العدمية السياسية

العدمية السياسية

نحن الليبيون الرافضون لكل شيئ . رافضون للمؤتمر الوطنى و رافضون لمجلس النواب و رافضون لحكومة الثنى و رافضون لحكومة الغويل و رافضون لفجر ليبيا و رافضون للكرامة… رافضون لكل الأحزاب و لكل التيارات  المدنية و الغير مدنية!. و بعد ما يقرب من سنة و نصف من الحوار السياسي المضنى من غدامس للصيخيرات للجزائر للقاهرة لتونس لروما لميونيخ ,  و بعد الوصول لإتفاق و التوقيع عليه , برعاية الأمم المتحدة و دول كثيرة ظاهرة و مخفية !! , ها نحن رافضون لمخرجات الحوار و للمجلس الرئاسى و لحكومة الوفاق الوطنى الناتجة عنه.

كلنا حريصون على الوطن و المواطن, و باسمه نحرمه من التعليم و من الصحة و من الحياة الكريمة ,و نبكى لإنعدام الأمن و تفشى الجريمة و كثرة عمليات الإغتيال و الخطف, و نرفض رفضا تاما الحكومات الورقية الموجودة شرقا و غربا ونرفض  حكومة الوصاية!! حكومة الوفاق الوطنى التى اتفقنا عليها فى حوارنا السياسي!!!

ماذا نريد؟؟؟؟ نريدها ان تستمر فوضى حتى تتلاشى دولة ليبيا بالكامل ؟ و على و على اعدائى الذين هم فى الحقيقة اخوتى و اهلى ؟ ما هذه العدمية السياسية التى نمارسها؟

الإتفاق السياسي الذى تم الوصول اليه هو اتفاق  جيد بل وممتاز, وفى عمومه يلبى طموحات الليبين فى بناء دولة المؤسسات ,و احترام الحقوق و الحريات ,و التداول السلمى للسلطة ,و معالجة كافة القضايا التى انتجتها حالة الإحتراب الداخلى .   توجد بعض القضايا الجدلية و المحدودة يمكن مناقشتها وحلها بالتدريج ,و ليس هناك فى السياسة شيئ مقدس فكل شيئ قابل للتطوير و التعديل و لكن لابد من بداية . لابد ان نعيد للبلاد وحدتها الضائعة و المشتة بين حكومات وهمية , و مؤسساست ثنائية لاجدوى منها سوى مزيد من  التمزيق لهذا الوطن الذى اصبح ممزقا فى واقع الحال . علينا الإقرار بأننا نعيش اصعب مرحلة فى تاريخنا الحديث ,و اننا فى واقع الحال فى حرب اهلية ,و ان مرحلة بناء الدولة الليبية من جديد يقتضى الإتفاق من البداية على انه لا غالب و لا مغلوب و ان جميع الليبين معنيون بنفس الدرجة ببناء هذه الدولة . ليس هناك منتصر و مهزوم ,و ليس هناك ثوار و ازلام ,و ليس هناك مواطن درجة اولى و مواطن  درجة ثانية فالحمد لله نحن جميعا نعيش  الآن درجة رابعة لإننا تجاوزنا حتى ما يعرف بالعالم الثالث!!!

من هنا علينا تغليب النظرة المستقبلية التى ننشدها لا ان يشدنا الماضى الى الأخطاء التى ارتكبت من هذا أو ذاك ,ولا ننطلق من افكار مسبقة سواء نحو بعض الأفراد او التنظيمات . الدخول فى الحوار يعنى القبول بالآخر و استيعابه و محاولة الوصول الى قواسم مشتركة من منطلق تغليب المصلحة الوطنية . مقتضيات حل الصراع و بناء السلام بعد الحروب الأهلية تقتضى مشاركة جميع الأطراف المتصارعة فى العملية السياسية ,و فى السلطة الإنتقالية دون اقصاء شريطة ان تكون ملتزمة  بما جاء فى الإتفاق السياسي . من هنا علينا الإبتعاد عن المطالبة باقصاء  بعض القوى المشاركة و الموقعة على الإتفاق السياسي ,من المشاركة فى السلطة ,ففى جميع الأحوال نحن نتحدث عن مرحلة انتقالية مؤقتة هدفها اعادة الإسقرار و توحيد الدولة الليبية و المحافظة على كيانها.

معركتنا الحقيقية هى كيف نصنع السلام لا كيف نكسب الحرب .  الحوار السياسي لحل الصراع بين الأطراف المختلفة هو بالتأكيد ليس حوارا بين الأصدقاء,و لكنه فى الطف وصف له هو حوار بين المتخاصمين و فى حقيقته بين الأعداء ! الم يقتل بعضنا  بعضا !!

علينا ان نتيح لحكومة الوفاق الوطنى الفرصة لكى تبدأ مهامها من العاصمة, و ان نحاول دعمها على بسط الإستقرار, و البدء فى حل مشاكل المواطنين العاجلة ,و ان ندعمها فى تنفيد بنود الإتفاق السياسي . بعض الأمور قد تحتاج منا الى مراجعة و بالحوار الهادئ و العقلانى سنستطيع تجاوز كل العوائق, و لا يقولن احد بأن هذا الطرف مسيطر فواقع تشكيلة المجلس الرئاسى و آلية اتخاذ القرار به تحول دون تفرد أى طرف باتخاذ القرار فى الأمور الحيوية و القضايا الخلافية.

لابد من نقطة انطلاق نبدء منها فى حلحلة الأمور و فى تنفيد بنود الإتفاق السياسي و هذه البداية هى تمكين حكومة الوفاق الوطنى فى مباشرة عملها من العاصمة طرابلس.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً