن   مطارنا  مقفل منذ زمن، بالرغم أنه كان يعمل منذ زمن الاحتلال الفرنسي وحتّى عهد قريب… والله لقد أشتقنا لصوت وشكل الطائرة في سماء مدينتنا، حتي أطفالي صاروا لا يعرفونها… هل لديكم مطارات تعمل وطائرات تطير لأحضر أبنائي لمشاهدتها؟.

إذا تنقلت في سبها، فلا تمُر من أمام المستشفى لأن رائحته لن تروق لك، بسبب عطل ثلاجة الموتى، كما وإياك أن تمرض لأن مستشفانا يفتقر للمعدات والدواء ويعاني نقصاً شديداً في الإطباء، ومستشفيات مدن الجنوب الاخرى في حال يرثى لها، الافضل أن تحضر معك جميع الادوية التي قد تحتاجها، وكذلك طبيب خاص بك  (مش حتحير في ذلك).

إذا تجولت في سبها أنصحك بالابتعاد عن شمال المدينة بسبب وجود بركة عَفِنة لمياه الصرف الصحي، مساحتها عدة هكتارات، تتكاثر فيها في سُلالات قاتلة من البعوض، تنقل لنا الامراض كل يوم، ربما تفيدكم  كسلاح بيولوجي ضد أعدائكم من الحكومات الاُخرى.

لا بد أنك ستُستقبل في مبنى البلدية والذي بُني زمن  عهود  سابقة، نأسف لذلك، فلا حكومتك  ولا من سبقتها بنت لنا مبنىً آخراً نستقبلك فيه، كم تمنيت أن نستغل زيارتك الكريمة في إفتتاح إي مرفق عام نتشرف  بحضورك له، أقامته حكومتك لكنها أيضاً لم تفعل ولم تستكمل لنا أي مشروع، ولا صَيَّنت أي مرفق لكي يسترنا معاك.

أبني قد أكمل دراسته الجامعية بتفوق، ويبحث عن فرصة عمل للعمل أو للدراسة في الخارج، فهل لديكم إمكانية توفير  ذلك له، خاصة أن حكومتكم والتي قبلها تبعث وتعين الالاف من الموظفين  في جميع أنحاء العالم، ولم أسمع بأي أحد من معارفي أوأقاربي أوحتَّى أقاربهم أومعارفهم، قد تحصَّل على فرصة مماثلة.

كذلك قد سألت عن واسطة من الجنوب ليساعدني في ذلك، فلم أجد لنا وزيراً ولا مسؤولا (عليه القيمة) يستطيع أن يساعدني، فهُم أقِلاء جداً، ومن كان محظوظاً وتمكن من ذلك فهولم  يعد يهتم لنا ولا لمشاكلنا، لربما هواء البحر ونسائمه العليلة، انسته حر أجوائنا ولفحاته اللاهبة.

قد سمعت بأن لدينا الكثيرمن النفط  في الجنوب وأن لدينا كذلك الكثير من الماء، وإن كلّه يذهب إلى الشمال، فهل من الممكن أن تمد لي خط ماء لنخلاتي التي ذبلت بعد أن نزح الماء من بئر مزرعتي، أوأن تجد لأبني الاصغر عمل في محطة وقود حتى من اللي ما فيهمش بنزينة؟

لا أعتقد بأنك ستبقى في الجنوب طويلا لتزور باقي مدنه، فأوباري مُهجَّرة ليس بها أحد،  ومرزق كذلك هجرها مُعظم أهلها وأصبحت مدينة أفريقية، وبراك تتبع دولة غير موجودة، و، و، و.

أعلم بأن مشاكلي كثيرة ومتراكمة، لكن لربما أوجدت لي حلا، ولوبتخصيص أمتار قليلة لي في مدينتك لأبني عليها (براكة) آوي فيها أسرتي، وأحافظ فيها على لُغتي العربية وهويتي الليبية والتي تكاد أن تضيع بسبب كثرة الوجوه اواللهجات واللغات الافريقية الغريبة من حولي والتي لم أعد أفهمها ولا أطيقها.

آسف للإطالة رسالتي والتي زمن قراءتها ربما أطول من زمن زيارتكم الكريمة، لكن قُل لى: لماذا أتيت يا سيادة رئيس الوزراء؟!

تقبل مني كل إحترام وتقدير

المواطن الليبي من الجنوب

* الصورة لطفين مُهجَّرين من أوباري، تقيم أسرتهم في مشروع إسكاني غير مكتمل في سبها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً