هيبة الدولة الليبية.. تقودها المؤسسة الوطنية للنفط

هيبة الدولة الليبية.. تقودها المؤسسة الوطنية للنفط

هيبة الدولة الحقيقية مصدرها الكفاءة، والهيبة محصلة ونتيجة تدل على قدرة مؤسسات الدولة ونخبها على ممارسة الوظائف العامة بجودة عالية، وتمتعها بقدرات توزيعية عادلة في مقدرات الدولة، والقدرة على ان تجعل القانون لخدمة الجميع ومن أجل الجميع.

هيبة الدولة هي قدرتها على إدارة الموارد وتحويل الندرة إلى وفرة غزيزه، وهيبة الدولة هي الكفاءة في استثمار الموارد البشرية والتحول من مفهوم الولاء للأوطان من الولاء للأفراد إلى الولاء للإنجاز والنزاهة الوطنية، وهيبة الدولة بالاعتراف بالأخطاء والإجابة بصراحة وبمسؤولية عن أسئلة الناس.

حان الوقت للكف عن إطلاق مسميات تخدم مسار التراجع في بناء الدولة الوطنية أكثر مما قد يبدو انه حرص على ترميمها والحفاظ عليها.

أي أن كلما ازداد ترهل البنى وضعفها بالمؤسسات ضعفت قدراتها على اداء وظائفها المطلوبة، وكلما ازدادت علاقة الدولة بالمجتمع بشكل فوضوي ازداد التعدي على الشأن العام ضاعت هيبة الدولة، وكلما ارتجفت وضعفت اليد القابضة على القانون افتقد القانون قيمته وتراجع دوره ضعفت هيبة الدولة.

ان غياب الوعي بالدولة وقيمتها يرتبط بكل بساطة بأسباب معرفية نتيجة لضعف تكوين النخب السياسية التي تتحكم بمفاصل الدولة مقابل تأخر ظهور أو انشغال النخب المدنية الأهلية بمسائل وصراعات أخرى، وفي الدور الثاني من بناء هذا المسار قد يسود الخلط بين مفهومي الكفاءة والهيبة.

الخلل الذي يشير اليه الخروج عن مسار بناء الدولة الوطنية قد تتحول الى قصة البحث عن الهيبة والحضور الى مجرد شماعة يتم عليها تعليق حصاد الفشل والخيبة وممارسات الفساد وتبرير تسلط نخبة صغيرة وسيطرتها على مفاصل الدولة وهيبتها.

من هذا المنطق ومن إدارة فعاله وتحويل الكلام الى أفعال ما حدث اخيراً بالمؤسسة الوطنية للنفط بالدولة الليبية تحت إدارة ناجحة بغض النظر عن بعض التجاوزات إحيانًا والفساد الاداري أن وجد ما قامت به اخيراً بعمل جبار تستحق عليه كل الشكر والثنى ورفع القبعة تحية إجلال وأكبار لكافة العاملين بالمؤسسة الوطنية للنفط وعلى راسهم رئيس مجلس الادارة السيد مصطفي صنع الله خاصة لما بذله من جهد جبار حيث استطاع هذا الرجل في زمن قياسي بالرغم من الظروف الراهنة   بتوحيد القطاع وابعاد مصدر قوت الليبيين من التجاذبات والصرعات السياسية والعسكرية وبعيدًا عن القبلية والجهوية  و يقوم بجولات لكافة الحقول والمواني والمواقع النفطية رغم وجود بعض العراقيل احيانا للاطلاع عن سير الاعمال عن كثب ، وكذلك  نتقدم الشكر لكافة العاملين بقطاع النفط والشركات التابعة للمؤسسة من جهد جبار في صيانة الحقول والمواني النفطية المنشرة بربوع الصحراء الليبية والتي نفذت بأيادي ليبية حيث وصل الانتاج النفط اليومي الى مليون ومائيتان الف برميل بالرغم من وجود بعض الخروقات  الامنة وصلنا الى هذا المستوي من الانتاج  بدون تدخل أو مساعدة من العمالة  الاجنبية.

وفي الوقت التي تزف المؤسسة الوطنية للنفط إلى الشعب الليبي خبر الاختتام الناجح لقضيتي التحكيم المقامتين أمام غرفة التجارة الدولية بباريس ضد المؤسسة من قبل شركة تراستا للطاقة المحدودة، وهي شركة تابعة لمجموعة الغرير للاستثمار الإماراتية (“شركة تراستا”) والشركة الليبية الإمارتية لتكرير النفط (“شركة ليركو”) المالكة والمشغلة لمصفاة رأس لانوف وهي شركة مشتركة بين المؤسسة وشركة تراستا.

وبهذه هذه المناسبة قال المهندس مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط ” إن المؤسسة الوطنية للنفط هي الحارس الأمين على الثروة النفطية الليبية وأنها لم ولن تتوانى عن الدفاع عنها وحمايتها” كما أضاف ” نؤكد على أهمية قيام شركة ليركو بإعادة تشغيل مصفاة رأس لانوف في أقرب فرصة ممكنة “.

باشرت كل من شركة تراستا وشركة ليركو إجراءات التحكيم ضد المؤسسة منذ أواخر العام 2013 ، واستغرق البت في هاتين القضيتين مدة تجاوزت الثلاثة أعوام انتهت بأن أصدرت كل من هيئتي التحكيم المشكلتين للبت في النزاع حكمها النهائي ، حيث قضت هيئة تحكيم ليركو / للمؤسسة ، وبموجب حكمها النهائي الصادر في 5 يناير 2018 ، برفض كافة طلبات التعويض التي تقدمت بها شركة ليركو ضد المؤسسة والتي بلغ إجماليها 812 مليون دولار ، بينما حكمت ذات الهيئة لصالح المؤسسة بمبلغ يقارب 116 مليون دولار ، مضافاً إليه الفوائد ، وذلك استجابة للطلبات المقابلة التي كانت المؤسسة قد تقدمت بها في هذه القضية.

ويأتي الحكم سالف الذكر إثر حكم نهائي، جاء هو الآخر، لصالح المؤسسة، كانت هيئة التحكيم المشكلة في إطار تحكيم تراستا / للمؤسسة قد أصدرته خلال شهر نوفمبر الماضي وقضت بموجبه بأنه ليس لشركة تراستا الحق في أن يحكم لصالحها بأي من الطلبات التي قدمتها في إطار ذلك التحكيم والتي بلغ إجماليها ما يزيد على المائة مليون دولار، وذلك استناداً لنصوص اتفاقية المساهمين المبرمة بين كل من المؤسسة وشركة تراستا وهذا ما أرغم شركة تراستا على سحب كل مطالباتها.

يشكل هذان الحكمان انتصاراً للمؤسسة على خصومها، ويعكسان وبشكل واضح قوة والأسانيد الحجج التي تمحور حولها دفاع المؤسسة سواء لدحض طلبات الخصوم أو لتعزيز طلباتها المقابلة.

الجدير بالذكر أنه لو كانت المؤسسة قد خسرت هذه القضايا واستمرت العلاقة التعاقدية على الأسس التي طالب بها الخصم ولمدة التعاقد المتفق عليها في عقد التزويد بالنفط الخام فان الخسائر التي ستتكبدها المؤسسة ستكون أكثر من عشرة مليارات دولار.

وقال السيد مصطفي صنع الله رئيس الإدارة بالمؤسسة الوطنية للنفط في الختام الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة “منذ الآن ستعكف المؤسسة على اتخاذ ما يلزم من تصرفات وإجراءات تكفل تنفيذ حكم التحكيم النهائي والذي أصدرته هيئة التحكيم المشكلة في إطار تحكيم ليركو / المؤسسة بتاريخ 5 يناير 2018 وإعادة تشغيل المصفاة في أقرب وقت ممكن”.

وأضاف “أننا نطلب من شركة تراستا وشركة ليركو الإذن بشكل كامل لتنفيذ التزاماتهم التعاقديّة”.

تحية إجلال وإكبار لكل العاملين الوطنيين الشرفاء بقطاع النفط والقطاعات الأخرى بالدولة الليبية.

وبهذا.. هيبة الدولة الليبية.. تقودها المؤسسة الوطنية للنفط

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً