رداً على تفجيرات السلماني.. حُكم الإعدام يُنفذ ضد سُجناء مُشتبه بتورطهم.. والشارع بين مؤيد ومعارض

رداً على تفجيرات السلماني.. حُكم الإعدام يُنفذ ضد سُجناء مُشتبه بتورطهم.. والشارع بين مؤيد ومعارض

أميمة خطاب

أستاذة جامعية وباحثة حقوقية ليبية مقيمة في بريطانيا

صور برك الدم والاشلاء وحطام السيارات انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مُسببة لكل ليبي الآم تعجز الكلمات عن وصفها. زاد الحرقه والغصه صور الضحايا اللذين كان اغلبهم اطفال وشباب في عمر الزهور لم يروا من هذه الدنيا شيئاً. عشرات الجنائز خرجت يوم امس وعشرات الاجساد دُفنت تحت التراب مُمزقه ملفوفه بأكفان تحول لونها من الابيض الناصع الى الاحمر القاني بعد وقت يسير من وضعها على الموتى. أرواح أُزهقت بلا ذنب إقترفته الاكونها من سكان بنغازي.

لا مجال للنقاش بأنه ارهاب واجرام وبأن من دبر ونفذ مجرم ومتجرد من الأنسانيه.

همجية قتل الأبرياء إنتحاراً في السلماني تُشير إلى أنَّ الجماعات الإرهابية بدأت تلجأ للأنتقام من المدنيين إنتقاماً هستيرياً مُتسم بالوحشيه والبدائيه بعد ان سقطت المراهنة على الحسم العسكري أملاً في رفع بعض المعنويات المهزومة لأتباعها. وإلا لما لم يحاولوا  تهديد مركز سياسي أو أمني ذي مغزى. قد لا يحدث قتل المدنيين أثراً سياسياً أو يحقق مكاسب ملموسه لهولاء ولكنه يشفي صدورهم ويشكل رد فعل على الهزائم العسكرية التي تُمنى بها هذه الجماعات المتشدده ومشغليها. تصرف هولاء غير مستغرب ومنطقي ومتوقع فهم إرهابيين ومُجردون من الأخلاق والإنسانيه وكل مايملكونه هو القدره على التلاعب بِأدمغة الانتحاريين باسم الدين.

ماهو مستغرب وغير منطقي وغير مقبول بهده المرحله هو التعامل بالمثل مع هولاء. ان إعدام المتهمين  بالتورط في التفجير خلال اربعه وعشرين ساعه يقفل الباب على مسار العداله ويُضيع فرصة كشف الحقيقه. فمن يا ترى المستفيد؟

قتل السجناء في نفس اليوم ماهو الا عمل مشين ونتائجه ستكون وخيمه. إنتهاج هذا النهج للتعامل مع هكذا احداث سيقود الى نشر  ثقافة العنف  وحصد الأرواح لإشباع غرائز الانتقام والثأر والتشفي الغير مقبوله اخلاقيا والمحرمه شرعاً. لو كانت تفجيرات الصابري جريمه شنعاء وضد الانسانيه فقتل السجناء العزل مسلوبي الإراده دون محاكمه عادله جريمه لاتقل شناعه. الغريب والمؤسف ان الشارع الليبي يشهد انقسام كبير حول الخبر فالبعض يؤيد قتل السجناء انتقاماً وتشفياً والبعض  يشجُب ويستنكر. اصبحت بنغازي وبحق ارض الالغام ارض الحب والكراهيه ارض الظلم والعدل ارض إرتوت بدماء ابنائها وابناء كل المدن الليبيه بلا استثناء.

نعم مكافحة الإرهاب أولوية وطنية وقومية ولكن التعامل مع الإرهابين بنفس الاسلوب يجعل استراتجيات جميع الاطراف  تتقاطع وتحقق اهداف مشتركة اولها استهداف الأمن السلمي الاجتماعي الليبي مما يتطلب من الليبين اليوم ضرورة الخروج من الانقسام والاتفاق على نبذ العنف والتوصل لقاعدة تفاهم مشتركه عبر الحوار للوصول لحلول جذريه للأرهاب ، حلول فكريه وليس فقط امنيه. يجب نشر الوعي حول اسباب الأرهاب ودوافع العنف وتطوره. يقول الدكتور محمد الحدديدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة المنصورة بمصر، “ينشأ العنف  حينما يجد التربة الخصبة التى ينمو فيها، وهناك بعض الأشخاص الذين تعرضوا على مدار حياتهم لمشاكل نفسية وضغوط أكبر من قدرتهم على الاحتمال، حولتهم إلى تربة خصبة يسهل استقطابها ودفعها نحو ارتكاب أى أفعال إجرامية متطرفة، بعد إجراء عملية غسيل مخ لتبنى تلك الأفكار”.  هكذا ببساطة هو التحليل النفسى لشخصية العنصر الإرهابى الذى رفع سلاحًا ووجهه لصدر مصلين عزل ولكنه ايضاً قد ينطبق على من ينتقم بيديه ويقتل سُجناء عُزل.

بالختام اقول، يُعد اعدام السجناء دون محاكمات عادله مخالفة صارخة للقانون الدولي. وبينما نشجب، عن حق، ما ترتكبه الجماعات المتطرفه من فظاعات، إلا أن علينا ألا نغض الطرف عن عمليات القتل التعسفي التي يرتكبها ضباط الجيش و القوات والموالية لهم ضد السجناء في سجون الشرق الليبي. لابد من توجيه نداءا للجهات الحقوقية للتدخل العاجل والعمل على وقف الجرائم ضد سجناء قرناده بنغازي ولابد لكل صاحب ضمير حي فضح الانتهاكات المُمارسه ضدهم  وإجبار قوات الجيش على وقف العناصر المتورطه بقتل واسأءة معاملة السجناء.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أميمة خطاب

أستاذة جامعية وباحثة حقوقية ليبية مقيمة في بريطانيا

التعليقات: 4

  • نعمان رباع

    احتي الفاضلة اميمة الخطاب انتي نشمية واخت رجال انتي تذكرينني بالقامة الوطنية خلود الخطاطبة

  • نعمان رباع

    كل الاحترام لكي اخت اميمة

  • سعيد رمضان

    لا ندرى هل تعلم الأخت الكاتبة الفاضلة بأن هناك صراع مذهبى بين السلفية المدخلية التى تؤتمر بأمر الشيخ الفلسطينى المقيم بالسعودية ” ربيع المدخلى ” والتى تؤيد المشير حفتر وتقاتل الى جانبه ضد الأخوان المسلمين ومن يناصرهم من أنصار الشريعة التى تحولت بالكامل الى سلفية جهادية ” دواعش ” ، وبعد هزيمتهم النكراء على يد جنود الكرامة والقوى المتحالفة مع حفتر من شباب القبائل وشباب بعض المناطق فى بنغازى وكتيبة التوحيد السلفية التى تسيطر الآن على كل مساجد بنغازى والمنطقة الشرقية بما فيها دار الأفتاء التابعة لحكومة الثنى ،وماحدث بمسجد ” بيعة الرضوان ” بالسلمانى هو حرب أستنزاف من بقايا الدواعش والخلايا النائمة ضد المتحالفين مع حفتر ، فقد تم رصد جماعة حفتر التابعين للسلفية المدخلية منهم ” أحمد الفيتورى ” آمر لجنة التحريات والقبض وحارسه الشخصى وكذلك نائب رئيس المخابرات وبعض العسكريين أثناء خروجهم من أداء صلاة العشاء بالأضافة الى العشرات من سكان منطقة السلمانى ممن لاجمل ولاناقة لهم فى هذا الصراع المذهبى ،فأنفجرت السيارة الأولى وخلفت بعض الضحايا وحينما هرع الناس لأسعاف المصابين وبعدها بخمسة عشر دقيقة أنفجرت السيارة الثانية والتى كان أنفجارها أقوى مخلفا الكثير من الضحايا ،حتى رجال الأطفاء لم ينجو منها ،نعم
    ماحدث جريمة نكراء وأنتقام فى غير محله راح ضحيته أبرياء لاشأن لهم بالصراع بين هذا وذاك ، ومن أجل الحفاظ على ماء الوجه لما يزيد عن مائة جهاز أمنى فى بنغازى قام المدعو ” محمود الورفلى ” بجلب عدد عشر مساجين تابعين للجماعات الأسلامية ممن تم القبض عليهم فى عملية تحرير بنغازى ، وقام بأعدامهم أمام مسجد بيعة الرضوان وفى نفس مكان التفجير برصاصة لكل منهم فى الرأس ، فالرائد محمود الورفلى من أتباع السلفية المخلية التى تبح أعدام الأسرى ، وهذا بالطبع أعدام خارج القانون ولاندرى لماذا لا تقول المحكمة العسكرية فى جيش حفتر كلمتها مثلما تفعل المحاكم العسكرية فى الجيوش النظامية ؟ بكل أسف ماحدث يعتبر صراع مذهبى دخيل على أبناء ليبيا الوسطية ،فتفجير بيوت الله أو قتل الأسرى علنا ثقافة مستوردة نحن فى غنى عنها .

  • نعمان رباع

    اختي الفاضلة اميمة الخطاب كل الطرق للاسف تؤدي الى الوطن البديل

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً