هذا ليس زمنكم

هذا ليس زمنكم

يزداد المشهد السياسي الليبي كل يوم تعقيداً بسبب أن الفاعلين فيه والظاهرين على مسرحه بعيدين كل البعد عن الفهم السياسي، واختلطت أمورهم فأصبحت مماحكات وعناد أكثر منها صراعا لتحقيق أهداف سياسية، ولعل البعض منذ البداية كان غامضا يعمل بسرية تامة في مشهد علني، ولعل أهم من ينطبق عليه هذا الوصف هم أصحاب تيار الإسلام السياسي فهم اليوم فقدوا مقومات ومبررات وجودهم، فقد رفعوا شعاراتهم الدينية من أجل أسلمة المجتمع واتضح أن المجتمع ومكوناته مسلم أكثر منهم، ورفعوا شعارات بناء الدولة واتضح أن الفوضى في النظام السابق أكثر تنظيما من أفكارهم فقد تسللوا إلى المشهد السياسي وتغلغلوا في المجلس الوطني الانتقالى بعد اللقاء المشهور ببنغازي بينهم وبين رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل والذي أصر أن يكون للتيار الإسلامي جزءا فاعلا في المجلس الانتقالي، تلك البدايات.

أما النهايات فكانت عبر تكوين حزب يمثل هدا التيار ادعوا فيه أنه مفتوح للجميع وقد شرفني ذات مرة لقاء بهم عندما كنت أظن أننا لم نتشرف برؤية سيدنا أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وها نحن اليوم يعوضنا الله خيرا بهذا اللقاء، ولكن من أول الجلسات لاحظت الغموض والتدليس في الكلام والحديث عن خصومهم بمنطق شيطاني غريب وكيف أنهم على استعداد للتحالف مع الشيطان، وكيف صوتوا ضد زيدان ثم قبلوا العمل معه وتركوا وزارة الأوقاف والثقافة والتعليم ليستلموا وزارات المالية والنفط والإسكان والكهرباء، وكيف عاثوا في الشركات التي أمسكوا برقابها فساداً، ولا شك أن قصة وزيرهم للكهرباء معلومة وتعاونهم مع الجميع ضد الجميع، وتبين لنا أن من ليس منهم سيعزل وسيطلب الرحيل وحده.

وجودهم في ليبيا كمن يبيع الماء في حارة السقايين فهم في المكان الخطأ، فليبيا وشعبها المسلم المتدين بطبيعته لن يزيد هدا التيار إيمانا مع إيماننا، فليس لدينا خمارات وليس لدينا نوادي ليلية ليقنعونا بقفلها، والخمر محرم بالدين وبالقانون وبالعرف، فشعبنا غالبيته المطلقة يصلي ويصوم فرضا ونفلا وأحكام الشريعة في ما يتعلق بالقصاص مودعة بالقوانين الليبية، ولسنا دولة مركزية مثل مصر أو تركيا أو إندونيسيا لتنطلق من بيننا الخلافة الراشدة من جديد.

أقول إنني كنت أعشقهم من خلال كتبهم لأنني لا أعرفهم ولم أرى تصرفاتهم ولكن فبراير المجيدة أحضرتهم لنا فوق المسرح لنراهم، وليتنا لم نراهم فهم عقول بسيطة سطحية انتهازية تبحث عن الفرص، وغاب عن عقولهم ما هو مكتوب في أسفارهم وأدبياتهم فثلاث سنوات في بنغازي لم نر لهم نشاطا وأبوابهم مقفلة إلا لجماعتهم، ولم يقدموا مشروعا واحدا أو مقترحا يتعلق بالدنيا ولا بالدين، وتسللوا عبر مظلوميتهم مع النظام السابق والتي استلم أكثرهم تعويضات مجزية عنها، تسللوا إلى المشهد السياسي وكانوا وراء خراب المؤتمر الوطني عبر كتلتهم، وجعلوا المؤتمر عارا في جبين الديموقراطية ورفضوا كل الوساطات وأجهضوا جهود الحوار مع حزب التحالف.

اليوم وقد تسللوا أيضا لرئاسة مجلس الدولة بقدرات متواضعة جدا، فقد صارت حربهم وهمهم إبعاد كل الوطنيين ممن يعارضون سيطرتهم على المشهد، وبالرغم من أننا نختلف مع الدكتور عبد الرحمن السويحلي ربما في نظرته والبعض من أساليبه، ولكن الرجل يدرك أعدائه قبل أصدقائه قدراته ووطنيته وحرصه على بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وأنه ليس عنصريا وهو مؤهل للقيام بدور وطني، فالصراع معه يصنع علامات استفهام كبيرة لها بداية وليس لها نهاية، لكنهم هكذا ديدنهم الحط من قيمة من ليس منهم وإن خدعوا فالتقية دينهم وإن خدعوا بغير ذلك.

في الختام نحن نحترم الفكر الإسلامي الذي ينطلق منه فكر الإخوان وينابيعه الصافية ولكننا مطلقا لا يمكن أن نصدق ما نرى من شخوص بأن لهم علاقة بفكر الإخوان فهم إما متلبسين أو غير مدركين للفكر الإسلامي على أصوله، ولعل نصيحتنا لهم أن الجماعة لا مكان لها في ليبيا وأن حلها ربما هو القرار الحكيم الذي ربما سيغفر لهم خطاياهم فالإسلام في ليبيا بخير بدونهم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

سالم المعداني

كاتب ليبي

التعليقات: 5

  • عبدالحق عبدالجبار

    ان أردت بهذه المقالة قول الحق من اجل الحق و إنقاذ الوطن واهله من هذه المجموعة او الحزب الخبيث فلك مني التحية والتقدير ولا تندم علي الجلوس معهم ان هذا جعلك تتعرف علي حقيقتهم اما يا اخي في الله والوطن ان كنت تعتقد حل حزبهم هو الحل فهذا خطاء بل يلزم محاكمتهم وإبعادهم عن السياسة في هذا البلد الجميل واسترداد حقوق الوطن واهله المهربة للخارج

  • سعيد رمضان

    ” ماهو كلامك الأول ” أعتقد أنك تعمل بمبدأ ” الدولارات تبيح المحظورات ” فأنت تهاجم الأخوان الآن بعدما قام السويحلى بمهاجمتهم لأنهم تخلوا عنه ولم يقوموا بأختياره ضمن لجنة مجلس الدولة التى ستتولى عملية الحوار السياسى فى جنيف ولهذا أنقلب عليهم السويحلى والسؤال لماذا أنقلبت أنت عليهم الآن وأنت من أشد المدافعين عن سياساتهم وفكرهم الأجوف فهل الدولارات تبيح المحظورات حقا ؟

  • عبدالحق عبدالجبار

    تزايد الاستياء الشعبي في مدينة مصراتة الليبية من تنظيم الإخوان المسلمين. وتراجعت درجة التأييد لسياسة الجماعة داخل تلك المدينة الليبية التي يسيطر عليها منذ عام2011.
    ومدينة مصراتة ذات الثقل السكاني والاقتصادي والمالي والعسكري غرب ليبيا، توصف بأنها “معقل الإخوان في ليبيا”، حيث تقع منذ سقوط نظام معمر القذافي تحت نفوذ الميليشيات المسلحة المحسوبة على التيار الإسلامي، كما تنتمي أغلب القيادات الإخوانية إلى هذه المدينة التي تبعد نحو 200 كم على العاصمة طرابلس، لكن ما وصلت إليه المدينة مؤخرا بفعل هذا التنظيم الذي حوّلها إلى مدينة معزولة داخليا، أفقدتهم ثقة الناس بهم، خاصة بعد انكشاف استقواء الجماعة بتركيا للحفاظ على مصالحها ووجودها…..وتعليقاً على تلك المسألة، قال المحلل السياسي أبو يعرب البركي، ابن مدينة مصراتة، إن الجماعات الإرهابية من تنظيم الإخوان والقاعدة، تمكنت من “اختطاف” المدينة منذ عام 2011 واستطاعت تشكيل شبكات معقدة تعتمد على تسليح الميليشيات والمال السياسي الفاسد وتغذية الانتماء العرقي، حيث تم استبعاد الأغلبية العربية وبسط المتشددون نفوذهم على الرغم من رفض الأهالي لتلك التنظيمات.
    وأضاف البركي للعربية.نت أن تنظيم الإخوان فقد وزنه الشعبي في مصراتة بعد أن أدرك السكان أن هذه التنظيمات لا تسعى إلا وراء مصالحها ولا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في بلادهم، مشيرا إلى أنه لم يبق لها إلا التضليل الإعلامي فقط، كما لم يعد لها أيّ ثقل سياسي فاعل، بعد أن حصلت عليه من خلال تزوير الانتخابات، والسيطرة على مفاصل الاقتصاد وسياسة الترغيب والترهيب، وتقاسم الدور مع تنظيم القاعدة وأصحاب المال السياسي الفاسد….هل هذه بدائت النهايه لهذا الحزب الشيطاني

  • عبدالحق عبدالجبار

    هل سوف تسحب مقالك عن الاستاذ ابوزيد دوردة الان … لا يعتذر الا الرجال

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً