عن النرويج، وزارة السعادة، والسجناء الليبيين في الإمارات

عن النرويج، وزارة السعادة، والسجناء الليبيين في الإمارات

في يوليو 2011، نشرت صحيفة الدايلي ميل البريطانية مقالا لكاتب غير مشهور اسمه “بيرس هيرنو”. كان المقال يتحدث عن تجربة فريدة قامت بها النرويج، سجن مثالي. كتب هيرنو ما كتب بعد قيامه بجولة ميدانية داخل السجن النرويجي المثالي وحديثه مع سجناء وسجانين والتقاطه صورًا داخل السجن.

المقال طويل وبالإمكان الوصول إليه بسهولة من خلال غوغل عبر إدخال اسم الكاتب مع كلمة “النرويج”. باختصار يتحدث هيرنو عن سجن باستوي في النرويج، وهو عبارة عن سجن مقام على جزيرة معزولة. يتوفر السجن على كل ما قد يحتاجه بشر، غرف نوم أشبه بغرف الفنادق، مكتبة، انترنت، مقهى، صالة رياضية، وشاطئ للاستجمام.

خلال جولته، تحدث الكاتب مع مسؤولي السجن. يقول مدير السجن: “أعتقد أننا لو غيرنا طريقة تعاملنا مع السجناء، يمكن أن نقلل من فرص عودتهم لارتكاب الجرائم بعد خروجهم من السجن”.

وأكد المدير بأنه لم يقع أي حادث اعتداء على أحد في السجن من قبل أبدا. ولاختصار وضع السجن والسجناء، يقول أحدهم بأنه، بوجود الانترنت والكمبيوتر، بات قادرا على استكمال بحثه الذي كان قد بدأه قبل سنوات في علم الاجتماع وانقطع عنه قبل إحالته إلى السجن المثالي.

هذا مثال من النرويج التي لم تبرح مكانها من بعد أول خمس دول في مؤشر السعادة العالمي منذ إطلاقه قبل سنوات قليلة. على ذكر مؤشر السعادة، أعزى التقرير الأخير الصادر في 2015 وجود النرويج رفقة الدنمارك والسويد على قمة “السعادة” في العالم إلى أسباب عديدة أهمها: ارتفاع معدل مشاركة المجتمع المدني في الحكم، ارتفاع معدل المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي ارتفاع نسبة الثقة في الحكومة والثقة في المجتمع ككل.

في العام الماضي، قرأت المقال للمرة الأولى في الجامعة، واليوم بعد عام كامل أجدني أتذكره وأعود إليه. قبل أيام قليلة، انتشر خبر قيام حكومة الإمارات بتعيين وزيرة للسعادة، وهذا الخبر هو ما دفعني للعودة إلى المقال المذكور.

كشاب عربي، أعتز وأسعد بالتطور التكنولوجي الذي وصلت إليه دولة الإمارات، وإن كان تقدما مستوردا، لا بأس، ولكن هل يكفي هذا؟ وهل تكفي وزارة السعادة لنشر السعادة؟ هل تكفي وزارة السعادة لمحو آثار ما فعلته قوات الأمن والمخابرات في السجون الإماراتية؟ بالطبع لا.

على العكس، بدا لي الخبر مستفزا إلى حد كبير، ففي الوقت الذي أعلن فيه ابن راشد عزمه استحداث وزارة للسعادة، كان السجناء الليبيون يُسامون سوء العذاب.

وفي حين أعلن ابن راشد استحداث وزارة للتسامح، كان السجناء الليبيون محرومين من أبسط حقوقهم، محرومين حتى من حقهم في معرفة تُهمتهم.

النرويج لم تكن يوما بحاجة لوزارة للتسامح ولا لوزارة للسعادة، لأنها أخلاق تأصلت في الناس، والحكم في البلد للناس.
أما هناك في الإمارات، فلا شك عندي بأن التسامح خلق متأصل لدى العامة الذين رأيت منهم خيرة شباب العرب هنا في الجامعة، ولكنه للأسف منعدم لدى تلكم الشرذمة الحاكمة.

عجل الله لإخوتنا المغيبين الفرج من أيدي الظلمة

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً