الجيل الضائع في حرب تشاد

الجيل الضائع في حرب تشاد

مبروك المغربي

أسير حرب سابق في تشاد

نحن جيل رمته الأقدار من وادى عتبة إلى وادي الدوم.

نحن جيل رمته الأقدار من مرتفعات الرجمة الى مرتفعات برداي.

نحن جيل رمته الأقدار من الجبل الأخضر إلى جبال تيبستي.

نحن جيل رمته الأقدار من الساحل إلى الصحراء.

نحن جيل رمته الأقدار من بير لشهب الى بير شيشة.

نحن جيل رمته الأقدار من مقاعد الدراسة إلى ساحات الحرب.

كيف تريد مني ومن رفاقي أن نقف إجلالا واحتراما وتقديرا لمؤسسة أنكرت أننا أبناؤها؟ مؤسسة ترفض ولا زالت ترفض أن تأتي برفات رفاقنا المتناثرة في صحراء تشاد القاحلة، كيف نعطي ولاءنا لمؤسسة تتعامل معنا على أساس أننا مغرر بهم وكلاب ضالة؟ كيف تريد منا أن نقول : تحيا المؤسسة، وهي من شرعت في قتلنا منذ زمن بعيد.

والله ثم والله ثم والله لو وضعوا أموال الدنيا لي ولرفاقي فلن تمحو تلك اللحظة الغادرة التي طعنتنا بها المؤسسة، عندما أنكرت من نحن، فالذي كسر خواطرنا ليس ذلك السهم الذي دخل قلوبنا بل من أطلق ذلك السهم علينا ليكسر خواطرنا ولنتجرع كأس الأسر والمهانة والمذلة.

حرب تشاد الظالمة ضاع فيها جيل كامل، وانكسرت عزائم الجنود وهزم فيها الجيش.

نحن أسرى حرب تشاد نعاني مرارة تلك اللحظة ونصارع الجميع من أجل أن نقول: نحن هنا، نحن أبناء هذا الوطن، قدمنا ما هو علينا وننتظر ما هو لنا، فنحن لا نبحث عن المال أو الترقيات أو المناصب، كل ما نبحث عنه أن تجبر هذه المؤسسة بخواطرنا وتعترف وتعتذر منا بأنها أنكرتنا، وتعترف بأننا أبناءها، وتعترف بالخطأ في حقنا، فالاعتراف والاعتذار لدينا أهم من كل شيء.

و كما يقولون : لا يضيع حق خلفه امرأة، فما بالك يحق خلفه رجال لن يكررهم التاريخ مرة أخرى.

سيبقى الوفاء لضحايا حرب تشاد طريقا نسلكه حتى آخر رمق في حياتنا، سنبقى أوفياء لذلك الرفات المتناثر في صحراء تشاد القاحلة وسنبذل كل غالٍ ورخيص من أجل إعادته إلى هذا الوطن وفاء لأرواح أولئك الذين رحلوا ولكن ما زالت رائحتهم كالمسك عالقة بكل المكان الذي جمعنا بهم، رحلوا وظل حبل الدعاء هو الواصل بيننا وبينهم.

الوفاء قيمة إنسانية عظيمة ليس لها حدود، لا يعرف طعمه وقدره إلا الأوفياء، يزيد مع السنين ولا ينتهي بالموت.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مبروك المغربي

أسير حرب سابق في تشاد

اترك تعليقاً