الحقيقة بعيون ليبية

الحقيقة بعيون ليبية

بسم الله الرحمن الرحيم

نعم… لقد كان لنا الشرف نحن أطباء العيون بالنظر والغوص داخل العيون وخاصة تلك العيون الليبية المرهقة التي أثقل الزمان جفونها وأذهب قوة بصرها, ولكن ومع كل ما قاسته هذه العيون فإنها تأبى أن تكون ضريرة وترفض الرؤيا الضبابية للحياة وتسعى جاهدة لإيضاحيها … وفي هذا الشأن أود أن أضع بين أيديكم بعض الحقائق العلمية المتعلقة بخفايا العيون والرؤيا بالألوان وأربطها بأولئك الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا أحادى اللون وأحادي التفكير, دون أن تنفع معهم الطرق الدينية أو الحوارات السياسية أو المصالحات الوطنية.. في ثنيهم على تشبثهم بفكرة الشخص الواحد واللون الواحد والكتاب الواحد…الخ

لقد حاول العلماء منذ قرون خلت معرفة كيفية الرؤيا بالألوان , ووضعوا العديد من النظريات المعقدة ولم يتوصلوا حتى يومنا هذا لحل كل الأسرار المتعلقة بالنظر بالألوان , وذلك لكون هذا الموضوع من أصعب المواضيع تعقيدا وفهما على العلماء .

رغم إننا نعيش في عالم ليس به ألوان!!! كما هو في الماء الذي لا لون له , أو في الهواء الذي لا لون له أيضا , إلا أنه توجد بداخل كل عين خلايا المستقبلات الضوئية والتي تحتوى على ثلاثة أنواع من الأصباغ ( الأحمر ,, والأزرق ,, والأخضر) مكونة بذلك الألوان الأساسية في الحياة……

من هذه الحقيقة التشريحية والفيزيوكيمائية للعين ينبغي علينا أن نحاكي العين في أفكارنا وأن نكون بكل الألوان….. لا بلون واحد , فخلايا العين الضوئية إن كانت ثلاثية الألوان فإنها تكون في مركز الإبصار وبالتالي تمنحا حدة البصر , أي بمعنى إن البصر القوى والسليم يرافقه النظر بالألوان , أما

إذا ما ابتعادنا عن مركز الإبصار فتصبح الخلايا ثنائية اللون , وأما في الأطراف فإنها تصبح أحادية اللون , ثم تفقد قدرتها على تميز الألوان.

وكأن بهذا الترتيب رسالة لنا نحن البشر في حياتنا , توضح لنا حدة ومركز الرأي السديد , بحيث نجد المتفتحين في الأفكار ومتقبلي الرأي الأخر هم من يجتمعون في الأماكن الفعالة ذات المراكز السكانية الكبيرة, أما أولئك الذين هم مصابون بأحادية التفكير أو الذين لا يملكون قدرة على التميز الجيد فإنهم يفضلون الابتعاد عن المراكز الحساسة شانهم في ذلك شأن خلايا العين ذات اللون الأحادي التي لا تبصر إلا قليلا عند الأطراف .

نحن نعلم بأن معظمنا يمتلك القدرة على إدراك الألوان , ونحن نعلم كذلك بـأنه من بيننا من لديه ضعف فقط في تميز بعض الألوان ولكن الذي لا نعلمه هو أن يكون لدى الإنسان القدرة على تميز لون واحد فقط , أي بمعنى أن يرى الدنيا باللون الأخضر فقط فهذا شيء نادر الحدوث ونسبة حدوثه هو واحد في المليون. ونحن نعلم كذلك بأن تكون هناك احتماليه إصابة القذافى بعمى الألوان الأحادي والذي هو شيء ربما وارد, ولكن الذي هو غير وارد هو إصابة باقي الملايين الذين معه بالعمى ( انا معاى الملاين) . وبناء على هذا فإنه يمكن إطلاق كلمة أعمى على أولئك الذين لازالوا حتى هذه اللحظة يعيشون بفكرة الشخص الواحد واللون الواحد والكتاب الواحد… حتى وان كانوا يستطيعون تميز الألوان….كما قال الله تعالى ( قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى‏) صدق الله العظيم.

إن حقيقة التفكير المعتمد على الرأي الجماعي تتجلي واضحة عند النظر في أعين الليبيين, بحيث نرى أن أعين الليبيين القادمون من قمم الجبال وكأنها أعين أوروبية , وفي الوقت نفسه نرى أن أعين البعض الآخر من الليبيين وكأنها أعين شرق أوسطية , أو أنها أعين سوداء إفريقية … وهذه هي ليبيا مثل عيون أهلها تجمع كل الألوان في قلبها , وترفض كل ما هو منتميا بلون أو فكر واحد.

إن الأسلوب الحقيقي لبناء ليبيا الحرية ليبيا الديمقراطية هو الأخذ بالرأي الجماعي وتقبل الرأي الآخر ونبد الرأي الفردي , وإن ليبيا لكل الليبيين وليس لفرد ما أن يحكمها لوحده أو أن يكون دكتاتورا عليها مثلما كان يفعل القذافي ويصدقه من هم على شاكلته , والذين أقول لهم إن القذافي زال وإن حكمه ولى إلى الآبد , فعليكم بمراجعة أنفسكم وأفكاركم وأهلا وسهلا بكم فأنتم ليبيون أولا وأخرا. أما الذي لا ينفع معه هذا الأسلوب في تغير نظرته, فأقول له كما قال الله تعالى ((وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)) صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. \ س. الرابطي


الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً