شحن البطارية وكهربة الكهرباء

شحن البطارية وكهربة الكهرباء

ابراهيم قرادة

دبلوماسي وكاتب ليبي

(*ملخص*: تحسن مشهود في الكهرباء للجهد الحكومي لا زال من الأرخص جدًا في العالم. تسعير الحكومة الأخير للكهرباء فيه ثغرات تسعيرية وانعكاسات اقتصادية، هل ذلك تبسيط للأزمة أم تعقيدها؟).

سعر كيلو وات/ساعة (ك.و.س) المنزلي في ليبيا يبلغ 40 درهم (4 قروش)، مقابل متوسط سعره في العالم هو 0.160 دولار أمريكي (والذي صرفه الرسمي = 4.80 د.ل) أو ما يقارب 770 درهم (77 قرش) ك.و.س. بمعنى أن الكهرباء في ليبيا أرخص 19 مرة من متوسط السعر العالمي، لا يسبق ليبيا في رخص الكهرباء إلا لبنان والتي ساعات الكهرباء فيها 4 ساعات يوميًا فقط.

معضلة: الحكومة تخفض سعر الكهرباء، فهل زاد إنتاجها وهل يزيد الاستهلاك؟ وهل يزيد تمويل دعمها؟.

شخصيًا وفكريًا، أؤيد وادعم المسار الاجتماعي للحكومة في الاعتناء بمحدودي الدخل والتوجه نحو الفعالية الإنجازية، وهو ما يميزها عن الحكومات السابقة؛ مع ضرورة مراعاة المحافظة على توازن الاقتصاد الكلي بعدم إرهاق المالية العامة وعدم الضغط على الوضع النقدي وتنمية المدخرات الاستثمارية وحقوق الأجيال.

ميزان قرار الحكومة الكهربائي بين الموجب والسالب وبين الإضاءة والظلام وبين التبريد والتسخين وبين الإمداد والانقطاع وبين الشتاء والصيف؛ وفي نقاط:

1- لماذا؛ بعد 7 أشهر فقط، ففي بداية فبراير الجاري، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية قرارًا لتسعير بيع الكهرباء، ليعوض قرارًا سابقًا صدر في يوليو 2022؟.

2- الحكومة خفضت سعر الكهرباء للاستهلاك المنزلي بنسبة حدها الأدنى 20٪؜ من 50 إلى 40 درهم/ك.و.س (كيلو وات. ساعة) بنسب أكبر كلما زاد الاستهلاك المنزلي، وبالمثل مع الاستهلاك التجاري؛ وهكذا مع باقي القطاعات بنسب مختلفة.

3- أختفت من القرار الأخير تقسيم شرائح الاستهلاك، لتتساوى فاتورة من يشغل 20 مكيف في بيته مع من يشغل مكيف واحد. وبالمثل المقارن مع باقي القطاعات.

4- ميز القرار إيجابيًا الأسر صاحبة المرتبات والأقساط، ولكنه أهمل أصحاب الدخول المتدنية في القطاعين العام والخاص (عامل/ سائق/ بقال)، وكذلك من لديه منزلين على أحدهما قرض.

5- ساوى القرار بين المرافق العامة، حيث لم يفرق بين المدرسة والمستشفى ودار الرعاية والشرطة وبين الشركات والمصارف والفنادق العامة.

6- غاب عن القرار الأخير تصنيف معاملة مؤسسات المجتمع المدني والأندية والنقابات.

7-  في القطاع التجاري، لم يفرق القرار بين الخدمي والتجاري كالمقاهي والفنادق والمتاجر والمراكز التجارية والمصحات والمدارس الخاصة… بوضعها في بند واحد دون التحديد والتفريق في السعة التشغيلية أو الإنتاجية أو الإيرادية أو القطاعية.

8- لم يُعرف القرار محددات قطاع صناعي خفيف وثقيل أو بين زراعي خفيف أو كبير.

9-لماذا غاب عن القرار تقييد الاستهلاك الحكومي وطرق جبايته والديون المتراكمة.

هل قدرت الحكومة احتمال زيادة الاستهلاك والهدر وانعكاسه على العجز الكهربائي وزيادة بند دعم الكهرباء (في ميزانية 2021 كان دعم الإنارة العامة 960 مليون دينار، ودعم المحروقات 12 مليار دينار، والذي جزء مهم منه يذهب لتوليد الكهرباء.).

قرار الكهرباء كان واجبًا وجوبًا أن تعرض مسودته للرأي العام (كما كان أيام المؤتمرات الشعبية)، والقطاعات الاقتصادية وخبراء الاقتصاد والكهرباء لتناوله حتى تستمع الحكومة، وبالأخص، أن أزمة الكهرباء معروفة، مع الإشادة بتحسن الأداء الكهربائي خلال هذا الشتاء والذي لم يكن باردًا جدًا.

كما كان من المفيد ومن باب الشفافية والتواصل الفعال أن يتضمن القرار نبذة عن كمية المنتج الكهربائي وكمية الاستهلاك والعجز، وتكلفة إنتاج وكذلك دعم ك .و. س.

مسألة بل قضية الكهرباء في ليبيا موضوع مهم ومعقد يُعاني الليبيون الويلات منذ عقد طويل من الزمن، مسألة الكهرباء أمر حيوي معيشي، ومدخل ومضاعف ومنتج اقتصادي؛ ولهذا فهو قضية سياسية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ابراهيم قرادة

دبلوماسي وكاتب ليبي

اترك تعليقاً