عُلماء السلاطين بين الدين والنفاق

عُلماء السلاطين بين الدين والنفاق

تتسارعُ مجريات الأمور في هذه الأمة بوتيرة مذهلة لتصطدمَ كل يوم بجدار هو أشد قسوة عليها من سابقه، فترى أقوامٌ بأنين يذيب القلوب يحاولون استنطاق الضمير البشريّ، ذاك الضمير الذي ما لبثَ أن بات مخدراً بالألم أو ربما بالخيبات المتتالية، فقدَ على أثره البصيرة التي تُبرز ماهو خاطئ وتؤيد ماهو صائب.

ذاك الأنين لازال يصدح حتى هذه اللحظة بأملٍ واهٍ لعلهُ يقرّب الفرج إلى أحضان أصحابه الذين يشعرون بحقهم يُهضم، وإنسانيتهم تُهدم، وهويتهم تداسُ عليها بألسنة من يرونَ في أنفسهم ” علماء “.

كانت هذه الأمة منذُ القدم تلتمسُ حاجتها عند العلماء بيد أن العامة والذين يتسمون بالبساطة الفكرية كانوا ولازالوا يعلقونَ تطلعاتهم دائماً على منظورهم الذي يتناولونَ بهِ الأمور، وبدلاً من أن يحققَ ذلك استقراراً اجتماعياً منشوداً، باتت أفكارهم تدريجياً تنساب بما يتلائم مع أهواء “ولي الأمر”، وهي صلاحيات لا تستند على بروتوكولات معينة وإنما عشوائية لتحجيم هذا الأخير بالشكل الذي يجعل منه طاغياً لا طاقة لشعبه به.

إن أسوأ ما قد يمر بالأمة أن يبيع العالم علمه وضميره وفكره للشيطان، ويقف في وجه الذين يقبعون في السجون لنيل رضا من يغدق عليهم بالخيرات مقابل آلاعيبهم هذه وهم الذين كانوا يوماً ما يشنفونَ أسماع العامة بقيم الصبر على المشقة وإحقاق الحق ولو على حساب ولي الأمر، لما آلت الأمور إلى هذا الحد؟ من لم يتمكن العلم من قلبه ورضخَ للاستسلام عند أول محنة فقد خابَ وفشل في تجسيد ما كان يطمح إليه، بل قد يُثقل كاهله بما هو أشد وأمرّ فيغدو منافقاً في وقتٍ أراد أن يقي نفسه شر ذلك.

لكل أمة أسرار وهذه الأسرار إما أن تجعلها في أوج عظمتها أو تخلق منها أنموذجاً مريعاً للإخفاق، والعلماء من أسرار هذه الأمة إذا كانوا يكنونَ التقدير لهذه المنزلة، ويعيشونَ بإخلاص لها، أما إذا كانوا في دائرة النفاق فهم أشد خطراً من الطاغي نفسه، لأنهم سيغدونَ نزواته بسموم ألسنتهم اللينة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً