من بيده حل الأزمة الليبية؟

من بيده حل الأزمة الليبية؟

بعد التوقيع على مسودة إتفاق الصخيرات، إستبشر الكثير من الليبيين خيراً، متوقعين بأن من وقعوا  و ما تم التوقيع عليه في هذه المسودة، هو إتفاق نهائي، ينهي الازمة السياسية في ليبيا، ويضع أسس لإيجاد تسوية لكافة الإشكاليات العالقة بين أطراف النزاع، مثل ترتيبات وقف إطلاق النار و إرساء الحكومة، وإنشاء الجيش، و دعم مؤسسات الدولة الشرعية وخلافه، و يؤسس لتكوين دولة  القانون، كما يحلم بذلك كل الليبيين.

لكن يبدو أن الأمر ليس بالسهولة التي يعتقدها الكثيرين، إذ أن طول مدة الازمة وكثرة الاطراف الداخلة فيها و المؤثرة عليها، والتضارب الشديد بين مصالحهم والتي يغلب عليها طابع الجهوية و الشخصنة و الأيديولوجيات الفكرية والدينية الدخيلة على مجتمعنا، جعل من الصعوبة بمكان حلها، إذ أن من الواضح أن هذه الاطراف ليست لديها النية الصادقة في حل الإشكالية، و تصريحات الموقعين عليها، مؤخراً، أكبر دليل على ذلك.

يجب علينا فهم إستراتيجية كلا الخصمين المتناحرين في ليبيا، و بذلك سنعرف هل من السهل إنصياع أي منهما لرغبة الشعب الليبي، وأنه يعمل حقاً من أجل  السلام، أم أن كلاهما يستغلان عاملي الوقت والموارد المالية المتاحة من قوت الليبيين و غفلتهم، ليزيدا من قوتهما وجبروتهما، إستعداداً لمزيد من المعارك و مزيداً من السلب والنهب.

يعتمد كلا الخصمين المتناحرين في ليبيا، في معركته، والتي أقل ما يمكن أن توصف به، إنها عبثية، على منظومة متكاملة من وسائل الدفاع والهجوم و المراوغة، لكأنها قلعة عسكرية محصنة، أخذت هذه القلعة شكل هندسي سداسي الاضلاع، وهو شكل موجود في الطبيعة، يستخدمه النحل في بناء خلاياه وتخزين العسل فيها، كما أنه الشكل الهندسي الذي تتشكل منه فقاعات رغوة الصابون، لأن هذا الشكل يمزج بين القوة و المرونة والجمال، والاستغلال الامثل للمساحة المتاحة.

فلكل فريق من الفريقين، ستة أركان أساسية لقلعته هي: الركن التشريعي (برلمان، مؤتمر) الذي يشرعن له و الركن السياسي (حزب أو تكتل أحزاب) الذي يُحرك و يتحرك من خلاله سياسياً، بدون مسؤولية عن ما يصرح به أو ما يفعله (لا يوجد قانون ينظم عمل الاحزاب في ليبيا)، والركن العقائدي (الديني) الذي يُفتي له ويدخل قتلاه الجنه، وقتلى غيره النار، والبشري (قبيلة أو مدينة أو جهة) الذي يوفر له الوقود البشري لمعاركه العسكرية، والاعلامي (قناة إعلامية) التي تدافع عنه وتبرر له مواقفه، والعسكري (تكتل مليشيات تحت مسمى عملية كذا) الذي يقاتل به على الارض، كما تتوفر له التغطية المالية المشبوهة أو غير واضحة المصدر، والتي تعمل كسقف لهذه القلعة و توفر الغطاء المالي لعمليات و تحركات و مصاريف الجوانب التي ذكرتها.

ولتوضيح ذلك أكثر فقد وضعتها في الجدول المرفق أسفله:

Untitled1

هذا وقد بنت كل من القلعتين حوائطها  و رفعت بنيانها، مستخدمة في ذلك الكراهية والحقد والتعنت والانانية التي زرعتها بين أبناء الشعب الليبي الواحد، ضد بعضهم البعض.

إن وجود صراع بين أي طرفين أثنين فقط، متضادين، داخل الجدول الذي ذكرت، مثلا (حزب الاخوان و تحالف القوي الوطنية) أو (عمليتي الكرامة و فجر ليبيا)، هو كفيل بتدمير الدولة التي يحدث فيها هذا الصراع ، فما بالك بوجود ستة جبهات قتال مفتوحة ليل نهار وفي نفس الوقت.

لكن ما هو الحل؟

الحل يكمن في مكونات الشعب الليبي، في أنا و أنت وهو، هذا وهذه، الليبيون العاديون، الذين ليسوا مع هذا أو ذاك، بل هم مع الوطن، مؤسسات المجتمع المدني، التي هُمشت، رواد الإنترنت و صفحات الفيس بوك و التويتر و غيرها من الليبيين الحقيقيين الذين تهمهم حياتهم في ليبيا، و مصيرهم و مستقبل عائلاتهم و أطفالهم.

يجب أن يخرج جميع الليبيين عن صمتهم ومن سباتهم، و أن يتوقفوا عن تتبع هذا أو ذاك مِن مَن ذكرت، يجب أن يتحرك الليبيون جميعاً، بكل أعراقهم، و في جميع مدن ليبيا و مناطقها و أريافها وقراها، مثلما تحركوا وأشعلوا ثورة 17 فبراير النبيلة و التي سرقت اليوم  و شوهت، وأن يضغطوا على من ذكرت، من أجل التوقف عن عبثيتهم و إستنزافهم لأموالنا و لأبنائنا، و إن فشلوا في الخروج أول مرة وثاني مرة و ثالثها، فيجب أن لا يتخاذلوا  أو يتوقفوا  أو يتراخوا، فإن الوطن واحد، و إذا ضاع، فسيكتب علينا جميعاً التشرد في جميع بقاع العالم مثل كثيراً من الشعوب التي تعرفونها اليوم و ليس من داعي لذكرها.

حين ذاك سيتضح لنا أن القلاع التي يُعتقد بأنها حصينة، ما هي إلا فقاعات صابون، لا تلبث أن تزيحها رياح الوطن و أبنائه الحقيقيين، و لربما ستمتصها بالوعة التاريخ رافعة معها فضلات مجتمعنا و بعض من عرقة و دمه.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً