كيف نفكر نحن وكيف يفكر الآخرون (2)

كيف نفكر نحن وكيف يفكر الآخرون (2)

في نهاية الجزء الاول من المحاضرة، توقفنا مع توماس فريدمان وكتابه الجديد بعنوان (العالم سريع) في ضرورة أن نفكر في قيمنا وفي العالم المحيط بنا وفي ما يدور حولنا وتأثيراته المتبادله.

ثم إسترسل توم في توضيح أكبر إنجاز للبشرية منذ إختراع آلة الطباعة وإلى يومنا هذا، ألا وهي شبكة المعلومات الالكترونية (الانترنت) والتي غيرت كل شيء في حياتنا، حتى لأصبحت هي العلامة الفاصلة في تاريخ البشرية، حيث ستقول الاجيال القادمة في تقييمها لزمننا، من أن هذا الأمر حدث قبل ظهور الانترنت أو بعد ظهور الانترنت، أو قبل الخصوصية أم بعد الخصوصية، إذ أنه بعد ظهور الانترنت لم يعد هناك خصوصية لأي أحد. ثم أسهب في توضيح أن العالم أصبح يتسارع في التطوير والاختراع والتقنية وحركة الشارع  بشكل من الصعب ملاحقته ولكننا ملزمين بمتابعة ذلك ومواكبته، من أن جهاز الهاتف الذكي الذي يحمله معظمنا في جيوبهم، يستطيع أن يمسك بأدق التفاصيل وأن يرسلها إلي أي مكان في العالم دون الحاجة لمساعدة أحد، بما يشكل ذلك من صعوبة و تحدي كبير، خاصة لصانعي القرار والقادة حول العالم.

لكم أن تتخيلوا أنه منذ حوالى عشر سنوات لم يكن هناك فيس بوك ولا تويتر ولا فايبر ولا وتس أب ولا سكايب، كل هذه الثورة في التواصل والتي حطمت كل أنواع الحدود حدثت في خلال عشر سنوات فقط… كما حررت الانترنت الكثير من الطاقة الكامنة أو الضائعة في أمور الحياة وجعلت من الممكن إستغلالها في شيء أفضل، مثال ذلك أنك كنت لتحصل على سيارة جرة، عليك أن تنزل إلي الشارع وتبحث عنه أو تتصل بالهاتف وتنتظر، أما اليوم وبإستخدام تطبيق أوبر (Uber App)، فبإمكانك إن تفعل كل هذا في ثواني  وأنت جالس في بيتك و بإستخدام هاتفك الذكي،  بل وستعرف أيضاً أسم السائق وشكله وما هو تقييمه  وتختار مواصفات السيارة، كل هذا و بضغطة زر فقط. و تبعاً لذلك، لكم أن تعرفوا أن أكبر شركة سيارات أجرة في العالم هي شركة أوبر، لا تمتلك سيارة أجرة واحدة، كذلك فإن  أكبر محل للتجزئة في العالم وهو (علي بابا)، لا يمتلك مخزن واحد، كما أن  أكبر شركة حجز فندقي في العالم وهي شركة أوبي أن بي، لا تمتلك عقار واحد، وأن أكبر ناشر في العالم و هو فيس بوك لا يكتب أي شيء.

قد تغير نمط  الحياة والعمل في العالم، فتحولت  الالة من مساعد للإنسان في عمله،  إلى إمكانية أن تحل الالات محل الانسان وتقصيه عن سوق العمل، فقد أصبحت الحواسيب تقوم بالكثير من الاعمال التي كان يقوم بها البشر، حتى من كتابة المقالات الصحفية، مثلا بطل الشطرنج البشري السابق والاخير هو الروسي كاسباروف، أما اليوم فإن البطل العالم الحالي  في الشطرنج هو حاسوب!! وسنشاهد قريباً سائق التاكسي البشري الاخير ونادل المطعم البشري الاخير، إذ أن الالات ستحل محل الانسان في معظم الاعمال التقليدية، حيث وفقاً لدراسة من جامعة أكسفورد فإن 40% من الوظائف الحالية ستستولي علىها الالات في خلال عقدين من الزمن. كما أنه قد أنتهى عصر إتخاذ القرارات عن طريق التخمين، بل أصبح يعتمد على الحواسيب وقواعد البيانات والمعلومات في كل شيء، حتى في تحديد مواعيد الاخصاب المثالية لأبقار المزرعة. تبعاً لذلك فقد أصبح العالم ينقسم إلى قسمين، عالم النظام وعالم الفوضى، وعلى دول العالم أن تتدارك ذلك، وتسعي لأن تكون من ضمن دول عالم النظام، إذ أننا شاهدنا ماذا حدث حين سقطت دولة واحدة في عالم الفوضى وهي سوريا، وما اتبع ذلك من حدوث أكبر حالة نزوح بشري في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

والخلاصة في أن العالم يتغير من حولنا وبسرعة، وتبعاً لذلك وجب علينا أن نغير طريقة تفكيرنا، ونظرتنا للأمور، فحين يتخرج أبنك من الجامعة لا يجب أن تقول له  أبحث عن عمل، بل من الافضل أن تقول له أن يبدع أو يخترع عملاً، كما علينا أن نتيقن بأن عصر فرص العمل السهلة والمصانع العملاقة التي توجد فرص العمل لآلاف الاشخاص قد ولّى وإلى غير رجعة، ولنهيء أبنائنا لذلك يجب علينا تغيير طرق التدريس لدينا وتشجيع التفكير الخلاق والابداعي والتنافسي. وفي نهاية حديثه قدم المحاضر النصائح التالية وهي:

1- فكر دائماً كمهاجر، دائم الجوع، سعيد بما حصلت عليه متمسك به لكن دائم التشكك بأنك قد تفقده.
2  الفضول والاصرار والصبر أقوى من الذكاء وحده.
3- دائماً أعمل كحرفي يصنع أعماله لوحده و بكل  إنسانية ودقة وإتقان. 
4  لا تتوقف عن بحث والتطوير  وتعليم نفسك، فإذا أعتقدت بأنك أنتهيت من ذلك فإنك أنت من  أنتهى.
5 فكر  كمغامر، وأبحث عن الجديد و جربه و قدمه.

وختم السيد توماس فريدمان كلماته بقوله: دعوني أخبركم بأننا نعيش في عالم، جميع الرجال فيه  أقوياء، وجميع النساء فيه  جميلات، وجميع الاطفال فيه يجب أن يكونوا فوق المتوسط  (كناية عن التحديات)… آمل أن يكون ما كتبت قد أثاركم أو أنار لكم بعض الجوانب التي كانت مظلمة لديكم  (كناية على أن المقال جيد). شكراً.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً